«المواطنون الذين يتم تهجيرهم من منازلهم بواسطة السلطات الحاكمة إلى أماكن أخرى يصابون بالعديد من الأمراض النفسية والتي تبدأ بالاكتئاب وتصل في بعض الأحيان للانتحار ، وسبب ذلك هو شعور المواطن بالظلم والقهر والخوف من المستقبل لتغيير مسار حياته ورزقه بالكامل وشعوره بانعدام قيمته وأنه مجرد أداة يحركها من يملك السلطة» هذا ما يراه خبراء علم النفس، حيث أكد د.سعيد عبد العظيم -أخصائي الطب النفسي بكلية الطب جامعة القاهرة - أن عملية تهجير المواطنين ينتج عنها العديد من الحالات النفسية كالضغط العصبي والاكتئاب والإدمان ومن الممكن أن تصل للانتحار كما أنه ينتج عنها أيضا تغير في سلوكيات الفرد بأن يصبح لديه مشاكل جنسية وتجاوزات أخلاقية نظرا لوجوده بأماكن غريبة وبين أسر مختلطة واستخدامهم لخدمات ومنافع واحدة لأن من سمات عميلة التهجير التي تحدث في مصر أنها تكون غير مدروسة والدولة لاتجهز الأماكن المهجر إليها هؤلاء الأفراد ولهذا يجدون أنفسهم يعيشون وسط عشوائيات عكس حياتهم التي كانوا يعيشونها قبل التهجير فيصابون بالأمراض النفسية والقلق من المستقبل . وأشار إلى انه من الممكن أن يفقد المواطن انتماءه لوطنه بعد تهجيره لأنه يفقد كل سبل رزقه التي اعتاد عليها ويضع في حسابه دائما أنه يذهب للمجهول وهذا يؤثر على عمله وانتاجه وعلاقته مع الأفراد المحيطين به . ويرى د. فاروق لطيف -استاذ الطب النفسي بكلية الطب جامعة عين شمس- أن مصر لم تشهد التهجير إلا في الحرب ولنا مثال على ذلك بتهجير أهالي السويس لأماكن مختلفة ولكن كان ذلك لأسباب اضطرارية وخوفا عليهم وماغير ذلك لم يحدث ومن هنا أصبحت فكرة التهجير غريبة لدى المواطن وأصبح لديه فكرة إنها لو حدثت فستكون اضطرارا ، لكن حينما يفاجأ المواطن أنه سيتم تهجيره قهرا دون أسباب خصوصا أن ذلك يتم من أهل بلده يشعر بالألم النفسي الشديد وعدم العدل والمساواة وذلك ينتج عنه العديد من الإحباطات النفسية في كل تصرفاته ولا يشعر بأي استحسان أو طمأنينة حتى ولو كانت حياته التي سيعيشها بعد التهجير أحسن مما كان عليه لأنه لا يفكر إلا في الطريقة التي تعاملت بها الدولة معه . فيما قال د. سيد صبحي -أستاذ الصحة والعلاج النفسي بكلية الطب جامعة عين شمس ومقرر شعبة الرعاية الاجتماعية بالمجالس القومية- إن عملية التهجير لابد وأن تدرسها الدولة قبل تنفيذها وأن تضع في اعتبارها الإساءة البالغة التي تحدث للمواطن في حياته وكل مجالاته نتيجة لذلك ، لأن الإنسان بطبيعته يريد من يحترمه ويقدر هويته ورغباته في كل المعاملات التي تمر عليه في حياته ، وحين يتعامل معه أحد بغير ذلك خصوصا ولو كان بالأمر والغصب يصاب بعدم الرضا النفسي ويشعر بالقهر وعدم الأمان . وأكد أن تهجير المواطنين من أماكنهم التي عاشوا فيها طوال حياتهم يزيد الأمر سوءا ويزيد من شعور الفرد بأنه كقطعة الشطرنج يحركها من يملك السلطة كيفما يشاء . وأشار إلى أن التصرفات التعسفية من الدولة تدفع الفرد لاستخدام العنف وبمرور الوقت لايشعر بالانتماء أو المواطنة . وأكدت د هبة عيسوي -أستاذ الطب النفسي بكلية الطب جامعة عين شمس- أن ارتباط الفرد بسكنه يعتبر من أهم العوامل التي تشعره بالانتماء والأمان والدليل على ذلك أن من يسكنون العشوائيات لايشعرون بذلك لعدم وجود مكان أساسي لنشأتهم ومعيشتهم . وأضافت أن وجود المهجرين يشعر أصحاب المنطقة الأصليين بأنهم سيأخذون حقهم أو أنهم سيتمتعون بخدماتهم، أو سيجورون على حقوقهم التي اعتادوا عليها وهذا الشعور بالطبع ينتقل إلى المهجرين ويزيد من الضغط النفسي عليهم كما أن المهجرين يجدون صعوبة في التكيف معهم لإحساسهم بالأقلية وهذا أيضا يزيد من هذا الضغط النفسي عليهم . وأشارت إلى أن الأطفال هم أكثر من يصابون بالضغط النفسي من التهجير لأن الأطفال لديهم طبيعة الانتماء للمكان الذي يعيشون فيه والذي ارتبطوا من خلاله بالصداقات والحرية في التصرفات وغيرهما .