[email protected] انتهت الجولة الاولى من الانتخابات الرئاسية بالاعادة بين كل من الدكتور محمد مرسي و الفريق احمد شفيق و بغض النظر عما اثير من حديث حول وجود شبهة تزوير او عدم احقية شفيق فى خوض الانتخابات من الأساس فاننا الآن امام حقيقة واقعة ألا و هى انه خلال اسبوعين من الآن سيكون هناك رئيس لمصر إما الفريق شفيق او الدكتور مرسي . و لعل من اهم و اكثر النقاط التى تثار هى مسألة مدنية الدولة ، نعم هذه النقطة محل جدل دائم إلا انها ازدادت مع الانتخابات ومع بدء جولة الاعادة حيث يحاول كل مرشح ان يستقطب اكبر قدر ممكن من القواعد و الكتل التصويتية ، فكثير من الذين لم يصوتوا لمحمد مرسي خلال الجولة الاولى من الانتخابات الرئاسية معارضون تماما للدولة الدينية والتى يمثلها بامتياز محمد مرسي ، لكن و السؤال هنا: هل احمد شفيق هو ممثل الدولة المدنية؟ دعونا اقول ان فهمى المتواضع للدولة الدينية هى تلك الدولة التى يتساوى فيها المسلم و المسيحى ، الرجل و المرأة ، هى تلك الدولة التى لا تخضع للآراء و الفتاوى الدينية او لسلطة مرشد او فقيه او تدعى تطبيق دين من الاديان و كل تلك الامور تنطبق على الدكتور محمد مرسي و الذى يتماهى خطابه تماما مع مفهوم دينية الدولة ، و لكن الدولة المدنية ايضا هى التى يعامل القائمون عليها المواطن باحترام وهى التى تحترم الحريات السياسية و الفكرية و لا تتعسف ضد المواطنين و هى ايضا دولة القانون التى لا تفرق بين وزير وخفير ، دولة تكافح الفساد لا ترعاه و كل تلك الامور لا تنطبق على شفيق ودولته فشفيق منتم بالكامل الى نظام عاث فساداً فى مصر ، نظام قام على الظلم و القهر وعلى ذلك فمن الحماقة اعتبار شفيق ممثلا للدولة المدنية، و الامر الذى يجب ان يكون واضحا ان الصراع على كرسي الرئاسة فى الإعادة ليس بين دوله دينية و اخرى مدنية و لكن بين دولة دينية و اخرى سلطوية امنية . ففى حالة فوز محمد مرسي بكرسي الرئاسة اعتقد ان الصياغة الايرانية ستكون حاضرة بشكل غير رسمي و لا احد يحدثنى هنا عن الفوارق بين المذهب السنى و الآخر الشيعى.. يا سادة مفهوم السلطة الدينية يقوم بشكل اساسى على القهر و وجود سلطة عليا توزع صكوك الحق و الحقيقة، فمرشد الاخوان قطعا سيكون له كلمة على مرسي وهذه امور يشهد لها تاريخ محمد مرسي وهو ما سوف يؤكد ان مصر اصبحت خاضعة لسلطة المرشد. اما على الجانب الآخر فاحمد شفيق ليس باقل منه سوءا و لن اتحدث هنا عن موقعة الجمل و غيرها من الامور الى تمت فى عهد وزارة شفيق القصيرة ، بل اتحدث هنا عن الرجل العسكري و الذى لم يخرج عن اطار الطاعة و اصدار الاوامر دون نقاش أضف الى ذلك ان شفيق يتمتع بالنظر للامور بنفس المنظور الامنى الذى كان مثله الاعلى مبارك يتعامل به و هو ما يظهر دائما فى حوارات و تصريحات الفريق ، كل هذا شيء و علاقة شفيق بالمجلس العسكري شيء آخر حيث ان شفيق سوف يكون مدينا بالولاء و الامتنان للمجلس العسكرى و ذلك لاسباب كثيرة اهمها على الاطلاق ان الفريق لن يكون معتمدا على الشرعية الشعبية الكاملة او بالاحرى بالدعم الشعبي بل سيعتمد على دعم المؤسسة العسكرية سواء امنيا او سياسيا بمعنى ان المجلس العسكري لربما يلعب نفس دور مكتب الارشاد مع شفيق ، مما يؤكد ان المشير ايا كان من هو سيكون له كلمة عليا على احمد شفيق ، و بالتالى الصراع القادم على كرسي الرئاسة هو بين مشروع دينى استبدادي وآخر امنى سلطوي ، و السؤال: هل ستبقى مصر رهينة تلك الثنائية القديمة ؟ هذا ما سنحاول الإجابة عليه في مرة أخرى