«السادس من أغسطس 2015» بمثابة العبور الثاني، وكأن الله أراد أن يكون كل عبور مقترن باسم قناة السويس، ففى السادس من أكتوبر 1973 كانت قناة السويس، صاحبة الفضل في القضاء، على أسطورة إسرائيل، وبعد قرابة 42 عاما، تأتى القناة في مشروعها الجديد، لتخرس ألسنة المغرضين من عناصر جماعة الإخوان، المصنفة إرهابية، والموالين لها، من أصحاب دعاوى التشكيك في إنجاز المشروع، خاصة وأنه المشروع تم إنجازه في عام واحد فقط. اللجان الإلكترونية التابعة للجماعة عملت على أكثر من محور، منها التشكيك في المشروع من الأساس، وإيهام المصريين الذي مولوا المشروع بأنه مجرد مشروع وهمى استغلته الحكومة لجنى المليارات من الشعب، لكن الواقع وضع نهاية لادعاءات الجماعة. جماعة الإخوان لم تجد بدا من العمل بالخطة البديلة، وادعاء أن مشروع القناة الجديدة، ما هو إلا سرقة لمشروع محور تنمية قناة السويس، الذي طرحته الجماعة الإرهابية، ضمن مشروع النهضة المزعوم في البرنامج الانتخابى للرئيس المعزول محمد مرسي، إلا أنهم لم يدركوا أن هناك فارقا كبيرا بين أن تبيع قطعة أرض وبين أن تبيع وطنًا، حيث استبدلوا بيع الأراضى والمشروعات بالذي هو خير «تعمير وتنمية ذاتية»، فالجماعة ومندوبها المعزول ورئيس وزرائه هشام قنديل كانوا يبحثون عن المال ليسدوا عجز الموازنة، ويضمنوا استمرار حكمهم ولو لشهور، لذلك راحوا ينفذون مصالحات مع رجال الأعمال الهاربين، ويقدمون وعودًا «خفية» تارة وعلنية تارة أخرى للمستثمرين أيا كانت جنسياتهم، وأيا كانت نواياهم. فحقيقة المشروع الإخوانى كما جاء في مسودة قانونه، وفقًا لإجماع الخبراء والمتخصصين، كان بمثابة إعلان رسمى لإقليم قناة السويس واستقلاله عن الدولة المصرية، وأيضًا تحويل المشروع إلى ملكية خاصة لأعضاء الهيئة العامة لتنمية إقليم قناة السويس، وكذلك منح رئيس الجمهورية سلطات مطلقة للإقليم بعيدًا عن أي رقابة، كما تدعو مسودة القانون العالم وكل من شاء ليمارس نشاطه التجارى في هذا الإقليم حسبما يشاء مطمئنًا إلى أن الإقليم خارج نطاق القوانين المصرية والأجهزة المؤسسية المصرية. مشروع القانون الإخوانى بشأن تنمية محور قناة السويس بمواده ال30 يجعل مجموعة ال15- والمسماة وفقًا للمادة الثانية - والهيئة العامة لتنمية إقليم السويس لا تتبع سوى رئيس الجمهورية، يضع لها نظامها الأساسى بقرار منه، وهو الذي يحدد الأبعاد والحدود والمناطق الخاصة والمشروعات الداخلة في نطاق الهيئة، وللهيئة جميع اختصاصات الوزراء ورؤساء الهيئات العامة في نطاق الإقليم. وفى الوقت نفسه الهيئة ليست مسئولة أمام السلطة التشريعية حسبما ينص الدستور وحسبما يوجب أن يكون للسلطة التشريعية مساءلة الوزراء وفقًا للمواد 122، 123، 124، 125، 126 من دستور 2012، وكذلك التخطيط العمرانى وبناء المرافق للإقليم والتخطيط العام للقطاعات ووضع النظم الخاصة بإنشاء وإدارة الموانئ والمطارات، مما يؤكد انحسار سلطة الدولة المركزية عن هذا الإقليم. القائمون على «اللجان الإخوانية الإلكترونية» يجهلون أن مشروع قناة السويس الجديدة مشروع قومى جديد يلتف حوله الشعب المصرى، مثلما حدث مع بناء السد العالى، وان "مشروع حفر القناة الجديدة" يختص بتطوير قناة السويس كممر ملاحي، من خلال إنشاء تفريعة جديدة موزاية للقناة الحالية بطول 34 كيلو متر، وتعميق وتوسيع المجرى الملاحى الحالى بطول 72 كيلو مترا، والفائدة الأصلية من هذه القناة هي تقليص الفترة الزمنية لعبور السفن. القناة الجديدة انشئت على عدة مراحل، أولها إنشاء قناة جديدة موازية للأصلية، وتحويل المنطقة من مجرد معبر تجارى إلى مركز صناعى ولوجستى عالمى لإمداد وتموين النقل والتجارة. ويبلغ طول القناة الجديدة 72 كيلو مترا منها 35 كيلو مترا حفر جاف، و37 كيلو مترا توسعة وتعميق للقناة الأصلية، تنافست 14 مجموعة شركات على تنفيذ القناة الجديدة قبل فوز تحالف يضم الجيش مع شركة دار الهندسة، ويشرف على إنشاء المشروع لجنة وزارية يرأسها رئيس مجلس الوزراء إبراهيم محلب وتنفذه القوات المسلحة منفردة وبالشراكة مع دار الهندسة ومكاتب خبرة عالمية. ويطمح المشروع إلى توفير فرص عمل تفوق المليون، وتنمية 76 ألف كيلو متر على جانبى القناة، واستصلاح وزراعة نحو 4 ملايين فدان. وتتضمن خطة تنمية قناة السويس 42 مشروعًا، وإنشاء نفق الإسماعيلية المار بمحور السويس للربط بين ضفتى القناة، وإنشاء نفق جنوب بورسعيد أسفل قناة السويس لسهولة الربط والاتصال بين القطاعين الشرقى والغربى لإقليم قناة السويس، وتطوير ميناء نويبع كمنطقة حرة، وتطوير مطار شرم الشيخ، حتى موقع محطة تنقية شرق القناة لدعم مناطق التنمية الجديدة، وإقامة مطارين، وثلاثة موانئ لخدمة السفن، ومحطات لتمويل السفن العملاقة من تموين وشحن وإصلاح وتفريغ البضائع، وإعادة التصدير، وإقامة وادى السيليكون للصناعات التكنولوجية المتقدمة ومنتجعات سياحية على طول القناة، إلى جانب منطقة ترانزيت للسفن ومخرج للسفن الجديدة مما سيؤدى إلى خلق مجتمعات سكنية وزراعية وصناعية جديدة. اللافت أنه طوال عام كامل لم تتوقف جماعة الإخوان عن تشويه حلم المصريين بشق قناة جديدة تساهم في دفع عجلة الاقتصاد، لم ينج الحلم المصرى من الهجوم الضارى من قبل المنتمين للجماعة الإرهابية، فانتشرت الشائعات سريعا للتشكيك في نفوس المصريين. وبدأت اللجان الإلكترونية في القيام بدورها على الوجه الأكمل، للتخديم على عناصر جماعة الإخوان في القيام بمهمتها بمحاولات نشر شائعة حول إلغاء الفائدة المخصصة لشهادات استثمار مشروع قناة السويس الجديدة من قبل البنك المركزى. كم الألاعيب والأكاذيب التي ابتدعتها الجماعة الإرهابية والتي تحولت من مجرد شائعات يطلقونها إلى أكذوبة صدقها الإخوان أنفسهم، وتنوعت حيلهم في بث سموم الشائعات بترويجهم أن المشروع الجديد يمثل خطرًا على الأمن القومى، وأنه يصب في مصلحة الكيان الصهيونى ولا يمثل إضافة للاقتصاد المصري. وكان من أبرز الافتراءات على القناة الوليدة ما قاله أحد الموالين للجماعة، إن مشروع قناة السويس الجديدة «بداية انتقام من الله»، متابعًا على موقع التواصل الاجتماعى تويتر، «مشروع قناة السويس بداية انتقام الله من مهاويس السيسي، لأنهم سيدفعون أموالهم في سراب كاذب، وإلا فكيف اقتنعوا بأخذ الفائدة من مشروع تحت الإنشاء؟!». ولكن الإرادة المصرية، بفضل العزيمة والعناية الإلهية كانت كفيلًا بأن تقلب السحر على الساحر، ولم تستطع افتراءات الإرهابية الصمود أمام الخطوات الجادة لتحقيق الحلم على أرض الواقع، حيث وصلت معدلات التنفيذ للمشروع بعد مرور 7 أشهر ونصف من العمل به، عقب تلقى الأمر بالبدء في تنفيذه من الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى 215 مليون متر مكعب من ناتج أعمال الحفر الجاف بنسبة تنفيذ 93.5٪ من إجمالى الكمية المخطط حفرها، وبنسبة تنفيذ 107٪ من المخطط تنفيذه خلال هذه الفترة التي تضمنت حفر القناة الرئيسية بطول 35 كم ابتداء من علامة الكيلو متر 60 ترقيم القناة شمالًا، وحتى علامة الكيلو متر 95 ترقيم القناة جنوبًا. وكذلك حفر 4 قنوات اتصال عند علامة الكيلو متر (65 - 76 - 84 - 89) ترقيم القناة بطول «4» كيلو مترات، وبإجمالى «180» مليون متر مكعب من أعمال الحفر الجاف وهو ما انتهى تنفيذه بنسبة 100٪، ووفقًا للتصريحات الأخيرة للفريق مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس، فإن أعمال التكريك انتهت بتكلفة لم تتجاوز ال4 مليارات دولار، الأمر الذي كان كفيلا بأن يقطع ألسنة الحاقدين والمغرضين. وفى 11 يونيو 2015، أي قبل 56 يومًا من الافتتاح، كان قد انتهى على أرض الواقع حفر 230 مليون متر مكعب من أعمال الحفر الجاف بنسبة تنفيذ 100٪ للقناة الرئيسية بطول 35 كم من علامة الكيلو متر 60 ترقيم القناة شمالًا حتى العلامة 95 ترقيم قناة جنوبا. ولم تكن الإرادة والدعم المالى فقط هما العامل لإنجاح المشروع، ولكن الدم الذي دفعه المصريون في حفر القناة القديمة، جعل عمال العصر الحديث لا يدخرون جهدًا لدفع المزيد من أجل نجاح مشروع القناة الجديدة، فلم يقدم الشعب المصرى المال فقط، بل قدم البسطاء من أبناء الشعب أرواحهم أيضًا، حيث استشهد 8 من العاملين البسطاء في حفر المشروع.