بخطى قوية وعزيمة دائمة تسعى العاملات في المجال الإعلامي في غزة إلى تشييد هوية نسوية في هذا القطاع الذي يسيطر عليه العنصر الذكوري. وهناك صعوبات في تحقيق ذلك بسبب خلفيات ثقافية وظروف الحصار التي تعيشها غزة. "بعد استهداف إذاعاتنا بشكل مباشر في حرب عام 2014، انطلقنا الآن من جديد نهايةشهر ديسمبر الماضي، حيث استجمعنا إمكانياتنا الذاتية"، كما تصرح السيدة إسلام البربار، مديرة إذاعة صوت نساء غزة. وتوضح البربار في حديثها لDWعربية أن إذاعتها التي انطلقت بداية عام 2013 تناقش كافة قضايا المرأة بشكل دقيق بنظرة نسويه للأمور. أما الصحفية سمر الدريملي المختصة في عمل الإعلام النسوي، والتي حصلت على جوائز محلية ودولية عديدة فإنها أوضحت ل DWعربية أن إيمانها بقضايا المرأة ومعاناتها من خلال المشاكل والظلم والاضطهاد، ونتيجة الهيمنة الذكورية على مناحي الحياة إضافة إلى رغبة المساهمة في تغيير الصورة النمطية السائدة عن دور المرأة التقليدية في المجتمع الفلسطيني، دفعها باتجاه الإعلام النسوي. في حين تعتبر الصحفية إسراء الشريف، مَحاضرة الإعلام في كلية مجتمع غزة، أن نشاط الإعلام النسوي في غزة "يتطور ويتقدم لكنه لا يرتقي للمستوى المطلوب". مبادرات ذاتية خارج التوجهات الحزبية يشمل مجموع الإعلام النسوي في غزة إذاعة إلكترونية واحدة وأربع صحف مطبوعة وإلكترونية تختص بقضايا المرأة الفلسطينية. الصحفية إسلام البربار تؤكد أن إذاعتها الإلكترونية، التي تديرها بمجهود ذاتي، تعمل خارج التوجهات السياسية والانتماءات الحزبية. وتضيف لDWعربية أن كادرها مكون من عشر صحفيات يقفن إلى جانب المرأة الفلسطينية ويَخلصن في خدمة هذا الهدف. كما أوضحت أن أغلب الإذاعات ووسائل الإعلام التي استهدفتها الطائرات الإسرائيلية وقت الحرب الأخيرة تمكنت من الانطلاق من جديد فور انتهاء الحرب" لأن تمويلها له صبغة حزبية. وأضافت: "لم ننطلق إلا بعد عام ونصف عام على مرور الحرب لأننا نعمل بمجهود ذاتي ومحدود جدا، تحت حصار يمنع وصول أي دعم خارجي للإذاعة". وتلاحظ الصحفية إسراء الشريف أن عدم تقدير المؤسسات المحلية للعمل الإعلامي للمرأة يَحبط بشكل خاص العاملات في القطاع الإعلامي للمرأة ". نماذج رائعة للمرأة الناجحة "الحاجة إلى منبر إعلامي نسوي بحت يصل للمناطق المهمشة وإلى أزقة غزة الضيقة وما بها من قضايا شائكة تمس المرأة بعيدا عن الحزبية " هو الهدف الذي تكافح من أجله الصحفيات بإذاعة صوت نساء غزة. السبب الذي دفع بمديرة الإذاعة للانطلاقة بإذاعتها من جديد هو العمل على إحداث تغيير في النظرة للمرأة، " أن نسمع دائما المرأة تبكي وتبكي من خلال وسائل الإعلام المحلي، فنحن نحاول تغيير هذه النظرة السلبية، ولدينا الكثير من النماذج الرائعة للمرأة الناجحة في غزة والضفة الغربية،ونحن نحاول تسليط الضوء عليهن". وترى المحاضرة إسراء أن البرامج والأنشطة الإعلامية النسوية استطاعت مؤخرا إحداث مناقشات حول قضايا المرأة الثقافية والاجتماعية والسياسية رغم ضعف إمكانيات الإعلام النسوي. د. عمير الفرا أستاذ الإعلام بجامعة فلسطين يعتبر من جهته أن " الساحة الفلسطينية خاصة في غزة شهدت زيادة ملحوظة في عدد النساء والفتيات اللائي يعملن في كافة قطاعات وسائل الإعلام"، ويشير الفرا إلى غياب إستراتيجية إعلامية نسوية تتسم بالتحالف المتين بين المراكز النسوية والإعلاميات والصحفيات في غزة". صعوبات وتحديات يغلب على مجتمع غزة المحافظ عقلية ذكورية وعادات وتقاليد شائكة، ما يقف عائقا عند مخاطبة الرجل بشأن قضايا ترتبط بالمرأة. ويقتضى ذلك وجود برامج وإستراتيجيات متوافقة مع هذه العقلية، كما جاء في حديث لعدد من الإعلاميات والصحفيات في غزة مع DWعربية. كما إن الخطاب الإعلامي النسوي في غزة يفتقر، حسب د. عمير الفرا إلى التطور والممارسة والتدريبات. ويعود ذلك إلى الحصار المطبق على قطاع غزة منذ عام 2007 والذي يحد من سفر الإعلاميات للمشاركة في دورات ومؤتمرات ووأوراش عمل، تصقل عملهن المهني". وفي هذا السياق تؤكد الصحفية إسلام أنه تم توجيه دعوات كثيرة لها ولطاقم العمل في إذاعتها من طرف مؤسسات إعلامية عربية ودولية للمشاركة في دورات تدريبية هن بحاجة ماسة لها لاكتساب الخبرة وللتطوير، لكن إغلاق المعابر حال دون سفرهن. يضاف إلى ذلك" عدم التمكن من استلام تبرعات دولية لمعدات الإذاعة بسبب الحصار على غزة. وقد وهذا أوصلنا ذلك إلى مرحلة اكتئاب حاد بسبب نتيجة الحصار الجغرافي". تحقيق نجاحات ملموسة "لم تعد المرأة في فلسطين وفى غزة خاصة عبارة عن "ديكور في المنزل" بل تغيرت الصورة النمطية " هذا ما تصرح به سكرتيرة تحرير مجلة الغيداء سمر الدريملي، التي مثلت فلسطين في محافل عربية ودولية، مضيفة أن " امرأة غزة حققت إنجازات ونجاحات كثيرة في كافة المجالات محليا ودوليا، وحصدت جوائز محلية وعربية ودولية. ولدينا قصص نجاح لسيدات واجهن كل الصعوبات والتحديات المجتمعية والحزبية" وأشارت الدريملي إلى أن الإعلام النسوي تطرق للعديد من قضايا المرأة الحساسة كسفاح القربى والاغتصاب والقتل وغير ذلك من القضايا وصولا إلى التركيز على قضايا مستجدة على الساحة الفلسطينية وعلى دور المرأة في إعادة اعمار غزة. هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل