عثر العلماء في الأغوار السحيقة للمحيط الأطلسي بين جرينلاند والنرويج على كائنات حية دقيقة يصفونها بأنها الحلقة المفقودة التي تربط بين الخلايا الأولية التي عاشت على وجه الأرض منذ الأزل وبين الكائنات الحية العديدة الخلايا التي ظهرت منذ نحو ملياري عام. وقال الباحثون في الدراسة التي أوردتها دورية (نيتشر) إنه تم كشف مجموعة من الكائنات الدقيقة تسمى (لوكيارتشيوتا) أو (لوكي) على سبيل الاختصار في منطقة موحشة متجمدة في قاع المحيط على عمق نحو 2.35 كيلومتر تحت سطح مياه المحيط لا تبعد كثيرًا عن منظومة ينابيع ساخنة تسمى قلعة لوكي التي سميت بذلك نسبة إلى إحدى الشخصيات الأسطورية في المنطقة الإسكندنافية الشمالية العتيقة. وأضافوا أن هذا الاكتشاف يمنح رؤية أعمق لكيفية نشوء وارتقاء نماذج خلوية أكبر وأكثر تعقيدًا -تمثل الوحدات البنائية للطحالب والنباتات والحيوانات بما في ذلك البشر وهي مجموعات الكائنات المسماة حقيقيات النواة- انطلاقا من جراثيم صغيرة بسيطة. ومجموعة (لوكيارتشيوتا) مجرد جزء من طائفة أكبر من الكائنات تسمى الكائنات الحية البدائية العتيقة وهي عبارة عن خلايا في غاية البساطة تفتقر حتى إلى المكونات الداخلية الأساسية مثل النواة. لكن الباحثين وجدوا انها تشترك مع حقيقيات النواة في عدد لا بأس به من الجينات كثير منها ذو وظائف تتعلق بغشاء الخلية. وقال ليونيل جاي عالم نشأة الكائنات الحية الدقيقة بجامعة أوبسالا السويدية إن هذه الجينات لابد أنها أعطت (لوكيارتشيوتا) "منظومة مبدئية لدعم نشأة ونمو التركيب الخلوي المعقد". وكل من الكائنات الحية البدائية العتيقة والبكتيريا -وهي كائنات ميكروبية أخرى- يعرفا معا باسم الكائنات ذوات الأنوية البدائية. وقال ثيس أيتيما خبير تطور الكائنات الحية الدقيقة بجامعة أوبسالا بالسويد وهو منسق هذه الدراسة "اهتم الإنسان دوما بمحاولة إيجاد إجابة للسؤال التقليدي من أين جئنا؟ حسنا لقد عرفنا الآن من أي نوع من الأسلاف الميكروبية ننحدر". وأضاف أيتيما "تمثل (لوكيارتشيوتا) أساسا حلقة مفقودة من لغز النشوء والارتقاء من خلايا بسيطة -مثل البكتيريا والكائنات الحية البدائية العتيقة وذوات الأنوية البدائية- وصولا إلى الخلايا المعقدة التركيب أو حقيقيات النواة التي تشملنا نحن البشر".