صدر عن "دار تويتة" للنشرِ والتوزيع ديوانُ "مجاز الماء" للشاعر سامح محجوب. وياتي هذا الديوان بعد ديوانَينِ يحملُ كلٌّ منهما تجربةً مختلفةً عن الآخر، ففي الديوانِ الأول "لا شئ يساوي حزن النهر" تطْغَى النفسُ الحالمةُ على الديوان النفسُ التي تبحثُ عن غُصنٍ يناسبُ طبيعتَها وألحانَها، وفي الثاني "الحفر بيدٍ واحدة" تستقرُّ النَّفسُ قليلا فتظهرُ روحُ التحدّي والإصرار على مواجهة الصّعاب، ونجد النظرةَ الواقعية تغلبُ على قصائدِ الديوان. أما الديوان الجديد "مجاز الماء" نرى سامح محجوب العاشقَ للجمال، ولا سيما جمالَ الأنثى، بكل مُتعلّقاتها الأنثويّة من "رقةٍ، وحُسنٍ، وأنوثةٍ، وفساتينَ، وعطور، وحُليّ، وصِبا" ومن خلال عشقه وسعيه خلفَ المرأة الجميلة يكشفُ لنا بروح الشاعر المُحلّق عن مروجٍ للجمال ما رأتها عينٌ، ولا وردتْ في ذهن جان، يقفُ سامح محجوب أمامَ المرأةِ تمامًا كما يقفُ النحّاتُ أو الرسّامُ أمام أنثى عاريةٍ كي يكشفَ تفاصيلَ حُسنها في عملٍ تشكيلي يُكتَبُ له الخلود ولا حظَّ له فيه إلّا لذّةُ النَّظرِ والمتأملُ لعناوينِ قصائدِ الديوان يجد أن محجوب حلّقَ في كلّ الفضاءات، وغاص في جميع الأعماق وعاد بالدرِّ المكنون فهذا " شبق انفرادي" حيثُ يتوَّحَّدُ الشاعرُ مع أنثاه يُعبّرُ عن تفاصيل أسمى علاقةٍ تجمعُهُ بها في لغةٍ تُشْبِهُ عزْفًا مُنفردًا على آلةِ الكمان في رقّتِهِ وعنفْهِ، وهذا "عنفُ السوسن" الذي يشدُّ الشاعر في اتجاهينِ متضادينِ وهذا "دنٌّ وحان" الذي يطاردُهُ الشاعرُ فلا يجدْ إلا سرابًا. في مجازِ الماء استطاعَ محجوب أن يقدَّمَ مجازًا جديدًا، العلاقاتُ فيه ليستْ ماديّة لكنها علاقات وجوديّة بينها وبينَ نفْس الشاعر جسورٌ من الحزنِ والألمِ والتأمل الذي يحوّل عذاباتِ النفسِ الداخلية إلى عوالمَ مرئيةٍ من الجمالِ والتشكيلِ اللُّغوي الفريد.