قال الباحث الأثري أحمد عامر: إن المرأة لعبت دورًا هامًا على مدى التاريخ منها كأم ومنها كزوجة ومنها كحاكمة للبلاد، مشيرا إلى أنه في عهد الفراعنة كانت الأم تشارك زوجها في تربية أولادها خلال مراحل طفولتهم النامية، على أن تسلم له زمام أمرهم وأمرها في مراحل صباهم ونضجهم. وأضاف عامر، أنها كانت تحمل إلى ولدها طعامه وشرابه في مدرسته كل يوم، وقد دأبت زوجة "آني" حكيم القرن السادس عشر، على ذلك فترة طويلة فظل زوجها يحمد لها صنيعها بأكثر مما كان يزكي صنيعه، وأوصى "عنخ شا شنقي" بالحفاظ على كرامة الزوجة الأم في حضرة أبنائها بمثل قوله "لا تضحك ولدك وتبكيه على أمه، تريد أن يعرف قيمة أبيه فما ولد فحل من فحل من غير أم"، وقد جسد الأدب الديني فضل الأم الأرمل في حمل عمل عبء تربية ولدها في شخص الربة "إيسة" التي كانت قد احتنضت وليدها "حور" إثر مقتل أبيه، وتوارت به في أحراج الدلتا عدة سنين أهلته فيها حفيةً لاسترجاع مُلك أبيه، كما نسبت إليها أسطورة متأخرة أنها قد ألحقت ولدها بمدرسة أتقن فيها أساليب الكتابة ومارس فيها فنون الرياضة والنزال، أي حظى فيها بمقومات التربية والتعليم كاملة. أشار عامر، في تصريحات صحفية، اليوم الأحد، إلى أنه مع هذا الدور المشرف لبعض الأمهات فإن قيم المجتمع تخوفت من عواقب لين الأم مع أبنائها ونتائج تدليلها لهم في مراحل صباهم، وأصرت أن يتولى أبوهم أمرهم في هذه المراحل دونها أو على الأقل يشرف عليها وعليهم فيها، وهكذا نبه حكيم مصري قديم إلى مغبة اللين بين ولده وأمه حين قال له "طوبى لمن كان جادًا (حتى) إزاء أمه، فهو جدير بأن يتبعه الناس كافة"، وعني بذلك أن من يعتاد الجدية في بيته يسهل عليه أن يمارس السيادة خارجه، وأن حياة اللين والتدليل في البيت قد تفسد الشاب على شخصيته، ونجد أن الحكيم "آني" عندما نضج ولده وصاه على أمه؛ حيث قال له "ضاعف الطعام الذي تخصصه لأمك، وتحملها كما تحملتك، فطالما حملت عبئك ولم تلقه عليّ، وإذا ولدت بعد أشهرك ظلت لصيقة بك وأسلمت لك ثديها طيلة ثلاثة أعوام، وتحملت أذى قاذوراتك دون أنفة نفس قائلة ما هذا الذي أفعله"، إلى أن قال "وعندما التحقت بالمدرسة لتتعلم الكتابة فيها، واظبت دوني على الذهاب إليك يوميًا بالطعام والشراب من دارها، فإذا شبت وتزوجت واستقررت في دارك، ضع نصب عينيك كيف ولدتك أمك وكيف عملت أن تربيك بكافة السُبل ولا تدعها تلومك وترفع كفيها ضارعة إلى الإله فيستجيب لدعاواها". ومرورًا بالأديان السماوية، نجد أنه في الديانة المسيحية قد كرمت الأم حيث ذكر في خروج "31:12" أكرم أباك وأمك لكي تطول أيام حياتك على الأرض، كما أننا نجد في سفر الأمثال "14:10" اِمْرَأَةٌ فَاضِلَةٌ مَنْ يَجِدُهَا؟ لأَنَّ ثَمَنَهَا يَفُوقُ اللَّآلِئَ.. بِهَا يَثِقُ قَلْبُ زَوْجِهَا فَلاَ يَحْتَاجُ إِلَى غَنِيمَةٍ.. تَصْنَعُ لَهُ خَيْرًا لاَ شَرًّا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِهَا.. تَطْلُبُ صُوفًا وَكَتَّانًا وَتَشْتَغِلُ بِيَدَيْنِ رَاضِيَتَيْنِ.. هِيَ كَسُفُنِ التَّاجِرِ تَجْلِبُ طَعَامَهَا مِنْ بَعِيدٍ وَتَقُومُ إِذِ اللَّيْلُ بَعْدُ وَتُعْطِي أَكْلًا لأَهْلِ بَيْتِهَا وَفَرِيضَةً لِفَتَيَاتِهَا تَبْسُطُ كَفَّيْهَا لِلْفَقِيرِ وَتَمُدُّ يَدَيْهَا إِلَى الْمِسْكِينِ، تَفْتَحُ فَمَهَا بِالْحِكْمَةِ وَفِي لِسَانِهَا سُنَّةُ الْمَعْرُوفِ اَلْحُسْنُ غِشٌّ وَالْجَمَالُ بَاطِلٌ، أَمَّا الْمَرْأَةُ الْمُتَّقِيَةُ الرَّبَّ فَهِيَ تُمْدَحُ. ونوه عامر، إلى أن الإسلام كرمّ المرأة عامة وكرم الأم بصفة خاصة، فنجد أن الإسلام بأحكامه أراد للمرأة أن تقوم بدورها في الحياة واعتبر الإسلام الأصل في المرأة أنها أم وربة بيت وعرض يجب أن يصان، وأنها أساس الأسرة فهي الزوجة التي تقوم بشئون زوجها وراعية لبيت الزوجية، التي ستصبح أما وراعية لأبنائها تعمل على حضانتهم وتربيتهم التربية التي من شأنها أن تصنع الرجال والأطباء والمهندسين والخلفاء والولاة والقضاة والمجاهدين في سبيل الله والعمال والزوجات والأمهات وحاملات الإسلام، شأنها شأن خليفة المسلمين الذي يرعى شئون الأمة، فهي ترعى شئون بيتها وزوجها وأولادها ومملكتها.