الطلاب والشباب فى معظم المجتمعات هم المبادرون بإشعال شرارة المواقف والأحداث ضد الحكومات القائمة الظالمة فى مصر على مر التاريخ، وبنقل المعارك السياسية إلى الشارع خاصة أن عدد الشباب من الجنسين فى الفئة العمرية «51 - 92» عاما يشكل حوالى 03٪ من أجمالى السكان وفقا لمجلس السكان الدولى - لذا تنظر جميع القوى السياسية «حكومة ومعارضة» الإستهانة به أو الإستغناء عنه أو التحرك دون إستمالته، لكونهم عماد الوطن وضاع المستقبل. من قلب الجامعة انطلقت الثورات والمظاهرات التى غيرت وجه الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية بمصر عبر التاريخ الحديث والمعاصر، وكان بطلها ووقودها المحركة طاقات طلابية شابة واعدة وثائرة من أجل تحقيق مستقبل أفضل لهذا الوطن، وقد أثبتت الوقائع التاريخية قوة الحركات الطلابية وعملها «كجماعات ضغط» على مقاليد السلطة ففى ثورة 9191 أشعل طلبة جامعة القاهرة شرارة التظاهرات احتجاجا على نفى الزعيم سعد زغلول إلى جزيرة مالطة، حيث بدأت بخروج طلبة كلية الحقوق ثم الهندسة والتجارة والزراعة إلى ودار العلوم والطب وفى غضون يومين، امتدت الاحتجاجات لتشمل كل الطلبة، وكون الطلاب جهاز شرطة خاصا أطلقوا عليه «البوليس الوطنى» لحماية المظاهرات من المندسين، كما شكلوا «الجهاز السرى» و«اليد السوداء» وكان لكل منهما دوره فى التحريك والتنظيم وتوزيع المنشورات، وهنا خشى «ونجب» المندوب السامى البريطانى من تبلور زعامة مصرية جديدة وحاصرت القوات البريطانية الطلبة فى مختلف الميادين مصوبة تجاههم الأعيرة الناريخ، فسقط كثير من الشهداء مما أدى إلى إثارة غضب المصريين وإعلان العمال انضمامهم إلى صفوف الطلاب ودخولهم فى عصيان مدنى. ولم تجد انجلترا مفرا مت تحقيق أهداف الثورة للقضاء على الثورة الأولية وهى الإفراج عن سعد زغلول ورفاقه، ثم انتهت نتائجها بإلغاء الحماية البريطانية على مصر وإصدار تصريح 82 فبراير2291 بإعلان إستقلال مصر وصدور دستور3291. ولم يخفت الصوت الطلابى بعد وثرة 9191، وتأتى انتفاضة كوبرى عباس ومذبحة طلبة جامعة القاهرة فى نوفمبر5391 والتى كانت صفحة مجيدة من تاريخ الشباب، وكان لها أثرها فى عودة الحياة الدستورية، إذ تم على إثرها ائتلاف الأحزاب وعودة دستور 3291 وإسناد الوزارة إلى الزعيم مصطفى النحاس وإقالة وزارة محمد توفيق نسيم، مما أدى إلى اتفاقية 6391 بين مصر وبريطانيا. وإبان هذه الانتفاضة شعر السفير البريطانى سير مايلز لامبسون بخطر التهديد الطلابى على مصالح بريطانيا قائلا «توضح التقارير الضرورة العاجلة للتعامل مع المسألة الطلابية بصورة جذرية، فما لم يفرض على الطلبة أن يقفوا عند حدودهم فلن يكون من الممكن إيجاد حكوكة مستقرة أو إقرار علاقات انجليزية مصرية هادئة. وتتوالى الأحداث وتشتعل الحركات الجماهيرية الشعبية فى 6491 منادية بالجلاء التام عن مصر وانكشف االغطاء عن دور الأحزاب السياسية النهمة إلى الحكم، حيث أضرب المصريين فى أرجاء البلاد من الاسكندرية إلى أسوان وذلك بقيادة اللجنة الوطنية العليا للطلبة والعمال، وتجمع مئات آلالاف من المحتجين من مختلف فئات الشعب فى ميدان الإسماعيلية «التحرير» الآن وامتنع كل المصريين عن العمل استجابة لقرار اللجنة. وقد لعب الطلاب دوراً حاسما فى كل الثورات والانتفاضات الوطنية المصرية وظلوا المحرك الرئيسى لها، فكانوا أول من واجه هزيمة 7691 وقاموا بأول مظاهرات احتجاجية نتيجة الأحكام المخففة التى صدرت ضد قادة سلاح الطيران، وكان من أبرز قادات المظاهرات فى ذلك الوقت خيرت الشاطر فى الاسكندرية، محمد سامى رئيس حزب الكرامة. ولم تكف الحركات الطلابية فى مصر عن الانتفاضة ضد الظلم ففى 2791 احتلوا ميدان التحرير احتجاجا على سياسة «اللا سلم واللا حرب» وضغطوا على الرئيس أنور السادات للقيام بحرب 37، وكان أبرز قادة التنظيمات الشبابية المرحوم الدكتور أحمد عبدالله رزة والدكتور محمد سعيد إدريس. وبعدها تصاعدت الحركة العمالية والطلابية فى انتفاضة يناير 7791 «الخبز» بوصف مفجريها، «الحرامية» بوصف السادات عندما أعلن د.عبدالمنعم القيسونى نائب رئيس الوزراء للشئون المالية والاقتصادية فى خطابه أمام مجلس الشعب عن اجراءات لرفع أسعار الخبز والسكر والشاى والسجاير والبنزين. فثارت الجماهير والعمال والطلاب فى القاهرةوالاسكندرية وباقى المحافظات مما أجبر الحكومة على إلغاء قرار زيادة الأسعار. فى مظاهرات ميدان التحرير يناير 1102 شارك الطلبة بنسبة تتروامح بين 02٪ إلى 52٪ كنسبة إجمالية لما قبل التنحى وبعده ووصلت الحركة الطلابية الوطنية إلى ذروتها غالبية الملايين المحتشدة لإسقاط النظام وتنحى. الرئيس السابق . وبدأ تحقيق طلبات المتظاهرين من خلال تحقيق الحرية والعدالة والديمقراطية وحل مجلسى الشعب والشورى وتغيير الوزارة تعديل الدستور وتلبية المطالب الفئوية، وهكذا كانت تستخدم الحركات الطلابية فى الضغط على السلطة بدءاً من البيان السياسى والإحتجاج السلمى ثم التظاهرات وغلق الجامعات إلى جانب تحالفها مع العمال وباقى فئات الشعب، ويحكى النائب البرلمانى أمين إسكندر وعضو المكتب السياسى لحزب الكرامة عن وسائل الضغط التى كانت تستخدمها الحركات الطلابية - حيث كان أحد أعضاءها - ضد سياسات السلطة الحاكمة فيقول «كانت تدور حلقات النقاش حول معارض المقالات والصحف والصور والتى كانت توضع على مجلات الحائط داخل الكليات لتبين وجهات النظر المتعددة بين الماركسية والناصرية والليبرالية والإسلامية ويرى أن الحركات الطلابية يمكن أن تصبح جماعات ضغط فى المستقبل عن طريق التنسيق بين هؤلاء الشباب والأحزاب السياسية.