سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أيمن عبد التواب يكتب: «الاعتداء على رئيس مجلس النواب بالجزمة»!.. «الحذاء» يتصدر المشهد حينما يغيب العقل والحوار.. بعض النواب يسعون ل«شو إعلامي» على حساب قضايا مصيرية.. والشعب ينتظر «عصفورة» جديدة
فقرة «السيرك» ل«أرجوزات» السياسة والفن والإعلام والرياضة.. أهم مليون مرة من خطابات الرئيس، ومن متابعة مشروعات الحكومة.. وأكثر مشاهدة ومتابعة من البرامج الجادة، الراقية، الهادفة.. شوفت القرد بيتنطط إزاي؟.. شوفت الأسد وهو بيعدي من دايرة النار؟.. طب شوفت «البهلوان» كان بيتشقلب إزاي عشان الناس تصقف له؟! أكثر من 50% من المشاهدين، والمستمعين، والقراء- على مستوى العالم- يهتمون بالأخبار «التافهة»، أو المتعلقة ب«النميمة».. اللاعب الفلاني ماشي مع الممثلة إياها.. السياسي العلاني متجوز المذيعة إللي عليها علامة استفهام.. الفنانة الفلانية اطَّلقت من رجل الأعمال.. بدليل أن الغالبية العظمى من المتابعين للوسائل الإعلامية المختلفة اهتموا بالقبض على الفنانة «الراشقة» في كل حفلة، كما اهتموا ب«الجزمة» التي انضرب بها توفيق عكاشة، أكثر من اهتمامهم بجولات الرئيس الآسيوية، وبأنشطة الوزراء والمسؤولين في هذا التوقيت الحرج.. لستُ من «دراويش» توفيق عكاشة، ولا من متابعي قناته، ولا حتى من معتنقي آرائه التي يعجز عقلي «المحدود» عن استيعابها.. ورأيي فيه واضح وضوح الشمس على قفا الحصَّاد.. لكني ضد أن يُهان أي أحد، وضد أن تُنتهك كرامة أي شخص كرَّمه الله، وأنعم عليه بنعمة الإنسانية، حتى ولو كان من المعاتيه، والمخابيل، ولا يحسن تقدير الأمور. ما أحزنني، وأفزعني، وأزعجني أن ما حدث له تحت قبة برلمان جاء بعد ثورتين تناديان بالحرية، والكرامة الإنسانية.. ف«الجزمة» تتصدر المشهد، حينما يتراجع «العقل».. ونأخذ حقنا ب«أيدينا» عندما يغيب القانون.. وتسود الغوغائية عندما يغيب صوت الحكمة.. ونلجأ إلى ضرب النار حينما تعجز أذهاننا عن مواجهة الأفكار.. واهتمامي بالواقعة وتخوفي منها خشية أن تتحول «الجزمة» إلى وسيلة تعبير «معتمدة» للرد على المعارضين، وشعار المرحلة ضد الذين يخالفون رأي الأغلبية. إذا كان «عكاشة» أخطأ بمقابلته سفير الاحتلال؛ فليكن تقويمه ومحاسبته بالقانون؛ ووفقًا للوائح المجلس الموقر، التي لم يتم الانتهاء منها حتى الآن.. أما أن يُبيِّت النائب كمال أحمد النية، ويعقد العزم، ويتسلل خلسة من وراء النواب؛ ليضرب زميله ب«الجزمة»؛ فهو هنا لم يضرب عكاشة فقط، بل ضرب كل الأعضاء، وعلى رأسهم رئيس المجلس نفسه.. ولا يمكن قبول تبرير النائب كمال أحمد بأنه «فعل ما كان سيفعله الشعب تجاه عكاشة».. فمنذ متى كانت «الجزمة» ضمن مفردات سلوك وأخلاق المصريين عند مواجهة المختلفين معهم في الرأي؟! ما أقدم عليه البرلماني كمال أحمد ضد زميله عكاشة أمرٌ خطيرٌ، لا يمكن أن يمر مرور الكرام، أو «الطرمخة» عليه.. فإذا كان سيادة النائب الذي سيشرع لنا قوانين حرية الاعتقاد والتعبير عن الرأي بكل حرية، هو الذي ضرب زميله بالحذاء على مرأى ومسمع من العالم؛ لاختلاف وجهات النظر بينهما، فماذا سنترك للجهلاء، والسفهاء، والبلطجية؟! إن عكاشة كان ذاهبًا إلى المجلس الموقر وهو مُحمَّلٌ بالهزيمة، والخزي، والعار، ومصحوبًا بآلاف اللعنات من أهل الأرض والسماء.. وكان من الممكن تجاهله تمامًا، لولا أن النائب كمال أحمد أعطاه أكبر من حجمه، وبعد أن كان «عكاشة» يجلس وحيدًا، مكروهًا، منبوذًا، إذ ب«الجزمة» تجعل البعض يتعاطف معه، وانقسمنا إزاء التصرف المشين للنائب كمال أحمد، الذي أدخلنا في دوامة «لهو» جديدة، وجعلنا ننتظر فقرة «العصفورة» الجديدة! ما يعلمه الجميع أن توفيق عكاشة استقبل السفير الإسرائيلي بعلم وتنسيق مع أجهزة أمنية، وجهات سيادية، بل كانت الزيارة تحت حراسة قوات الأمن.. كما يعلم الجميع أن مجلس النواب لن يمكنه محاسبة «نائب التطبيع» على هذه «الجريمة»؛ لأن «سيد قراره»، مُعترف بالاتفاقيات الموقعة مع الكيان الصهيوني.. كما أن الدولة نفسها تتعامل مع الاحتلال باعتباره دولة رسمية، بيننا وبينهم علاقات دبلوماسية كاملة، واتفاقيات، وبروتوكولات تعاون في كافة المجالات... إلخ. وإذا كان توفيق عكاشة يستحق ضرب «الجزمة»؛ بدعوى التطبيع.. فأين حمأة السادة النواب، وأين طلبات الإحاطة، وأين استجواباتهم ضد رجال الأعمال الذين يعقدون صفقات بالمليارات مع الكيان الصهيوني، في مجالات التجارة، والزراعة، والمبيدات، والبترول.. بل ويستقبلون سائحي إسرائيل في فنادقهم؟ ألم يسمع الأعضاء الموقرين عن رجال الأعمال هؤلاء؟ أم أنهم يعرفونهم لكن لا يستطيعون الاقتراب منهم؟! وختامًا فإنني أنتظر بطولة جديدة ل«حذاء» النائب كمال أحمد ضد تصريح حسن عمر حسنين، أمين سر لجنة الدفاع والأمن القومي في البرلمان، بأن «التطبيع مع إسرائيل لا يهدد الأمن القومي»!