لماذا أغلقوا قناة الفراعين؟ باختصار لأن توفيق عكاشة عكر الصفو العام، الذى تنعم به البلاد فى ظل الحكم الإخوانى الرشيد، وأشهد أنى رأيت الصفو العام، وقد ظهرت علي ملامح وجهه علامات التعكير، وبدا شاحب اللون، جاحظ العينين. اختفت من وجه الصفو خطوط العام، فلم يعد صفوا عاما، وأصبح بفعلة توفيق بن عكاشة صفوا خاصا، وهي الفعلة الشنعاء.. التي توجب على ولى الأمر أن يكون حاسما، قويا، غاضبا، وفي رواية أخرى يقول الإخوان: إن عكاشة حرض على قتل الريس مرسى، علما بأن مرسي لا يهمه الرصاص، فهو الذي قدم مشهدا عنتريا عظيما في ميدان التحرير، وقال قولته الشهيرة «أنا لا أرتدي قميصا واقيا فكيف إذن يمكن لعكاشة أن يحرض على قتله؟ الرئيس الذى لا يرتدى قميصا واقيا، بعد مرور أربعين يوما تقريبا من رئاسته، ضبط مسافرا إلى مسجد الحصرى بدولة 6 أكتوبر المستقلة، بطائرة هليكوبتر حربية، لأداء مناسك صلاة الجمعة هل يؤمن بالقدر خيره وشره أم لا؟! بالطبع هو الرئيس المؤمن، والمعتكف أحيانا، وخصوصا في الليالى الوترية. وطالما أنه يؤمن بالقدر خيره وشره.. إذن فلو اجتمعت الأمة على أن يضروه بشيء لن يضروه إلا بشيء قد كتبه الله عليه، وإن اجتمع عكاشة وأسرة قناته كلها، على أن ينفعوه بشيء لن ينفعوه إلا بشيء قد كتبه الله عليه. بعد براءة عكاشة من تهمة تعكير الصفو العام، وتهمة التحريض على قتل الريس مرسي، يبقى أن نذكر مآثر الرئيس، وأفضاله، وأقواله، أليس هو القائل بأنه فى عهده لن تغلق قناة، ولن يقصف قلم؟ الإخوان لديهم أدلة دامغة على أن قناة الفراعين ليست قناة، ولديهم خرائط من وزير الري تفيد أنها ترعة وربما «مسقة» أو «قناية» صغيرة في حقل وضيع، وللرئيس الحق في إغلاق أى ترعة وسد أي «مسقة» وردم أي «قناية»، وإغلاق الترع، وردم المساقى، وكل ما على شاكلتهما، يعد من صميم سلطات الرئيس، ولا يستطيع «أي مواطن» أن يحول دون ذلك، ومن يفعل أو يحاول هو من الفلول، ومن الثورة المضادة. ومن عجب أن أتباع الجماعة إياها اعتبروا قرار مرسى الصادر من وزارة الاستثمار ووزير الإعلام الحاج متولى، هو من القرارات التى حررت مصر من براثن السيطرة الأمريكية، وحالت دون أن تقوم إسرائيل نيابة عنا بقصف الإرهابيين الذين اغتالوا أبناءنا غدرا على الحدود. قرار إغلاق ترعة الفراعين وضع اسم مصر عاليا بين الأمم، وأعاد إليها دورها الإقليمى، والدولى، وربما تصبح مرة أخري صاحبة الريادة الإعلامية مع الاعتذار للسيد صفوت الشريف صاحب المصطلح، كما أن قرار الغلق أصاب إسرائيل بالرعب، وجعل الأمريكان يضربون أخماسا فى أسداس، وقد صدر عن بكين عاصمة الصين بيانا يحذر من خطورة الاستقلال المصري، كما شهدت العاصمة الروسية موسكو جولات مكوكية من قيادات سياسية أوروبية، آسيوية، وأفريقية تحذر من تنامي الدور المصرى، بعد هذا القرار الجريء، ولم يستبعد عدد من المحللين الغربيين قيام قوات أجنبية بعدوان خماسى علي مصر، ليكون أكبر من العدوان الثلاثي الذى شنته إسرائيل وفرنسا وإنجلترا عقب إعلان جمال عبد الناصر قرارا أصغر حجما، وأقل خطرا، عندما قرر تأميم قناة السويس.. ودلل الخبراء على صدق توقعاتهم أن عبد الناصر فى عز مجده «أمم» فقط، بينما مرسى أغلق. محللون عرب وآخرون من العجم قالوا: إن قرار الإغلاق ربما يؤدى إلى إعادة تشكيل خريطة العالم من جديد، وأن السيد الرئيس قد دخل التاريخ من أوسع «حتة» وأن التاريخ المصرى سيؤرخ له من جديد، بحيث ينضم إلى زملائه من تواريخ العالم، التاريخ الهجري والميلادى مثلا، وطالبت قوى دينية بضم غزوة الفراعين إلي غزوة الصناديق المجيدة، وإصدار قرار لأبطال غزوة الفراعين باعتبارهم شهداء حتى لو كانوا أحياء، فكما تعلمون الشهداء ليسوا أمواتا في الأصل بل أحياء عند ربهم يرزقون، ويتردد أن قائمة بأسمائهم يتم إعدادها في تكتم شديد، من قبل أولى الأمر، وقد تمتد الفائدة إلي أسرهم جميعا، وذلك برفع التكليف عنهم، فقد غفر لهم ما تقدم من ذنبهم وما تأخر، خاصة أن فتوى الشيخ الجليل، والعالم المهذب للغاية، خالد عبد الله، قد منحت كل من يهاجم الإخوان وصف «زبالة» وكما تعلمون فإن الريس مرسي مهتم جدا بالزبالة، واعتبر قرار إغلاق ترعة الفراعين من قبيل رفع الزبالة، وينتظر مجاهدو غلق الفضائيات فتوي صريحة من الشيخ صفوت حجازى باعتبار إغلاق القنوات، والترع، والمساقي الإعلامية، جهادا في سبيل التكميم، ويعد الشيخ الجليل نفسه لمواجهة الفئة الضالة، بفتوى من نوعية جديدة تتشابه إلى حد كبير مع فتوى فضيلته للفنان أحمد الفيشاوى، بإنكار زواجه من هند، وإصداره فتوى لها بإجهاض نفسها.. أما مسألة التضييق على الصحف والصحفيين، ومنع نشر مقال الكاتبة الكبيرة عبلة الروينى بمجلة أخبار الأدب، فإنه ليس قلة أدب كما قد يتصور البعض، وإنما هو لزوم حماية الزميلة من نفسها الأمارة بالسوء، وقد شهد بعض زملائها بأنها تتصور أن لها نفس حقوق الكتاب من الرجال، ولا تدرك أنها مجرد وعاء للإنجاب، وأنها إن تصورت عكس ذلك، فقد يصدر قرار من أعلى هيئة للفتوى داخل الجماعة، باعتبارها من سبايا الحرب ضد العقول . وأغلب الظن أن قرار إغلاق القنوات والترع بسبب إلقاء الجماهير للنفايات بها إنما يصدر تباعا حماية للمسلمين من أذى الكفار.. كفار القلم وملحدو الشاشات. وقد علمت من مصادري داخل الجماعة إياها أن البداية كانت بالفراعين لأنها وكما ترون من اسمها تابعة لفرعون موسى الذى هدد نبى الله، وبالتالى فإن إغلاقها واجب ديني ونصرة للأنبياء وقد يتبعه قرار هدم الهرم وأبو الهول ومعبد أبو سمبل، فكلها رموز فرعونية كافرة، الإبقاء عليها تفريط فى دين الله، ونحن من يحكم بوكلاء الله فى الأرض بشهادة شيوخ أم اللالى ودعاة أم ترتر !!