تؤكد المصادر التاريخية أن الزعيم جمال عبد الناصر والسادات كانا في طليعة الضباط الأحرار الذين انضموا إلى الإخوان على يد الشيخ حسن البنا، وكان معهم أيضا خالد محيى الدين وكمال الدين حسين وعبد الحكيم عامر وعبد المنعم عبد الرءوف، ولكن انفرد عبد الناصر بعلاقته الخاصة بالإمام حسن البنا في التنظيم الخاص حتى أن بعض المصادر تؤكد أن عبد الناصر شارك فى التخطيط لبعض العمليات التى قام بها التنظيم ضد أهداف صهيونية فى مصر، بل وذهب آخرون إلى أن البنا أوصى بتولي عبد الناصر منصب المرشد العام للإخوان في حالة وفاته. وفى شهادته تحدث المستشار الدمرداش العقالى، الذى كان أحد أبرز أعضاء الجهاز السرى فى تنظيم الإخوان المسلمين.. وزعيم الطلبة بالجامعة، وهو فوق ذلك، يمت بصلة القرابة للزعيم الإخوانى الأشهر -سيد قطب- حيث كان خال زوجته ، وقد أكد أن اليوزباشى جمال عبد الناصر حسين قد انخرط فى صفوف الإخوان المسلمين عام 1942 مشكلاً مع عبد المنعم عبد الرءوف وأبو المكارم عبد الحى ومحمود لبيب الجهاز الخاص للإخوان المسلمين فى الجيش. وقد ظلت حركة الإخوان المسلمين بقيادة حسن البنا وعبد الرحمن السندى في القطاع المدنى وجمال عبدالناصر فى القطاع العسكرى، تعمل لتغيير الأوضاع فى مصر والاستيلاء على السلطة، كما كان مقدراً لها فى عام 1955، فقد قرر قيادة الإخوان أنه فى هذا العام يكون قد توافر لها من الإمكانات المادية والبشرية والحركية ما يمكنها من الاستيلاء على السلطة فى مصر، في هذه الأثناء قامت حرب 1948 واضطر البنا لتغيير خططه خاصة بعد تنبه القوى الكبرى لما يفعله وهو ما أدى بالفعل لاغتياله عام 1949. وكتب البنا موصياً بأن يكون المسئول عن جماعة الإخوان المسلمين فى حالة اغتياله أو غيابه هو عبدالرحمن السندى رئيس الجهاز الخاص أو «التنظيم السرى» للإخوان المسلمين، وإذا لم يكن السندى موجوداً يصبح جمال عبدالناصر حسين هو المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين ، وكان عبد الرحمن السندى قد دخل السجن بالفعل قبل اغتيال الإمام فانصرفت الأنظار إلى جمال عبدالناصر حسين ليقود الإخوان المسلمين، كما جاء فى وصية المرشد العام، وكان عبدالناصر فى ذلك الوقت لايزال محاصراً فى «الفالوجا» فانتظره صالح حرب ليبلغه بوصية المرشد العام قبل اغتياله، وبعد عودته استدعاه إبراهيم عبدالهادى، رئيس وزراء مصر فى ذلك الوقت ليسأله عن علاقته بالإخوان المسلمين، وقد أنكر جمال عبدالناصر -بطبيعة الحال- أى صلة له بالجماعة المنحلة، بينما كان يحتفظ فى جيب سترته العسكرية بوصية حسن البنا وورقة أخرى تتضمن بعض أسماء المدنيين الذين رشحهم له حسن البنا للاتصال بهم عند قيام الثورة. ولكن رفض بعض الإخوان فكرة تولى عبد الناصر خاصة زميله عبد المنعم عبد الرءوف الذي قال إنه يريد أيدى متوضئة ليبايعها، وهو ما دفع عبد الناصر للتفكير في إنشاء تنظيم الضباط الأحرار بعيدا عن الإخوان!! أما السادات فيصف في كتابه صفحات مجهولة الذى صدر عام 1954 حالة الانبهار التي ملأته عندما قابل مرشد الإخوان حسن البنا لأول مرة، ويقول: "انتحي الرجل بي ناحية، وتجاذب معي حديثاً قصيراً أنهاه بدعوتي إلي زيارته في دار جمعية الإخوان المسلمين قبل حديث الثلاثاء..كانت الجمعية إذ ذاك لاتزال في دارها القديمة التي تشغلها الآن شعبة الجوالة التابعة لها...وذهبت يوم الثلاثاء.لم أكد أضع قدمي في مدخل الدار، حتي شعرت بكثير من الرهبة، وكثير من الغموض"، ثم يواصل في موقع آخر من الكتاب "وبدأ المرحوم حسن البنا يتحدث إليّ حديثاً طويلاً عن تشكيلات الإخوان المسلمين، وأهدافه منها، وكان واضحاً في حديثه، أنه يريد أن يعرض عليّ الانضمام إلي جماعة الإخوان المسلمين، أنا، وإخواني في تشكيلنا حتي تتوحد جهودنا العسكرية والشعبية في هذه المعركة وكنت أنا مستعداً للإجابة عن هذا الطلب إذا وجهه إلي، فلما رأيته يكتفي بالتلميح، أوضحت له من جانبي أيضاً، أنه ليس من وسائلنا أبداً أن ندخل كجماعة ولا كأفراد في أي تشكيل خارج نطاق الجيش. وأطرق المرحوم قليلاً ثم قال، وعلي وجهه ابتسامة تغطي تفكيراً عميقاً: من الخير لنا إذن لنجاحنا ونجاحكم أن نتشاور وأن نتكلم معاً في كل شيء.. كما أننا علي استعداد كي نعاونكم عندما تطلبون ذلك إلينا". وبدأ بيننا تعاون كنت أنا الصلة فيه.. تعاون بدأ في تحفظ واستمر في تحفظ وفي خلال هذا التعاون تكشفت لي أشياء كثيرة من الأسرار الداخلية لجماعة الإخوان رغم أنه -رحمه الله- لم يحاول أن يكشف لي شيئاً منها، ولا أن يطلعني علي أي سر من أسرارهم الداخلية.. وعندما بدأ حسن البنا في ذلك الوقت المبكر يجمع السلاح، ويشتريه ويخزنه.. وكان يستعين في هذه العمليات بإخوان من الشباب الصغار، وبينما كنا نتحدث دخل علينا جندي متطوع يحمل في يديه صندوقين مغلقين. ورآني الجندي جالساً، فأجفل، ولكن حسن البنا قال له افتح الصناديق، ..ونظر فنظر الجندي إليَّ بابتسامة الأخ في الجهاد، ثم فتح صندوقيه وكان ما فيهما مسدسات وقنابل من أنواع مختلفة ، فعرفت أن الرجل كان يجمع السلاح ففرحت بذلك وتأكدت أنه سيأتى اليوم الذى نستعمل فيه هذا السلاح ضد أعدائنا.