دائما ما تسعى الإدارة الأمريكية نحو مصالحها فى الشرق الأوسط تحت دعاوى السلام والديمقراطية, ولكن ما نراه من تصريحات ومساع مشتركة بين الادارة الامريكية وجماعة الإخوان المسلمين, وحرص البيت الأبيض على دعم الإخوان يثير التعجب والريبة. لقاء السفيرة الامريكية آن باترسون ببعض قيادات "جبهة الإنقاذ" كان له مفعول السحر فى تفكك الجبهة عقب هذا اللقاء, وهو ما أكده مصدر مطلع بما يدور فى كواليس الجماعة, ولكنه رافض لنهج تبعيتها الكاملة لامريكا. المصدر كشف انه بعد فشل كل دعاوى الحوار التى دعا إليها الرئيس محمد مرسى مع قيادات جبهة الانقاذ وتصاعد حالة العنف فى الشارع, استشعرت الجماعة الخطر الذى يداهمها, وبدلا من ان تلجأ لحل سياسى يهدئ من غليان الشعب, لجأت للادارة الامريكية للتدخل وتسوية الأمور. الدكتور عصام الحداد, مستشار الرئيس للشئون الخارجية كان رسول مرسى للجلوس مع آن باترسون السفيرة الامريكية فى القاهرة لتأليب امريكا على جبهة الانقاذ, وتم اللقاء فى مقر اقامتها وليس فى مقر السفارة, تحسبا لعدسات الصحفيين والقنوات الفضائية, وكان اللقاء فى المساء, ولم تتمكن وسائل الاعلام من معرفة اى شىء عن اللقاء, ولكن تناثرت اخباره داخل الجماعة, ووصلت تطمينات لكل القيادات بأن الازمة فى سبيلها الى الحل. وبعد مرور ثلاثة ايام, زار الدكتور محمد البرادعى, رئيس حزب الدستور والمنسق العام لجبهة الانقاذ السفيرة الامريكية منفردا, وبعدها بيومين زارها عمرو موسى رئيس حزب المؤتمر وعضو جبهة الانقاذ, وفى اليوم التالى زار الدكتور السيد البدوى رئيس حزب الوفد السفيرة الأمريكية. ولحسابات سياسية خاصة بالجماعة, منها تشويه صورة البرادعى والتأثير على شعبيته, صدرت أوامر للكتائب الالكترونية للجماعة على مواقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك وتويتر" بتسريب خبر زيارة البرادعى للسفيرة الامريكية, وعدم الحديث نهائيا عن زيارة البدوى وموسى. باترسون اجتمعت ايضا بالدكتور احمد عبد العاطى, مدير مكتب الرئيس مرسي وأحد القيادات الاخوانية البارزة وأطلعته على كل ما تم والوعود التى حصلت عليها. وعقب أسبوع من هذه الزيارات ظهرت الخلافات والانشقاقات داخل الجبهة, وظهر عمرو موسى على احدى الفضائيات ليؤكد ان الدكتور البرادعى وهو يرفضان اسقاط الرئيس, ولكن حمدين صباحى هو من يصر على اسقاط الرئيس واجراء انتخابات رئاسية مبكرة. المعلومات التى كشفها المصدر الاخوانى اكدتها مصادر من داخل جبهة الانقاذ, حيث قالت «آن باترسون»: عقدت أكثر من 3 اجتماعات "مغلقة" مع قادة الجبهة خلال الشهر الجارى, للوساطة بين جبهة الإنقاذ ومؤسسة الرئاسة لبدء حوار ناجح بين الطرفين. المصدر: آن باترسون كانت تؤكد بشكل دائم خلال هذه الاجتماعات أنها تقف على مسافة واحدة من كل القوى السياسية. وفى مفاجأة من العيار الثقيل طلب الدكتور محمد البرادعى من باترسون ضمانات للحوار, فقالت له إنها هى الضامنة للحوار, وسيكون تحت رعاية الادارة الامريكية, وهذا ما قاله البرادعى لقيادات حزب الدستور وجبهة الانقاذ, عندما انتقدوا ذهابه فى بادئ الامر للقاء باترسون, وكشف لهم انه حصل على وعد بأن تكون هى والادارة الامريكية الضامنين للحوار. المصادر اكدت أن باترسون لم تكتف بالضغط على قيادات الجبهة من أجل الحوار فقط, وانما ضغطت ايضا عليها لتتراجع عن موقفها المتجه نحو مقاطعة الانتخابات البرلمانية المقبلة, وهذا هو القشة التى قصمت ظهر البعير, وتسببت فى ظهور الخلافات, مما ادى الى انسحاب التيار الشعبى بقيادة حمدين صباحى لرفضه المشاركة, فى حين وافق البعض الآخر على خوضها بعد وعود بالحصول على عدد من المقاعد. «فيتو» علمت من مصادرها ان حمدين صباحى احتد على الدكتور السيد البدوى رئيس حزب الوفد, وعمرو موسى رئيس حزب المؤتمر وقال لهما: «كنت عارف إنكم هتخنونى بس مكنتش متوقع إنها هتكون بالسرعة دى". معلومات عن لقاء سرى جمع السيناتور الامريكى جون ماكين مع رموز جبهة الانقاذ, كشفتها مصادر ل»فيتو», منها انه كان بأحد الفنادق بالقاهرة يوم الاثنين, 11 فبراير الجارى, وذلك لبحث الوضع السياسى فى مصر, وتطرق الاجتماع لموقف جبهة الانقاذ من المشاركة فى الانتخابات القادمة وحقوق الأقليات فى ظل حكم جماعة إسلامية للبلاد, وكان هذا الاجتماع هو بداية الاختراق الامريكى الاخوانى لجبهة الانقاذ. «فيتو» وضعت المعلومات امام بعض اعضاء الجبهة لمعرفة رأيهم, فنفى جورج اسحاق القيادى بالجبهة أى لقاء سابق بين جبهة الإنقاذ ومسئولين امريكيين, مضيفا: «إن المعارضة المصرية قادرة على احتواء أى خلاف سياسي دون الرجوع والاستقواء بالغرب، مؤكدا أن هذا يعد نوعاً من تشويه قيادات الجبهة لدى الشارع المصرى". محمد العرابي وزير الخارجية الأسبق وعضو جبهة الإنقاذ، لم ينف اللقاءات, لكنه اوضح أن لقاءات جبهة الإنقاذ مع الإدارة الأمريكية لم تتطرق إلى أمور سرية لا يعلم بها أحد، لكنها أمور عامة لا عيب من المناقشة العلنية فيها, مثل أسباب رفض الجبهة للحوار مع مؤسسة الرئاسة، وأزمتي الدستور والانتخابات البرلمانية مع الرئيس محمد مرسي. ومن جانبه قال محمد أنور السادات, رئيس حزب الإصلاح والتنمية إن الزيارات الأجنية للقوى السياسية المختلفة بعد ثورة 25 يناير أصبح أمراً روتينىاً، مؤكدا أن لقاء وفد من جبهة الإنقاذ مع جون ماكين على سبيل المثال لا يحتاج إلى كل هذه الهالة الإعلامية، فالإدارة الأمريكية تهدف من تلك الزيارات إلى استطلاع الموقف السياسي من صانعيه، وليس لتمكين الإخوان كما يظن البعض.