ظِلال رَبيع يَأبى خَريف عُرْيُه! وتَدور بِنا عَجلة الزمَان.. ماذا أقول لأمْسٍ يُولد اليَوم.. وَيُثير الشَجن بِرقّة.. وَنِعومة سَريْان المَىّ بتدلله رِواحًا ومَجيئًا.. زَحف بَدن..؟ وترمِينا رَهص حِلم.. يَصهرنا ويهصرنَا الفِكر.. وفِى إحدى الحِوارات الصَحفيّة.. التي أجريْتها مَع الأديب الكبير الرَاحل (يحيى حقى) يَرحمه الله لجريدة (الوفد).. حَيْث كان يوضّح لنا.. كَيْف كان يُراجع الموضوع قبل نَشره 40 مَرّة إعادة كتابة..! ويَنْحَت اللفظ مَكان اللفظ.. حَتى يَصل للكلمة الواضحة.. تَحمل على أجنحتها يُسر وتحلّق في مَدى الأفق.. فتَصل لأكبر وأعرض مِساحة مِنْ الجمهور..! ولِقاء مَع الأديب الرَاحل والمُفكّر المِنْسِى في حَيْوات الإبداع.. آخر جيل العَمالقة الأستاذ (أنيس منصور).. وأخونا الكاتب الأريب (سليمان جودة) بعموده اليَومى الأشهر عَلى صفحات جريدة (المصرى اليوم).. والمتألق في صَحيفة ( الوفد).. وهو رئيس تحريرها الأسبق.. وغيْرهما مِنْ وَسائل الإعلام.. وأراه ينتظر سَاعات تتضفّر بسَاعات يَومِيّا.. حَتى يَجرى مع (أنيس منصور) مقابلة صحفيّة.. يَقول لنا فيها.. أنه كاَن يَكتب عَموده أكثر من عِشرين مَرّة.. حتى يَصل وينتقى الأسهل والأيْسر والأبسط.. ويصل لكل ّالناس.. عَكس أستاذه العَقاد..! ويَدفعنى الأمس لدفتر الذكريات.. وتسوّد مُخيّلتى المتواضعة بقراءات (توفيق الحكيم).. عندما يسأله من يسأل عَن الإبداع.. تخيّل حَبيبى ماذا قاَل..؟ يقول: إن أفضل ما يَفهمه في الإبداع هو ( أنه الكلام الذي إذا مَا قرأه أي إنسان.. ظنّ أنه يَستطيع أن يَكتب مثله..!) فيَا لعُمق العِبارة وبَساطتها.. ويُمارسه أغلب المُبدعين وأنصاف المَوهوبين..؟ وهى تجربة عَمليّة.. يَمرّ وتمرّ بروح مُعظم مُحبى الكَلم فنّا ًوإبداعًا..؟ وكم تخلف وَجعًا وشجنًا.. وأحْيَانًا ألمًا وعَجزًا.. لعَدم الوصول لذاك أو هَذا النصّ ثمرًا مُشبعًا لفيْض النزف وألم الجرح..! ونرحل إلى عَالم (يوسف إدريس).. الذي يواجه (طه حسين) وركبه من كبار الكتاب وعُلماء اللغة.. عندما يُصرّ على عِنوان مجموعته الأدبيّة.. عًوالم قصصه القصيرة التي تزيح ما قبلها من ريْادات متفرّدة.. وتمرّد تميّز في دنيْا الأدب.. والمتفجّرة قمّة في بدايْة نشرها وسريْانها في الروح ( أرخص ليالى).. ويَتمسّك بَهذا العَنوان.. مُخالفا قواعد اللغة وإن كنا نختلف مَعه دون حَذف اليْاء من ليالى.. وعندما سَألوه.. يقول بُكل حِديّة وإصرار وعِناد المُبدع ( إننى أتبع قَواعد الحَياْة.. لا قواعد اللغة..!) ويواصل: هَكذا يَنطقها الناس ( أرخص ليالى ).. لا ( أرخص ليال)..؟ بغية الوصول لأكبر قدر من الجماهير التي يكتب منها ولها وعنها..؟ الإبداع شجن أبد.. ونقش حُبّ لايرحل.. وأبد لا يَزل.. لم ولن يَزِل..! فلا خِتم يُسر.. ولاتوقيع صُعوبة يَجيز له المُرور داخل النفس إبداعًا..! إنّما هو تفجّر روح.. تثير رُوح أبدًا.. أبد..! ماذا أقول بَعد أن دَارت عَجلة الزمن.. وأجبرت الرحلة على العودة للوراء بإغراء جميل الحَرف.. وجَاذبيّة شجن الرُوح.. وسِموّ عَطاء قلب يَحبّ في الله.. وبِودّ نفس.. تجمع الأحباب والأصدقاء.. راغبة في كُل جَديد.. ومتعطّشة بإخلاص للتعرّف على عَوالم أجدّ وحيْوات هُنا وأخرى هُناك..؟ مَحطات كانت تَجمعنا.. وبَيْن ضلوعنا أحْلام.. لايَعرف مَصيرها إلا الله..! ومُدنًا عَليْنا أن نَصل إليْها.. نَجهل أسْماَء شَوارعها.. وفى سَواد ليْاليها تضمّنا أزقّتها.. وتتطلّع في شَغف إلى عِلوّ مَبانيها.. ويَتوه الفِكر في رَجرجة الحَيْاة بيْن جُدرانها..! وَعن عَمد.. تُلقى بِنا من عَلى نافذة حجرة صغيرة.. متأمّلا شارع (أحمد حَسن الزيّات ) في منطقة ( بين السرايْات ).. والملاعب الريَاضية بالمدينة الجامعيّة.. في انتظار الإخوة والأصدقاء من جميع الأقسام.. على طبق فُول في النصف الثانى من الشهر.. والنصف الأوّل أنصاص الكبدة والسُجق.. التي قبيْل أن نأكلها نستلذّ رائحتها..! وبقسوة هروب الزَمن من أعْمَارنا.. تلقى بنا من عَوامة (السيد عبد الجواد).. وتنزعنا من أحضان (هنّومة برّ مصر).. ويصل لآذاننا عِراكنا حول فيلم (حدوتة مصرية).. وتأخذنا على الكورنيش.. وتصعد بنا المقطم وقد كان خاليْا.. إلا من آمال تتراقص على أنغام شريط (شبابيك) للفنان (محمد منير).. ويسكرها كلمات ذائبة في عذب نهر الخلود.. يوم فاض بدرّ كلمات (حدوتة مصرية).. والكلمة المفقودة مثل حُبّنا الأوْحَد في عُمرنا.. (ياناس ياناس يامكبوتة/ هي دى الحدوتة)..! ونِهرول إلى شقة الفنان الكبير (محمد منير).. وفينا صديقى العَاشق له.. يَنوى إعداد (حوار صحفى) معه في جريدة (صوت الجامعة).. التي تصدر من قسم صحافة بكلية الإعلام بجامعة القاهرة.. وفى حقيقة الأمر تشغف روحه للقاه.. كَما كَان طموح وتطلّعات أحلامنا تلتمس عَتبات الوفد وصباح الخير وروز اليوسف والكواكب وأسانسيرات الأهرام وهيئة الكتاب وماسبيرو..الخ بيْنما ارحل أنا وخُضرة الورق المِتنّدى على غُصن.. رطبّه الربيع.. يُغار من عيون الفنانة الراحلة (فايزة كمال).. وهى على باب الفن.. تطرق مسرح السلام بشارع القصر العينى.. ومايزال يقدم فنًّا يثيرا شجناّ ويداعب فكرًا.. ولكن للأسف بلا.. بلا صدد لتصفيق جمهور حقيقى ينتشى فنًّا.. ولايركن على مقاعده الزرقاء بعد التجديد بديل كافيهات.. ! وترتعش أنَامل الروح وهى تقبض على سن قلم يسطر أوّل حوار فنّى معها.. ! كم هي قاسيْة الأحلام.. في شدة عذابات إباء حبّ في الله لم يَتم..؟ كم هي عنيفة في صراخها الأضج.. تَشدّنا أبقارًا مُغْمَضة الأعيْن.. تدور في سَاقية الحَيْاة لتروى.. تروى أيضا بأرواحنا حيْاة أخرى..؟ وبرقّة ورقى صدق المشاعر تصدمنا.. تصدمنا جَوارح جَارحة.. بفُجائيّة الحَاضر وآنيّة شَظف الوَاقع.. نَصلًا حَادًا في رَبطة حَرير عَلى عُنق.. وتُشعرنا بِحَاضر عَطب.. وموائد بَلاستيكيّة بَلا لون ولاطعم ولا رائحة.. واكتناز وُجوه بِمنحنيْات البَلادة.. وندبِات العُنف.. وتتجمّد الأحرف بَيْن دون لضم أسْطُر.. وتتكسّر المَعانى فِى المَدى.. ونَحن نتأمّل بِرواز سَماحة الطلّة.. وضَىّ التواضع.. وخَجل الفِطرة.. وجَمال الرُوح.. ينادى عَليْنا في صَوته..؟ إنّه من خَسرتُه الأرض.. واستردّته جِنان السماء.. لينعم في الخلود بجوار الرحمن.. مُنتظرًا رَفيقة قِصر عُمره.. الحُبّ الوحيد الذي عِشناه وهو.. العَائش بَيْننا ولاتستحقه أرضنا.. فأمرّ الربّ بِحرماننا من أندر إبداع بَشر..! إنّه أخونا الصحفى الموهوب والأعظم إبداع بشر(عادل القاضى).. صحفى جريدة (الوفد) نابغة كتيبة القلم الشهيد (مصطفى شردى).. الذي شهدت الجريدة على يَديْه مولدها الفز.. يَرحمه الله.. يارب..؟ وهو يلحّ في لمّتنا.. من حِين لآخر.. ويَحرص عَلى مَدّ جسور التواصل بَيْننا دَائما أبدًا.. رحمه الله.. ووصل إليْه التماسنا لِدى الربّ.. ليَعفو ويَغفر لنا.. مَدى مَا ارتكبناه في حق أنفسنا قبيْل حَق بَشرنا..؟ وبكل نِعومة حَنان.. تفتقد ضلوع تئن تَحت جِلودنا.. يَتسلّل الشَجن الجميل بَيْن تمرجح ضفائر الجُمل.. ويَتسرّب إلى دِمانا صفو حسّ.. ! كم تركنا الأيّام تمرّ بأجواءنا لصًا وخِلسة.. لم يَعرفها (ملحد) ديستوفيسكى.. وهو يبثّ سمومه في أوردة وشرايين شقيقه..! وتصغر أمامها ألاعيب غجريْته الفاَتنة..؟ وتلقى بنا بَلاهَوادة مِن عِشّ حُبّ.. بين عِيدان قشّه يُغرّد عصفور ماتبقى من عمره.. وبين شَفتيْه بقايْا ناى مَكسور..! أيّام تروح.. وشُعور جميل في طريقه لكى يَروح.. أم أنّه أخى الحبيب رَاح..؟ ولم.. لم يَمنح لنا الزمن فيه مَسافات بَراح..! تهوى بنا بدون بساط الكاتب الكبير ( حسين فوزى).. في رائعته (سندباد مصرى).. ضَائعًا بَحقّ بيْن رُؤى (حسين مؤنس) في ( مصر ورسالتها).. شَاردًا الفِكْر بيْن ظِلال وسَموات الكون وغيْمات زَمن يعبر أيّام وتاريخ (سيريل فوكس).. في بديع مؤلفه (شخصية بريطانيا).. والتي لاتتماس وعَظمة حدود معبد (جمال حمدان) في (شخصية مصر).. و.. و.. هل تختفى الأحلام.. أم نَحن الذين مِنها هربنا وفررنا.. واختفيْنا..؟ ربّما لأنها أثقل مِن أن تَحملها أكتاف قدراتنا.. فغدت عِبئًا عليْنا..؟ أم خَجلًا من عَجز عَنْ تحقيقها.. و.. وبرّرنا لأنفسنا مَابرّرنا.. وَعِشنا والسلام.. نأكل ونشرب ونتزوّج وننجب.. و.. وبِعنا..؟ يومًا مَا.. مات شاعر مصرى.. قتلته كلمة..؟ عندما قال له من تكتنز عِظامه بسماكة جلد خرتيت أجوف.. اغتصبت مشاعره ووجدانه من إنسانيته يوم ولد.. يَطلقون عليه العِميْان (إنسان)..! وللأسف أيْضا.. لا أعرف من اعتبره عَلى خريطة الحِسّ المصرى (شَاعِر)..! قال له في صدمة.. بعد مُعاهدة السلام ( لقد بِعت..؟ ) وفقدنا الشاعر الكبير (صَلاح عبد الصبور)..! ونحن..؟ مَن نحن.. بعد كُلّ هذا الزمان..؟ نحن لم نمت..! ولكن حقًّا بِعنا.. بَعنا..؟ بِعنا أحْلام أمس بِدراهم مَعدودة.. وعَقارات.. وشاليهات.. وسَيّارات.. واكتناز أموال.. و.. وما أغلى ما بِعنا.. وما أبْخس ما اشتريْنا..! تُرى.. أم هي الأحلام التي أسفت لنا وعَليْنا.. ! وتوارت خجلًا منّا..؟ ونحن.. نحن ما استحيْنا..؟ تُرى.. ألأحلامنا عَهدًا وفّيْنا..؟ أم لوِعُودنا أبيْنا..؟ أم ورَاء طِموحات ذَواتنا.. ولسعات شَهواتنا هَرولنا.. ولنطفئها سَعيْنا.. وجريْنا..؟ وأغوتنا زَوْجاتنا.. وزينة أولادنا.. وضعفًا في هَوانا جَرّونا جَراّ.. وهَويْنا..! وشره أنفسنا يَلفّ أعناقنا.. وطمع حيْواتنا يَغمى بَصيرتنا قبيْل أعيْننا.. وفى سَاقيْة أعْمَى دُرنا.. ودُرنا..! مَن نَحن..؟ حَقًّا مَنْ أنا..؟ مَن ْأنت..؟ ومَا ذَاك الذي غَدا ظلًّا منّا..؟ وأبَى أن يَهرب مِنْ حَوَاليْنا..؟ كمَا تَمنّع السَواد عَنْ التحاف شَيْب شَعريْنا..؟ ويَرحل بيْاض قلب ورَماد.. رَماد غيْم يَفترش رَوحيْنا..؟ وكما يَرفض أوْحَد حُبّنا فِى الله في دِمَانا يَسرى مُنْتَهى عِشق ولايبقى دَومًا..! شَىءٌ مَا.. شىءٌ مَا يَبقى بَيْننا..؟ أهى أطلال بَضّ آمَال لاتزل.. لاتزال تئنّ في مَهد أمس..؟ وبَيْن بَيْن ضِلوعنا تَلتمس التِرْحَال..؟ أم نثرات صَفا في غَيْب نَفس.. تحاول أن تَمسك بفتات سِموّ ونقاء ثوبها.. بَقايْا تمزّقات لَيْال وسَنوات عُمرنا..! وفى ظلام ليْل نَتوه.. بلا سّواد قلب.. ولابَلل نَدى يَغتصب سَحرا.. ولا ظلال قمر.. كُلّ واحد منّا في مِضمَاره يَصهل جَوادًا.. لايَعرف الكسل أبدًا.. أبدا..ويمرح على سكّر الطموح.. وإبداع رُؤايات الأحلام التي يراها حقيقة.. ويحياها تطلّ وشفق فجر لقاءاتنا.. يزيّن كل اجتماعاتنا..! وتتهادى قطيّرات الندى.. تغسل قناديل الرؤى بنينى أعْيُننا.. التي ترفض الاستسلام والسكون نومًا أو حتى غفلة.. في حُضن حَنين الأغنيّات.. تنطلق تَرنيمة عِشق مَفقود.. ولحن افتقاد شوق لروح بلا وُجود..! لا مَثيل في وُجود حُبّها..؟ ولا مِثل لها في فقد روحها..؟ ولا شبيه في عَذابات بُعادها..؟ حَيْوات تنبعث.. تقطع بنا مَسافات.. وتحملنا الأزقّة.. وترمينا الطرقات.. ويَظلّ بَيْن قلوبنا.. شيءٌ ما يِبقى..؟ تسافر أرواحنا عِبر الزمن بترحالات الجَسد.. و ويبقى شيء مَا في عيْون الأحبّة مُنتهى صِدق..! أطلا ل أغصان بلا أوراق.. ولا ضلّ..! قطيْرات دمع.. قطيْرات دمع تحاول أن تتسلّل بَيْن جِفنيْنا.. ويَأباها شيْب اعتلى مَنكبيْنا.. ! ربما تبلّل رموشنا.. غصب عَنّنا.. كم نَحن في حَاجة لكى نقول لكل أصدقاء الأمس جميعًا.. نحن نحبكم.. حقا نحبكم في الله..؟ أدامكم.. وأدام الله جميع الإخوة والأحباب مَا تبّقى في أعمارنا.. بَقاء وِدّ.. ووصل سَكينة نَفس.. وتواصل رَحم.. وفَيْض وِدّ.. تُغرق كُلّ ضفاف الأرض.. وتعلو كل أسوارها.. تعبرها وتغرقها حبًّا في الله عزّ وجلّ..؟ وغشى أرواحنا الصَفح الجميل عن كُلّ قول أو فِعل.. يمَسّ تواضع حِسّ أمام عظيم مشاعركم.. أومن يحاول يمزق ستر روح أمام جلّ أرواحكم....؟ وليسامحنى الله.. ويعفو عنى من تماسه غصب عنى من شرود نفسى.. وعجزى عن قدرتى في ترويض ذاتى من شرّ لمسٍ أو قولٍ.. أصاب مجرد ضِلّ حضوره مِنْ ضرّ.. أو حَفيف هَمس نيّة شعور ممكن يصله فيغضبه..؟ وليَعْذرنى.. من عَجزت عن أن أوّفر له حتى الاهتمام الذي يَفرضه ربّى وربّه في حُضور شَخصه أو مَنْ يَهمّه أو أىّ فَرد مِنْ أهل بَيْتَه..؟ أدَامكم الله لوَهننا دَوام مَدد.. وفى الله عَظيم سَتر..؟ يَارب..