كنا نسميه حسن أبو على سرق "المُزّه " ؛ فلم تكن هناك مُزة على وجه البسيطة لتستعصى عليه، لقد كان "سحلابا ودحلابا" كبيرا جدا، فما أن يغمز بطرف عينيه العسليتين لإحدى المزز، حتى تقع في حبه وتتدلّه به، كم من هامة سامقة، وغادة رائقة، وغصن بان، وعيون غزلان، وقعوا في حسنه الفتان، لقد كان له منطقه الخاص في مثل هذه الأمور وحكمه الأثيرة، بل نظرياته الدقيقة، لهذا كنا نحسده ونحقد عليه، فقد كان الوحيد الذي يمتلك الجديد دائما، وكان يفاجئنا في كل مرة، أترون تلك الغادة الهيفاء المتعالية؟.. لم تأخذ منى أكثر من ثلاثة أيام، وتلك الرومانسية الرقيقة احتاجت أسبوعا بكامله؛ لقد كانت تفضل كلمات الحب المعسولة وآهاته الحارقة على كل شيء؛ لكنها في النهاية عرفت الطريق الصحيح والتزمت جادة صوابه، بل واستقامت عليه، أما تلك المرأة الثرية المتعجرفة بمالها وجمالها؛ فهى التي كانت تطاردنى بعد أن سمعت عنى من قريناتها وصديقاتها المقربات، لقد أغدقت عليّ بلا عقل وبلا حساب، ومازلت أذبّها عن قناتي، وأذودها عن حياضي، أعلم أن المال عندها لا قيمة له، بعد أن ورثته دون عناء من زوجها السبعينى الهالك، إنها تبحث عما فاتها من متع الحياة ولذاتها، لتعوض أيام القحط والجدب، كصحراء قاحلة تبحث عن قطرة ماء، لقد كانت له أيضا حكمته الرائدة التي كان دائم الترديد لها على مسامع كل من عرفهم، "الحلوة.. ليك ولغيرك... أما الوحشة.. فليك إنت بس" لقد كنا نسمع تلك الحكمة منه ونتعجب كثيرا من ترديده لها، لكننا كنا نعلم لماذا وكيف أتته تلك الحكمة اللعينة التي نغص بها علينا حياتنا جميعا، ولكننا كنا أشد عجبا عندما رأيناه يطبقها بحذافيرها على نفسه، لقد صعقنا عندما ذهبنا لنحضرعرسه نحن وكل ضحاياه من أجمل نساء البلدة، لنرى عروسا -استغفر الله العظيم- بل "عرسة" سوداء عجفاء لا ينظر إليها كلب أجرب، لكنه كان طائرا بها من الفرح؟!!، والعجيب أن صاحبنا بعد أن تزوج وتأهل هداه الله وتاب عن جميع معاصيه القديمة، وداوم على الصلاة والاستقامة، حتى كاد أن يصبح أحد أولياء الله الصالحين، ولكنه في يوم لم تطلع شمسه عاد مبكرا من عمله ليحضر بعض الأوراق المهمة، ليفاجأ بزوجته القبيحة القميئة تتلوى شبقا بين أحضان عشيقها البواب، لقد طار عقله وفقد صوابه، وأخذ يهذى وهو يردد: إزاي.. إزاى بس يحصل كده، وأنا دايما اللى كنت باقول الحلوة ليك ولغيرك.. أما الوحشة فليك انت بس؟!! لترد عليه زوجته قبل أن تقتله هي وعشيقها تخلصا من الفضيحة: صحيح أنت كنت دايما بتقول كده يا حسن بس نسيت حكمة مهمة جدا كان لازم تاخد بالك منها كويس، نسيت إن "كل فولة وليها كيال"!!.