"لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (يو 16:3). إن ميلاد السيد المسيح له المجد يظهر عمق محبة الثالوث القدوس.. ويكشف عمق محبة الله الآب.. السيد المسيح له المجد يقول: صدقونى أنى في الآب والآب في وإلا فصدقونى لسبب الأعمال نفسها (يو 11:14). هذه هي عناية الله بالبشرية أن الآب يرسل ابنه إلى العالم.. ليخلص العالم.. ويفدى البشرية ويرد الإنسان إلى محبته الأولى.. ويرد قلب الله على البشرية. لأن الله عادل.. وعدله مطلق.. ومحب.. ومحبته مطلقة.. ورحيم.. ورحمته لا نهاية لها.. فعدل الله.. مملوء رحمة.. ورحمة الله.. مملوءة عدلًا. ويقول معلمنا بولس الرسول: "ولكن لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولودًا من امرأة.. مولود تحت الناموس ليفتدى الذين تحت الناموس" (غل 4-5:4) . فإننا نعلم أن الله واحد.. مثلث الأقانيم.. الله الآب.. الله الابن.. الله الروح القدس.. وإن تمايزت الأقانيم.. فالجوهر في الثالوث واحد.. جوهر الألوهية. الله الآب أرسل مسيحه.. اتخذ صورة العبد في أحشاء العذراء.. وكان عمل الابن التجسد فلنسمع كيف كان هذا من عمل الابن. "الذي إذا كان في صورة الله، لم يحسب خلسة أن يكون معادلًا لله لكنه أخلى نفسه، أخذًا صورة عبد، صائرًا في شبه الناس" (في 2-7:6). فنجد أن المحبة الإلهية بميلاد رب المجد.. هي عمل الثالوث القدوس أيضًا الآب والابن والروح القدس. كما جاء في الإنجيل المقدس: "الروح القدس يحل عليك وقوة العلى تظللك فلذلك أيضًا المولود منك يدعى ابن الله" ( لوقا 34:1 ). فالله هو مصدر كل الخيرات.. وهو الذي يملأ قلب الإنسان بالفرح الحقيقى.. الفرح الروحى الذي يبهج البشر فيه.. فكل من يعرف محبة الله.. يعرف الطريق إلى الفرح الحقيقى فالله الآب يحبنا في ابنه الوحيد.. لأن فيه اختارنا قبل تأسيس العالم ولذلك السيد المسيح له المجد يفصح عن هذه المحبة بقوله: "لقد أحببتهم كما أحببتنى". ميلاد السيد المسيح له المجد هو عناية الله الفائقة بالبشرية. فميلاد السيد المسيح له المجد.. إعلان عنايته الإلهية الفائقة لكل العقول.. جاء بميلاده ليهب الإنسان سلامًا حقيقيًا فيه.. ويربطنا بدائرة المحبة الإلهية.. التي بها أحب الله البشرية. هو رسالة.. حب.. سلام.. الذي نرجوه من الله لكى يفيضه على العالم الذي يفتقر إليه في وقتا الحاضر. اليوم الذي لا يعرف الناس فيه لا المحبة.. ولا السلام.. لأنهم يطيعون شهوات قلوبهم.. في التقاتل.. بدل التعايش.. يعيشون بفكر الدمار بدل الإعمار.. يعيشون في الأنانية ومحبة العالم الفانى.. بدل من عمل الخير والصلاح من أجل الآخر. فالسلام في مجمله نعمة تتدفق من عند الله. عامرة.. غامرة.. قوية.. جارفة.. تقتلع الخصومة.. وتطيح بالحقد والكراهية ونبذ الآخر وتوجب الرحمة.. وتدفع إلى عمل الخير. فلنحمل نور وصايا السيد المسيح له المجد.. ونحمل سلامه.. ومحبته.. ونقدم الخير للكل.. حتى يروا أعمالكم الحسنة، فيمجدوا أباكم الذي في السموات. ببركة ملك السلام نعيش الأنشودة الحلوة المملوءة من الحب والسلام. "المجد لله في الأعالى وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة " (لو2: 14).