يقول تبارك وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ). البقرة 105. (طُوبَى لِمَنْ شَغَلَهُ عَيْبُهُ عَنْ عُيُوبِ النَّاسِ وَطُوبَى لِمَنْ لَزِمَ بَيْتَهُ وَأَكَلَ قُوتَهُ وَاشْتَغَلَ بِطَاعَةِ رَبِّهِ وَبَكَى عَلَى خَطِيئَتِهِ فَكَانَ مِنْ نَفْسِهِ فِي شُغُلٍ وَالنَّاسُ مِنْهُ فِي رَاحَةٍ). علي بن أبي طالب. ليست هذه دعوة للانسحاب من الدنيا، والاكتفاء بالفرجة على ما يجري هذا العالم، بل هي دعوة للبدء بالأهم، والبناء على قاعدة راسخة هي التصحيح الذاتي واجتناب الأخطاء المردية التي تقود صاحبها إلى التهلكة ،لأن (أعدى أعدائك نفسك التي بين جنبيك). تلك هي الحقيقة التي يصر على تجاهلها من يمدحون ذاتهم ، ويتجاهلون عللها ، ثم يزكون أنفسهم ويفضلونها على عباد الله أجمعين، ويرون أن ذواتهم المريضة (مهما ارتكبت من خطايا وذنوب ومهما مارست من جهل وجهالات وسفالات) هي العليا، وذات غيرهم هي السفلى. ترى ما الذي يدفع هؤلاء الشيوخ للصراخ والعويل في مواجهة ما يسمونه (مدا شيعيا) لو كانوا أصحاب منهج قوي وحجة بالغة؟!. لماذا يطالب هؤلاء الشيوخ غيرهم بالتصحيح والتراجع عما يعدونه (انحرافا عقائديا) في نفس الوقت الذي يقفون فيه بالمرصاد في مواجهة كل من يمارس حق النقد من داخلهم سعيا لإنقاذهم من أوحالهم. قبل أعوام من الآن وفي أعقاب الحادي عشر من سبتمبر اجتمع نفس هؤلاء الشيوخ من أجل ما سمي ب(تصحيح الخطاب الديني) ثم انفض جمعهم على لا شيء – لأنهم لا يقدرون على شيء- ومن ثم انطبق على هذا الصنف من البشر تلك القاعدة (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ). هل كانوا يومها مغيبين عن الوعي، أم مكرهين على إقامة جلسات التصحيح والتجديد بسبب الإلحاح الأمريكي الذي ما إن هدأ حتى عاد هؤلاء لأسلوبهم المفضل وهو التصايح والتقافز والسب والشتم لكل من اختلفوا معه حتى ولو لم يسع هو للتنابذ معهم. ما إن نسيتهم أمريكا أو هكذا ظنوا حتى عادوا لممارسة نفس الأساليب الفجة لا فارق بينهم وبين تنظيم القاعدة الإرهابي فكلهم في الإرهاب شرق لا فارق بين سلفي ولا خلفي. أخيرا وليس آخرا (لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا). فلا هم أمروا بصدقة أو معروف ولا هم سعوا للإصلاح بين الناس وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون.