ربما يكون أحمد عاطف عبد العظيم بهيج، الطالب بالصف الثالث الثانوى بمدرسة إهناسيا التجريبية بمحافظة بنى سويف، الأكثر سعادة الآن بسلسلة التكريمات الخارجية التي حصل عليها، إلا أن تجاهل محافظته له تسبب في ألم نفسى شديد له. «بهيج» فاز بالمركز الثالث على مستوى العالم بالمعرض الدولى لعرض المشروعات العلمية، الذي أقيم بماليزيا في ديسمبر 2014، وكرمته دولة الإمارات، ورغم صغر سنه إلا أن إنجازاته جعلته باحثا بجامعة بنى سويف، والمدير التنفيذى لرابطة المخترعين العرب، وعضوا بلجنة المخترعين بالمجلس العربى الأفريقى للتكامل والتنمية. طالب الثانوى قدم مشروعًا فريدًا يستطيع من خلاله حل أزمة الكهرباء التي تضرب مصر سنويًا خلال ساعات فقط، كل ما يحتاجه اهتمام من الوزارات المعنية. في سطور قليلة.. حدثنا عن اختراعك؟ ابتكارى يتلخص في «مولد كهربائى ذاتى الحركة»، وتوصلت إلى نتيجة إنتاج وتوليد الكهرباء ب«zero طاقة» باستخدام طاقة تنافر المغناطيسات وتحويلها إلى طاقة حركية يتم إدخالها على مولد كهرباء ينتج 2000 وات من الكهرباء، واختراعى يمكنه العمل طوال اليوم دون توقف، ما يجعله قادرا على حل كثير من المشكلات التي تواجه مصر والعالم اليوم، كاستخدام الطاقات غير المتجددة في توليد الكهرباء، وضرورة الاحتياج إلى مصدر حركة خارجي، كالرياح والسدود وغيرها». لكن ما دافعك لهذا المشروع تحديدًا؟ أزمة الكهرباء التي ضربت مصر مؤخرًا، واتجاه البعض لتوليد الكهرباء بوسائل أخرى منها الطاقة الشمسية، فاتجهت إلى هذا المشروع من منطلق الأهمية الاقتصادية والصحية للكهرباء، فمصنع ألومنيوم نجع حمادى يتوقف 4 ساعات يوميا عن الإنتاج بسبب عدم توافر الطاقة الكهربائية اللازمة له، رغم أنه يسدد مليارا ونصف المليار جنيه سنويا للكهرباء، ما يعرضه لخسائر سنوية تقدر ب4مليارات جنيه، فضلا عن التأثير الصحى للكهرباء حال انقطاعها عن غرف العمليات وحضانات الأطفال بالمستشفيات. متى بدأت تفكر في مشروعك؟ أثناء دراستى بالمرحلة الابتدائية، كنت اهتم بفك الألعاب وإعادة تركيبها، حتى نمت تلك الموهبة لدى وشجعنى والداى على الالتحاق بمركز التطور التكنولوجى التابع لمحافظة بنى سويف، واكتشفت لاحقا حبى للهندسة خصوصا «الكهربائية والنظرية». كنت بفك وأركب حاجات، لم أكن أفهم وقتها معانى الاختراعات والأبحاث، وعندما شعرت مثل غيرى بأزمة الكهرباء والطاقة التي تعانى منها مصر، فكرت في المشروع وتوصلت للفكرة أن ننتج كهرباء بأدنى تكلفة، إلى أن وفقنى الله في نجاح فكرتى التي توفر المليارات للعالم، ويمكن الاعتماد عليها بشكل أساسى في توليد الكهرباء للمنازل والمستشفيات والأماكن العامة والخاصة، ويمكننا بناء مصانع في مناطق بعيدة عن المدن لتوفير الكهرباء لها بأقل تكاليف. هل فكرت في تسجيل براءة اختراع للمشروع؟ نعم.. منذ بداية عام 2014 وأنا شغال على المشروع وعندما توصلت إلى نتيجة إيجابية قمت بتسجيله في مكتب براءة الاختراع بأكاديمية البحث العلمي، وحصلت على عدة اعتمادات من أساتذة الفيزياء بكلية العلوم بجامعة بنى سويف، لإثبات صحة نظريتي، كما حصلت على الجائزة البرونزية، كما فزت بالمشروع بالمركز النهائى الجمهورى في المؤتمر الثانى للهندسة والعلوم (إنتل). من الطبيعى أن صعوبات واجهتك.. حدثنا عنها؟ أول صعوبة كانت عدم وجود معمل بمدرستي، فضلا عن أنها ظلت لسنوات مكونة من مبنى واحد قبل أن تتسلم مبنى آخر ملحق بها حديثا، ولظروف بناء المدرسة لم يكن بها أي معمل طوال فترة الدراسة، وأنا و4 طلاب آخرين الفصل الوحيد الثانوى بالمدرسة، ولكنى كنت أتغلب على ذلك بالتدريب في مركز التطور التكنولوجى التابع للمحافظة. وماذا عن دعم محافظة بنى سويف لك؟ المحافظة لم تقدم لى أي دعم، بل بالعكس واجهت تجاهلًا تامًا من محافظ بنى سويف رغم محاولاتى للاتصال به، لكن يرد عليَّ مسئولو مكتبه ويسألوننى عن عدة بيانات، وإلى الآن لم يكتب لى اللقاء به رغما من منافستى على لقب أفضل مخترع في العالم وتكريمى بدولة الإمارات، بناء على طلب من أحد رجال الأعمال الإماراتيين الذي كرمنى وسلمنى جائزة الصقر الذهبى ووشاح الإمارات. وأين وزارة التربية والتعليم من كل هذا؟ وزارة التربية والتعليم وفرت لى فرصة سفر إلى مسابقة دولية بإنجلترا، لكن للأسف لم يكن هناك تمويل كاف، والفيزا تأخرت، وتواصلت مع جهات بحثية علمية عن طريق الإنترنت، ثم جاءت فرصة بدولة ماليزيا بعد ذلك التواصل، لم أملك وقتها تكاليف السفر رغم موافقة كل الجهات، وتواصلت مع اتحاد طلاب مصر من خلال أمين الاتحاد عبد الله الصاوي، واستطاع الاتحاد إرسال طلبى إلى وزير التربية والتعليم لأكون المصرى الوحيد الممثل في المسابقة بكوالالمبور، كما تقدمت بماكيت للمشروع، لأن المشروع لم ينفذ بعد، وللأسف بسبب كسر الماكيت وبعض المشكلات، حصلت على المركز الثاني، ورغم أننى طالب ثانوي، لكن تقدمت في فئة طلاب الجامعات بالمسابقة، وكنت أصغر عربى موجود هناك، والمصرى الوحيد بها. ماذا تطلب من الحكومة؟ المشروع دخل في مرحلة التنفيذ وهو بحاجة إلى تكلفة مالية تتمثل في تصنيع «الإسطامبات» المنفذة للمنتج الفعلى للمشروع، ولا تتجاوز قيمة تكلفتها 250 ألف جنيه، ويصبح لدينا وحدة من المنتج قادرة على تشغيل مولد ينتج 2000 وات من الكهرباء. ولماذا لم تستجب لعروض سفرك للخارج؟ تلقيت عروضًا كثيرة من رجال أعمال عرب سعوديين وإماراتيين وعرضا إيطاليا، و«عرضوا عليَّ الجنسية الإيطالية والهجرة والإقامة هناك» لكنى رفضت كل الإغراءات المادية لتنفيذ مشروع ببلدى للاستفادة منه، والمساهمة في عملية التنمية التي يتبناها الرئيس عبد الفتاح السيسي. من مثلك الأعلى من المخترعين؟ «نيكولا تسد» أحد عظماء عصر أديسون، فهو مكتشف التيار المتردد وصاحب أول فكرة للراديو، وأطلق عليه معاصروة أنه مجنون لأنه كان يتحدث عن أشياء غريبة، لكنه كان ينفذها ويفاجئ كل من حوله. من أول شخص ساعدك في تنفيذ فكرتك؟ والدايَّ، فقد كانا دائمًا يناقشانى حول الفكرة وآلية وطريقة تنفيذها فعليا، وكانا يهيئان لى الجو للوصول لأقصى درجات التركيز في مشروعي، ووافقانى على السفر أكثر من مرة، فهما سندى الأول في طريقى لتحقيق حلمي. وماذا عن حلم لم تحققه بعد؟ أحلامى بسيطة في مجملها، لكنها مهمة في نظرتى لها، أحلم بأن أتعلم «كويس» وأضيف في العلم، وبعدما أموت تفضل مشروعاتي، وأكيد «نوبل» حلم أي حد، نفسى نحاول نغير من نفسنا وسلوكنا في مصر، والدولة تهتم بالباحثين لأنى لست الوحيد، لكن المناخ الذي نعيش فيه كباحثين صغار يحتاج دعما واهتماما خاصا، ودول أجنبية كثير بحتكر مشروعات صغار الباحثين المصريين، ونفسى إذا درست في مصر أن أدرس في جامعة النيل للعلوم والتكنولوجيا أو الجامعة الألمانية أو النيل. كلمة أخيرة.. لمن ستوجهها وماذا ستقول؟ أوجهها إلى مسئولى البحث العلمي، يا ريت تعقدوا لقاءات دورية مع الباحثين والمبدعين من جميع المحافظات، لعل أن يكون هناك أحمد زويل جديد بينهم.