رجال "الوطني المنحل" استخدموهم لضرب الإخوان بالأفكار الرخوة الأمريكان يعتبرونهم "القوة الناعمة" والبديل الآمن لقوي الإسلام المتشدد ظلت الصوفية مكتفية بحلقات الذكر، وطلب المدد والتقرب زلفى لآل البيت والأولياء، لم تحاول خلال السنوات الطويلة الماضية أن تبحث عن وضع حقيقي في الحياة العامة، تمسكوا بالزهد مبدأ في كل معاملاتهم وتعاملات..أولي الأمر بعضهم تعامل مع «الصوفية» بمنطق «الدراويش» الذين لا يريدون من متع الدنيا أية متعة، والبعض الآخر استطاع أن يحدد مسارعلاقته بتلك المجموعات في حدود ضيقة جدا، لم يحاول أحد استخدامهم للوصول لما يريد، فهم لا يريدون السياسة، ولا يبغون إلا الحب الإلهي. أعدادهم المتزايدة دفعت الرئيس الراحل «جمال عبد الناصر» للتفكير في تنظيم الصفوف الصوفية تمهيدا لصناعة «لوبي صوفي» لمواجهة قوي التيار الإسلامي، وأخذ مكان القوي الاشتراكية التي لم تستطع إقناع الشارع المصري بأفكارها، لذا عهد «عبد الناصر» لخبراء معهد الدراسات الاشتراكية –وقتها- بالمهمة، لكن النتيجة جاءت علي غير ما يريد «الزعيم الخالد» فقد تم رفع تقرير له مفاده أن الصوفيين أعدادهم هائلة جدا وانتماءاتهم الفكرية والسياسية والأيديولوجية مختلفة تماما ، فمنهم الاشتراكي ومنهم الإخواني ومنهم الشيوعي أيضا، وخلص التقرير ذاته للتأكيد علي استحالة توحيد الصف «الصوفي» تمهيدا لإيجاد «لوبي» مناهض للوبي جماعة الإخوان المسلمين..نتائج التقرير وأدت حلم «ناصر» قبل أن يري النور. وجاء الرئيس الراحل «أنور السادات» ليبدأ من حيث انتهي الرئيس الراحل ويلتزم بعدم المحاولة أو التفكير في تسييس الحركة الصوفية، وجاء «مبارك» الذي التزم بالأمر ذاته خلال سنوات حكمه الأولي حثي بدأت القيادة الجديدة داخل الحزب الوطني «المنحل» في التنقيب والبحث عن كيان قوي يستخدمونه في جمع الأصوات الانتخابية ، لمواجهة المد الإخواني ووجد رجال «الحرس الجديد» ضالتهم في «الصوفية» وظهر الأمر جليا في عملية اختيار شيخ مشايخ الطرق الصوفية علي طريقة الحزب الوطني بمخالفة صريحة لأعراف وتقاليد البيت الصوفي ، وهو تصرف لفت الأنظار –وقتها- لرغبة النظام السابق في السيطرة علي الصوفيين تمهيدا لاستخدامهم في العمل السياسي. بعد اندلاع أحداث 25 يناير كانت الحركة الصوفية في مقدمة الحركات السياسية والاجتماعية التي أعلنت تأيدها للثورة والإطاحة بالنظام السابق، ليس هذا فحسب بل بدأت قيادات ورموز التيار الصوفي في طرح رؤيتها الخاصة لمستقبل»مصر الثورة» بشكل أثار قلق بعض قوي التيار الإسلامي التي أعلنت رفضها لدخول الصوفيين الحقل السياسي. مرشحو الرئاسة أمر ثان كشف قوة «اللوبي الصوفي» في مصر فلم يترك واحد من المرشحين الفرصة دون أن يعلن رغبته في الحصول علي المدد من البيت الصوفي والتأييد والوعد بدعم، فقد ذهب إليهم الفريق أحمد شفيق، كما غازلهم المرشح الرئاسي الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح ولحق به مؤخرا حمدين صباحي. الداخل المصري لم يكن الطرف الوحيد الذي كان يبحث عن البديل الآمن و»اللوبي المروض» لمواجهة قوي التيار الإسلامي المتشددة فالجميع لا يزال يذكر حرص السفير الأمريكي السابق في مصر فرانسيس ريتشاردوني علي حضور احتفال الطرق الصوفية بمولد السيد أحمد البدوي ومشاركتها فعالياتها في خطوة اعتبرها المراقبون تهدف إلي مد جسور التواصل مع السلطات المصرية ومع الشعب المصري وتغيير الصورة السلبية عن السياسات الأمريكية المنطبعة في أذهان المصريين وذلك بعد توليه منصب بعدة شهور. السفير ريتشاردوني شارك المصريين البسطاء فعاليات المولد حيث اشتري الحمص والحلاوة الشهيرة وحضر أمسية غنائية في السرادق الثقافي المقام بهذه المناسبة وجلس القرفصاء مثل الحاضرين لسماع المدائح النبوية. يذكر أيضا أن تقارير خارجية قد تحدثت بأن «دوني»أعطي توجيهاته لأعضاء السفارة في القاهرة بإعداد خريطة زمنية ومكانية للموالد والاحتفالات القبطية أيضا خاصة المنتشرة منها في الصعيد لكي يتسنى له زيارتها أسوة بالموالد الصوفية. وكانت مجلة ‘سيو إس نيوز' الأمريكية قد كشفت عن سعي الولاياتالمتحدة لتشجيع ودعم الصوفية كإحدي وسائل التصدي للجماعات الإسلامية, وبحسب مجلة «يو إس نيوز» الأمريكية فإن الصوفية تسعي للعودة ثانية حيث يوجد عشرات الملايين في وسط وجنوب شرق آسيا وغرب إفريقيا ومئات الملايين الآخرين من التابعين للتقاليد الصوفية. وفي دراسة لمؤسسة راند تحت عنوان (بناء شبكات مسلمة معتدلة) تحدث الفصل الخامس من الدراسة الذي جاء تحت عنوان ‘عن خارطة طريق نحو بناء شبكات معتدلة بالعالم المسلم لرؤية مؤلفيها أن ثمة صعوبات - أمام المنظمات الغربية الساعية لتنظيم دعمها للمسلمين المعتدلين - في تمييز الحلفاء المحتملين من الأعداء.. ذلك أن المسلمين يختلفون بمختلف أنحاء العالم المسلم بدرجة كبيرة ليس فقط في آرائهم الدينية وإنما أيضا في توجهاتهم السياسية والاجتماعية. وتري الدراسة أن هناك ثلاثة قطاعات واسعة علي امتداد نطاق الميول الأيديولوجية داخل العالم المسلم قد تجد فيها الولاياتالمتحدة والغرب شركاء في جهود محاربة التطرف الإسلامي وهم العلمانيون والمسلمون الليبراليون والعناصر التقليدية المعتدلة بما في ذلك الصوفيون. حيث تؤكد أن التقليديين والصوفيين يمثلون الغالبية الكبري بين المسلمين وغالبا ما يتألفون من مسلمين محافظين يعتنقون آراء وتقاليد انتقلت إليهم عبر قرون عدة تتضمن تقديس الشخصيات الدينية البارزة وغيرها من الممارسات التي يرفضها الوهابيون. ويفسر أبناء هذه الفئة النصوص الدينية علي أساس المذاهب التي ظهرت في القرون الأولي من الإسلام.