قال الدكتور مصطفى معوض أستاذ الفكر الإسلامى بكلية البنات جامعة عين شمس إن الفلاسفة والمفكرين على مر الزمان كانوا ضحايا من يعتقدون أنهم خلفاء الله في الأرض، مشيرا إلى أن هناك من يتوهمون أنهم يتقربون إلى الله بتكفير التنويريين وأصحاب الأفكار غير النمطية. وأوضح أن هناك فئة تعتقد أنها تمتلك صكوك الغفران يوزعونها على من يشاءون فيمنحون البعض لقب كافر وينعتون آخرين بالمؤمنين مع أن كل إنسان حر فيما يعتقده، وعلينا أن نقبل الاجتهاد ونشجع على تجديد الخطاب الديني.. والى نص الحوار بداية ما السببب الرئيس لتكفير الفلاسفة والمفكرين؟ أنا أرى أن السبب الرئيس لتكفير الفلاسفة هو ضيق الأفق لدى البعض ورغبتهم في تثبيط عزيمة الفلاسفة وكل من يأتى بفكر جديد وجيد من شأنه أن يغير واقعا مضللا نعيش فيه منذ آلاف السنوات، كما يعبر تكفير الفلاسفة دون سبب رئيس أو حجة واضحة عن غباء وتخلف المفكر، وهناك بعض الأشخاص يستغلون الدين كستار للوصول إلى أغراض شخصية خاصة بها، فيأخذ في التكفير وإصدار الأحكام على كل من تقع عليه عيناه،ويجب أن نشير إلى أن معظم من تم تكفيرهم كانوا أصحاب فكر مميز ومختلف ومهم باستثناء بعض المتنطعين. ما الأسس التي على أساسها يتم تكفير الفلاسفة؟ في الحقيقة أن الآلية واحدة في تكفير الفلاسفة وهى أن يكون فكر المكفر أو الشخص الذي يدعى التدين ذات طبيعة استفزازية أو مملوءة بالتعصب وضيق الأفق، ومن الممكن أن يكون المكفر يعتقد أنه يتقرب لله عن طريق التعصب وتكفير الآخر واتهامه بالكفر والزندقة ولأنه يرى أن الآخر يخرج عن حدود الفكر أو عن النمط الذي اعتاد عليه. هل يعد قانون ازدراء الأديان امتدادًا جديدًا لظاهرة التكفير؟ بالطبع قانون ازدراء الأديان يعتبر امتدادًا لظاهرة التكفير التي اعتدنا عليها قديمًا من قبل بعض الأشخاص الذين يصدرون على الآخرين أحكامًا لمجرد اختلافهم معهم في الآراء، ولكن استحدث هذا القانون لكى يكون التكفير والأحكام التي تطلق على الفلاسفة والمفكرين مقننة أكثر. وأنا أرى أن القانون امتدادا لظاهرة التكفير ولو بطريقة مختلفة أو غير مباشرة فهو في الأول والآخر يتهم الشخص بأنه يسخر من الدين ويسخر من ثوابت معينة ويبحث أن يهدم أسس تربينا عليها، فهذا القانون يتهم الآخر بالكفر ضمنيًا وبطريقة غير مباشرة. ما رأيك في الأفكار التي تبناها ابن سينا والكندى والخوارزمى؟ هؤلاء صنفوا من قبل الكثيرين بالكفرة والخارجين من رحمة الله، واتهموا بالالحاد والفسق والضلال وغيره، ولكنى أرى أنهم أناس مفكرون وباحثون جيدون توصلوا إلى بعض التحليلات طبقًا لاجتهاداتهم ولك الحرية المطلقة إما أن تقبلها أولا تقبلها، ولكن للأسف هناك أشخاص يعتبرون أنفسهم خلفاء الله في الأرض ومغرمون بالتكفير وإطلاق الاتهامات، وأنا أرى أنه ليس من حق أحد أن يكفر أحدا، فآراء الخوارج أوصلتهم إلى التشدد بدون أي مبرر مفهوم، فكل واحد يتحدث عن الإسلام فهو يتكلم من خلال عقله وفكره وعلى لسانه فقط ورأيه يمثله فقط وليس رأى الشرع والإسلام، ودون ذلك فيجب الرجوع إلى الأزهر الشريف في الآراء الفقهية الأخرى. هل يمثل الأشخاص الذين يطلقون على أنفسهم لقب التنويريين وجهًا آخر للفلاسفة؟ لا طبعًا فالفلاسفة مصطلح مخصص لأشخاص ومفكرين معينين وليس كل مفكر فيلسوفا ولكن العكس فكل فيلسوف هو مفكر، ولكن بالنسبة للتنويريين فهو لفظ يطلق على أناس لديهم سعة أفق ومرونة في فهم الفكر الدينى دون الارتباط بالآراء الدينية السائدة. وما تأثير أزمة العقل الإسلامى والعربى مع التكفير وتداعياته على ماضى وحاضر ومستقبل الثقافة الإسلامية؟ الأزمة تكمن في أن هناك سيادة لرأى معين بين الناس مضمونه أنه لا يوجد اختلافات بين العلماء في فهم الدين، في حين أن الخلافات لا حصر لها بين العلماء والفقهاء في فهم الدين والعقيدة، وأنا أؤكد على عبارة لا حصر لها لأنه في الواقع أن كل شخص يفسر ويستوعب النص الدينى والفكر الدينى على حسب اجتهاداته، ولهذا فإن السبب الرئيس لأزمة الفكر العربى والاسلامى مع التكفير تكمن في أن معظم الأشخاص لا يدركون ذلك فهم اعتادوا على النمطية وعدم المساس بالأساسيات والعقائد الراسخة والتي تربوا عليها منذ القدم. وعواقب ذلك الفكر تؤدى إلى اتخاذ الناس موقفا سلبيا للغاية تجاه كل ما له علاقة بالدين، مما يؤدى إلى نفور الشباب خاصة من كل فكر دينى مما يؤدى إلى تفشى ظاهرة الإلحاد بين فئة الشباب حيث إنهم واجهوا في حياتهم الكثير من المتطرفين والتكفيريين مما أدى إلى دفعهم إلى كرههم للفكر الدينى تمامًا. ما رأيك في الحكم بالحبس على إسلام بحيرى؟ لا أود التعليق على أحكام القضاء، ولكن السؤال: كيف يحاكم شخص على آرائه الخاصة واجتهاداته، فأنا أرى أن كل شخص يتكلم في الأمور الدينية فهو يعبر عن وجهة نظره فقط ولكننا بذلك نقتل كل عقل مفكر في مصر، وأرى أن ما يحدث الآن مع إسلام البحيرى يمثل ما حدث من قبل مع الشيخ سعد الدين هلالى مع التأكيد على أن «بحيرى» ليس منصفا في معظم ما يقوله. هل تجوز المقارنة بين الأسماء القديمة؟ وبين من يطلقون على انفسهم تنويريين ؟ مثل فرج فودة وسعيد العشماوي ونوال السعداوى والقمنى والبحيرى؟ لا توجد مقارنة بين الفلاسفة القدماء كالخوارزمى وابن سينا وبين نوال السعداوى وبحيرى وغيرهم، فالفلاسفة القدامى كانوا مفكرين لهم علاقة شديدة بالعلوم الطبيعية وغيرها فالخوارزمى اشتهر بمعرفته وتعمقه في علوم الرياضيات وابن سينا اشتهر بتعمقه في الطب وغيرهم ولكن الأسماء التي توجد على الساحة الآن ويتم تكفيرها،ليسوا أكثر من ناقلين لأفكار غريبة تطعن في الإسلام.