ارتبط اسمه بالعسكرية والصحافة سويًا، وحين بحث الناعون عن لقب يكتب في نعيه جاء مشتقًا من رتبة عسكرية، فهو عميد المحررين العسكريين، وأول رئيس تحرير لجريدة معارضة في مصر الكاتب الصحفي صلاح قبضايا. اسمه الحقيقي هو محمد صلاح الدين قبضايا، إلا أنه اشتهر في الوسط الصحفي باسم «صلاح قبضايا» ولد في 25 فبراير1936، ونشأ في بورسعيد وقت الاحتلال الإنجليزي، ودرس في كلية الآداب قسم الصحافة في أولى دفعاتها 1961. الحياة في المدينة الباسلة كان لها مميزات لصلاح قبضايا فتم وضعه على أول طريق الصحافة، حيث كتب عدة كتابات عن مشاهداته في المدينة الباسلة وأبنائها وارسلها إلى صحيفة الاخبار، وبترشيح من مصطفى أمين التحق قبضايا بالجريدة كمراسل عسكري لها في أوائل الستينيات، وظل اسمه ملازمًا لجريدة الأخبار لفترة من الزمن، حيث شارك كمراسل عسكري في عدد من الحروب، وأصيب في حرب اليمن، ويعد كتابه «الساعة 1405» أول كتاب عن حرب أكتوبر 1973 وأهم المراجع عنها. أن تكون تلميذا للكبار له تداعياته، وكان قبضايا تلميذًا للكثير من الكبار، منهم مصطفى أمين وجلال الدين الحمامصي، ومع تأسيس أول صحيفة معارضة في مصر عقب 1952 وهي جريدة «الأحرار» المصرية، كان من المفترض أن يكون «الحمامصي» أول رئيس تحرير إلا أن رحلة غامضة لم يعرف سببها لباريس حالت دون ذلك، فترك الحمامصي التجربة الوليدة لتلميذه وشريكه فيها صلاح قبضايا. وأن تكون عسكريًا فإن المعارك ستكون خلفك أينما ذهبت، وكان ذلك قدر «قبضايا» الذي خاض بالأحرار العديد من المعارك لم تعتدها الصحافة بعد 1952، فلم تكن هناك صحافة معارضة تجرؤ على نقد الرئيس والحكومة والمطالبة بمحاكمة أعضائها في مانشيت ساخن بعنوان «محاكمة ممدوح سالم بسبب فضيحة القطن» وكان سالم ثاني رأس في الدولة. ومع اشتداد المعارك لم يكن النظام أمامه سوى الحل المعتاد، فتم الاتصال برئيس حزب الأحرار «مصطفى كامل مراد» وقال له السادات «افصل الواد قبضايا». وطبقًا لرئيس تحرير الأحرار «أيمن الشحات» فإنه تم الاتفاق على فصل قبضايا في العلن، مع الاستمرار في تحرير الصحيفة التي بقي فيها أسلوب المحرر العسكري العتيد فاتصل السادات مرة أخرى بمراد قائلًا «ريحة قبضايا لسه في الأحرار» ليرحل عنها فعليًا. مع رحيله عن الأحرار اضطر «قبضايا» للهجرة للعمل خارج مصر، وعمل مستشارًا للشركة السعودية للأبحاث والنشر التي أسسها صديقاه هشام ومحمد على حافظ، ثم ترأس تحرير صحيفة «المسلمون» أول صحيفة دينية تنويرية تخاطب المسلمين بلغة العصر. وفي 1996 عاد قبضايا لرئاسة تحرير الأحرار مرة أخرى، واستمر أسلوبه الصحفي الرشيق المعارض، ومعاركه حتى رحل عنها في 2009، فيما خاض غمار تجربة التدريس في أكاديمية أخبار اليوم. وفي يوليو من عام 2014، هزم قبضايا في معركته الأخيرة مع المرض ليلقى ربه، وخرجت صحف مصر تحمل نعيه في خبر كان عنوانه «وفاة عميد المحررين العسكريين».