ينفى الإخوان أن لديهم جهازا سريا خاصا، ولكن دائما ما تتكشف أكاذيبهم بهذا الشأن من خلال شهادات لإخوان قدامى عملوا فى الجهاز السري،أواطلعواعلى المعلومات الخاصة به عن قرب .. ومن هؤلاء المستشار الدمرداش العقالي الذى انضم للإخوان في سن صغيرة،وتربى في كنفها مبهورا بشخصية مؤسسها الامام حسن البنا، والتحق -على حد قوله- بالتنظيم الخاص الذى انشأه الإمام المؤسس، وشارك فى أعماله وساعده ذلك على الإلمام بكل كبيرة وصغيرة عن الجناح السرى المسلح للجماعة. العقالى يؤكد ل«فتيو» ان الجناح السرى كان أداة جماعة الاخوان المسلمين لتصفية اعدائها ومعارضيها، بدءا من حوادث الاغتيالات ضد الجنود البريطانيين فى 1946، ثم حادث مقتل القاضي الخازندار فى 22 مارس سنة 1948،ثم مقتل رئيس الوزراء محمود فهمى النقراشي باشا فى 28 ديسمبر 1948. يقول العقالي:إن انشاء التنظيم السرى الخاص فى اواخر الثلاثينيات يعد احد ابداعات واخفاقات حسن البنا فى نفس الوقت, فقد بناه من خلال فرق الرحلات،وساعده نشوب الحرب العالمية الثانية في سبتمبر 1939على تطوير شكل التنظيم العسكري للإخوان, ليكون تحت تشكيل النظام العام لجمعية الكشافة،مضيفا : «الجهاد» عند الإمام البنا كان فكرا عقائديا, ساعد علي تنميته وجود الاحتلال البريطاني على أرض مصر،حيث أخذ البنا من هذا الاحتلال ذريعة لتبرير إنشاء أجهزة سرية لمواجهة التحالف بين الاستعمار ورأس المال آنذاك،والحقيقة أنه ليس حسن البنا وحده من أسس ذلك بل كان للوفد أيضا جهاز سرى يرأسه عبد الرحمن فهمي،وكان من بين أعضائه محمود باشا النقراشي،وأحمد باشا ماهر،وهؤلاء قتلوا السيرلى ستاك البريطاني عام 1924،وكل ذلك كان مبررا في ظل الاحتلال البريطاني، وكنت أنا وغيري أعضاء في هذه الأجهزة السرية. ويوضح العقالي أن التنظيم الخاص للجماعة كان منقسما إلى تشكيلين الأول جهاز سرى مدني برئاسة عبد الرحمن السندي،والثاني التشكيل العسكري في الجيش، والذي ترأسه جمال عبدالناصر ليصبح بذلك كيانا إخوانيا يقدر على تغيير الحياة في مصر على المدى البعيد، وذلك عن طريق ما يسمي ب»القيادة بالأهداف»، وكان التشكيلان منفصلين في الجسم متلاقين في الرأس اى القيادة. ويستطرد قائلا : ولم يكن يعلم عن هذا التنظيم السرى أحد من أعضاء مكتب الإرشاد من أمثال محمد الغزالي وصالح العشماوي وباقي الأعضاء،ولذلك حين قتل حسن البنا عاشت الجماعة في متاهة بين جهاز سرى وقيادة لا تعلم عنه شيئا،حيث استغل الملك فاروق ذلك وتمكن من أن يختار مرشدا بمعرفته وهو حسن الهضيبى، الذي رفضه التنظيم السري ولكن كان الرفض مكتوما، لأن جماعة الإخوان في ذلك الوقت 1949 كانت منحلة وفقا للقرار الذى صدر في 8 ديسمبر 1948. و عن مدى حرص قادة الاخوان على اخفاء حقيقة التنظيم الخاص , يقول العقالى : أتذكر جيدا حينما كنا نجلس مع الشيخ أحمد حسن الباقورى شيخ معهد أسيوط الديني، ووكيل حسن البنا كان كلامه معنا يدل على عدم معرفته بالتنظيم تماما،وفى يوم مقتل القاضي أحمد الخازندار في 22مارس 1948 خرج الشيخ الباقورى متسائلا: «من الذي يقتل الخازندار؟» برغم أن من قتلوه هم اثنان من شباب الإخوان المسلمين انتقاما منه للحكم الذي أصدره ضد مرتكبي حوادث 1946. ويوضح ان اواخر فترة الاربعينيات من القرن الماضى كانت اكثر الفترات التى شهدت حوادث عنف متتالية من جانب التنظيم السرى للإخوان لتصفية الاعداء والخصوم , استهدفت الممتلكات اليهودية، وكانت عبارة عن انفجارات فى حارة اليهود، وشارع عماد الدين، وحلمية الزيتون، وغيرها , وكان جمال عبد الناصر هو الذى يرسم لحسن البنا خطط التفجيرات فى تلك الفترة . وبعد قرار حل الجماعة – والكلام للعقالى- اغتيل رئيس الوزراء محمود فهمى النقراشي باشا فى 28 ديسمبر 1948 بعد قرار الحل بشهرين،فرد السعديون على هذا الحادث وقاموا باغتيال حسن البنا المرشد العام للجماعة فى 12 فبراير 1949. ويشير العقالي إلى أن حسن البنا كان قد حدد عام 1955 ليكون عام تغيير النظام والاستيلاء على حكم مصر،ولكن حين حدثت حرب فلسطين عام 1948، وجاء محمد أمين الحسيني مفتي فلسطين إلى مصر، وقال للبنا إن المسجد الأقصى سوف يضيع ،هنا تصور حسن البنا أنه لو أرسل متطوعين واستطاعوا هزيمة اليهود فهذا سيحقق انتصارا كبيرا للإخوان، وهذا الحدث كشف قوة التشكيل الإخواني ,ما أدى إلى حدوث ارتباك في الداخل والخارج، أسفر عن عقد اجتماع ثلاثي بين أمريكا وبريطانيا وتركيا للتأكيد على حل الجماعة. ويؤكد ان تركيا اقترحت خلال الاجتماع، وكانت على رأس المؤامرة بأن تدخل الجيوش العربية فلسطين وبدخولها لا تهيج الشعوب العربية على حل الإخوان،ودخل الجيش المصري فلسطين في 15 مايو 1948،وهنا كتب حسن البنا مقالا يعارض فيه فكرة دخول الجيوش العربية لفلسطين قائلا «إن الصهيونية تدعي أنها آتية بمتطوعين ليستردوا وطنهم المفقود، وإذا دخلت الجيوش سوف يتعاطف العالم مع اليهود، ولكن ما نحتاجه هو متطوعون يقاتلون، وفسر حكام الدول العربية كلام البنا هذا بأنه محاولة من الإخوان لإثبات وجودهم والهيمنة على الحكم فى مصر،فصدر قرار حل الجماعة ثم افتى سيد سابق أحد زعماء التنظيم السري بمشروعية اغتيال النقراشي باشا. حسن البنا ووفقا لشهادة العقالى لم يستكمل تنفيذ تعليماته الخاصة بسحب المتطوعين من فلسطين، وذلك بسبب مقتله،ففي هذا اليوم ذهب إلى جمعية الشبان المسلمين ليبلغ وصيته للواء صالح عبده باشا رئيس الجمعية ,حيث توقع بأنه سيتم تصفيته.. وتضمنت الوصية ان يحل عبدالرحمن السندي أو جمال حسين عبد الناصر محله في حالة تغيبه أو تصفيته،واستدعى إبراهيم عبد الهادي باشا كلا من رئيس الأركان إبراهيم عطا الله، والصاغ جمال عبد الناصر، وذلك بعد عودتهم من حصار الفالوجة. ويستطرد العقالى : فإذا بعبد الهادي يستقبل عبد الناصر بشتائم فظيعة يتهمه فيها بأنه من ضمن أفراد جماعة الإخوان المسلمين،وانكر عبد الناصر الاتهامات،وفى اللحظة أتت لعبد الهادى مكالمة تليفونية من الملك فاروق فخرج عبد الناصر متوجها إلى دورة المياه، وتخلص من ورقة كانت في جيبه بها أسماء جماعة الإخوان الذين كان يقوم بالاتصال بهم،وخرج عبد الناصر من هذا اللقاء بعقيدة أنه لابد من التعجيل بقيام الثورة، بعد أن تم كشفه,وبعد هذه الواقعة حاول الإخوان اغتيال عبد الهادى باشا ولكنه نجا من الحادث. وعن السلاح الذي كان بحوزة الإخوان ,يقول العقالي إنه بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية فى 1945 ومعركة العلمين كانت مصر أرضا خصبة لتوافر السلاح فيها،حيث كان الجيش البريطاني نفسه يبيع أسلحته الخفيفة للأعراب ، فكان السلاح فى تلك الفترة متوافرا في أيدي الفلاحين وبكثرة.