منذ تولى الدكتور إبراهيم غنيم حقيبة "التربية والتعليم" قبل انطلاق العام الدراسى بأيام قليلة، والحديث عن العنف المدرسى لا ينقطع، فمع بداية تولى غنيم المسؤولية وقبل البدء فى العام الدراسى الحالى، طالب أعضاء اتحاد طلاب الجمهورية بلقاء الوزير من أجل تأكيد رفضهم العنف المدرسى الذى كان يمارس فى السنوات السابقة، لكن الوزير لم يلتقِ بهم، ومضت الأيام وبدأ العام الدراسى الحالى على طبول احتجاجات المعلمين، ومنذ الأسبوع الثانى للدراسة بدأت حوادث العنف فى الظهور من خلال شكوى عدد من أولياء أمور مدرسة ديرب نجم الإعدادية بالشرقية من ضرب المعلمين أبناءهم.. لم يقف الأمر عند حد الضرب حيث تحوّل العنف إلى الإيذاء البدنى والنفسى، فى حوادث قص الشعر، وهتك العرض، وأخيرًا الإصابات الخطرة، كإصابة الطالب يوسف عادل سلامة بالصف الأول الإعدادى من قبل المعلم محمد أحمد سعيد إسماعيل مدرس الدراسات الاجتماعية بمدرسة الأورمان بالفيوم، بقطع فى الرباط الصليبى.. فهل فشل وزير التربية والتعليم فى القضاء على ظاهرة العنف فى المدارس؟ إبراهيم الشبكشى وكيل أول وزارة التربية والتعليم سابقًا رائد عام اتحاد الطلاب التابع لوزارة التربية والتعليم، أكد أن غنيم فشل فشلًا ذريعًا فى القضاء على حوادث العنف فى المدارس، وأشار إلى أن الوزير صرّح فى الأسبوع الأول من العام الدراسى بضرورة عودة الانضباط إلى المدرسة، ومعاقبة الطلاب المخالفين، من أجل الحفاظ على هيبة المعلم داخل الفصل، وهى التصريحات التى كرّرها فى زيارته إلى محافظة الشرقية فى أكتوبر الماضى قبل أن يعود ويتراجع عنها بعد موجة الانتقادات التى واجهها، وقال الشبكشى إن أعضاء اتحاد الطلاب طلبوا لقاءه فور توليه الوزارة للتأكيد أن المدرس مدرس والطالب طالب، وضرورة اتخاذ إجراءات رادعة للقضاء على العنف داخل المدارس، لكنه رفض لقاءهم. خبير التقويم التربوى الدكتور عزت عبد الرؤوف، أشار إلى أن العنف ظاهرة مجتمعية اجتاحت المجتمع المصرى كله، ولم تقتصر فقط على المدارس، مؤكدًا أن حالة العنف الموجودة داخل الفصول المدرسية هى نتاج طبيعى لحالة الانفلات الأمنى الذى تعانى منه البلاد، وقال إن الوزير الحالى لم يفشل فى القضاء على العنف داخل المدارس، لأنه ليس المسؤول الأول عنه،لكنه فشل فى أهم الملفات المطروحة، وهو التخلص من القيادات التى أفسدت التعليم طوال العقود الماضية، ممثلًا تلك القيادات بالدكتور رضا أبو السريع مساعد أول وزير التربية والتعليم والمسؤول عن مدارس المتفوقين حاليًا، رغم أنه كان مطلوبًا للاستجواب فى مجلس الشعب المنحل فى دورة 2010 حول أموال المعونة التى كان مسؤولًا عنها داخل الديوان. أما نقيب معلمى 6 أكتوبر والواحات أحمد الأشقر، فقد أكد أن غنيم أهم أسباب تزايد ظاهرة العنف التى اجتاحت المدارس فى الفترة السابقة، موضحًا أن غضب المعلمين تجاه الوزارة وتجاه فشل الوزير فى إيجاد حل لأى قضية من قضايا التعليم، تحول إلى رد فعل عنيف تجاه الطرف الأضعف، وقال "فالتصريحات المتضاربة مع تقارير الوزارة والمماطلة فى تنفيذ الالتزامات التى ألزم الوزير بها نفسه، أدّت إلى تنامى إحساس الغضب لدى المعلم، وانفجاره فى وجه الطلاب". وأكد أن هناك عددًا من القرارات الخاطئة التى اتخذها الوزير وأكد عدم العمل بها بتعليمات شفهية، مما أدى فى النهاية إلى هذه الحوادث، ومنها قرار تطبيق نسب الغياب على الطلاب، وتعليماته فى ما يتعلق بأن أى طالب يتعدّى على مدرس يفصل فصلًا نهائيّا دون تحقيق، وفى نفس التوقيت الذى صدرت فيه هذه القرارات صدرت عن الوزير تعليمات شفهية لمديرى المديريات ومديرى الإدارات بمنع التعامل بهذه القرارات حتى لا يثيروا حفيظة الطلاب، وأولياء الأمور، وأكد أن حالة الانفصام بين القرارات وتعليمات الوزير أدت إلى تنامى روح العنف المتولد عن غضب المعلمين، وقد وجد هذا الغضب متنفّسًا له فى الطرف الأضعف وهو الطلاب، وأكد الأشقر أن كل قرارات وتصريحات الدكتور غنيم دائمًا ما تثير المشكلات، وأنه لم يتخذ قرارًا واحدًا يصلح دون أن يفسد. من جهته، نفى المتحدث الرسمى لوزير التربية والتعليم محمد السروجى، أن يكون الدكتور غنيم فشل فى التعامل مع حوادث العنف المدرسى، موضحًا أن غياب المعلومات يجعل البعض يكوّن رأيًا خاطئًا، وأكد أن الواقع الحالى وتآكل سلطة الدولة وهيبتها السبب الرئيسى فى حالات العنف المدرسى، موضحًا أنه لا حاجة إلى تشريعات جديدة حتى يستطيع وزير التربية والتعليم القضاء على مثل هذه الظاهرة، وقال "نحن ينقصنا تطبيق القوانين"، مشيرًا إلى أن القانون يعطى الحق للوزير فى أن يوقع الجزاء على أى معلم، وأن العقوبات تبدأ من لفت النظر، وهذا الجزاء يؤدى إلى تأخير ترقية المعلم وينتقص من استحقاقاته المالية، وهناك خصم شهر من الراتب، وهو أيضًا جزاء يعطّل الترقية، ويؤثّر على مكافأة الامتحانات، مؤكدًا أن الوزير لا يستطيع فصل أى معلم،لأن هناك قانونًا يحكم العاملين بالدولة، وإن فعل ذلك يمكن للمعلم المفصول اللجوء إلى القضاء لاسترداد حقه.