أسامة ياسين للجماعة: حققت لكم في شهرين ما لم تحققوه في 7 سنوات تظل جماعة الإخوان المسلمين كيانا غامضا (لدى البعض)، وتظل أهدافها السرية أكثر بكثير من مثيلتها المعلنة، والأهداف السرية للجماعة تكون صادمة أحيانا، صدمتها تتعدى حدود المنطق، حتى لدى أولئك الذين يدافعون عن الجماعة ليل نهار.. الأمر ببساطة، أن الإخوان قرروا ألا يضيعوا الوقت وبدأوا فعليا في تنفيذ خطة "التمكين" بصورة سرية لا يعلمها إلا القليلون حتى من أعضاء الجماعة. التفاصيل التى ننشرها في السطور التالية تحمل الكثير من المفاجآت المذهلة التي تصلح معظمها لأن تتحول إلى سيناريو لفيلم سينمائي عالمي تنتجه وتخرجه "هوليوود" ويكتبه خيرت الشاطر ورفاقه، ويدفع فاتورته شعب مصر، الذى يتحول فى قصتنا هذه إلى جمهور فى صالة العرض. بعدما اندلعت شرارة ثورة الخامس والعشرين من يناير المجيدة، والتي لم يشارك فيها الإخوان إلا بعد تيقنهم من سقوط مبارك، وضعت الجماعة خططا عديدة تمكنها من الوصول إلى مبتغاها، وهو التمكين الكامل. الجماعة وضعت نصب عينيها هدفا واضحا ومحددا تمثل في رغبتها أن تؤول إليها السيطرة الكاملة على وزارات بعينها، وعلى رأسها التربية والتعليم والشباب. وخطة الجماعة داخل وزارة التعليم واضحة للجميع، وبدأت تتكشف خيوطها بعد تسريب أنباء عن إضافة تاريخ الجماعة ومؤسسها حسن البنا إلى مناهج التعليم، أما خطتها داخل وزارة الشباب، فكانت خيوطها متشابكة ومعقدة والحقيقة أن هذه الخيوط لم تظهر كاملة بعد، فالجماعة تحيطها بسرية تامة. ففي وزارة الشباب وضع الإخوان خطة تنتهي قبل منتصف 2013، والهدف أن تكون الوزارة قد نجحت فى استقطاب أكثر من نصف مليون شاب إلى جماعة الإخوان. الشاهد أن الجماعة بحثت جيدا في أوراقها قبل تشكيل حكومة الدكتور هشام قنديل لتبحث عمن يقوم بهذه المهمة الثقيلة، والتي ستنقل الإخوان نقلة كبيرة من حيث إعداد أعضائها المنتمين إليها، واستقر الرأي في النهاية على الدكتور أسامة ياسين. والسيرة الذاتية للوزير ياسين تقول إنه طبيب حصل على دورات كثيرة فى التنمية البشرية، وأصبح واحداً من أكثر المتخصصين فى تجنيد الشباب الجدد وضمهم إلى الإخوان، بل هو المسئول رسميا داخل الجماعة عن هذا الملف منذ فترة ما قبل الثورة. تاريخ التجنيد وبلمحة تاريخية فالإخوان بدأوا المخطط وتفعيله عام 1992، وكان مسئولا عنه وقتها المهندس خيرت الشاطر- نائب المرشد حاليا- وتم الكشف عن الخطة فى قضية سلسبيل، فقد كان يتعين على كل فرد من الإخوان أن يقوم باستقطاب من 5 إلى 7 أفراد سنويا ليصبحوا أعضاء بالجماعة. وحينما خرج الشاطر من السجن أواخر عام 2000 بدأ فى وضع دراسات عن المخطط فوجد أن محصلة ما تم تنفيذه لا تحقق المستهدف، وأن كل فرد يقوم باستقطاب فرد واحد فقط فى العام، وفي الوقت ذاته وجد أن هناك من يخرج من الجماعة إما بالانشقاق أو الوفاة، واتضح له أن عدد افراد الجماعة كان قريب من الثبات فى الفترة من 1995 إلى 2001، وهو ما دعا الشاطر الذي كان عضوا بمكتب الإرشاد وقتها للتفكير فى تنفيذ مخطط الاستقطاب المذكور. واعتمد الشاطر وقتها على وضع خطط جديدة استخدم فيها مبادئ التنمية البشرية، خاصة تلك التي تمكن من السيطرة على الآخرين، لأن مسألة السيطرة تضمن سهولة تجنيد الآخرين، لكن الظروف الأمنية المحيطة بالجماعة وقتها كانت تمنع ذلك، فدراسة التنمية البشرية كانت تحتاج لتفرغ، لهذا لم يتم تطبيقها بشكل جيد. المنقذ هنا ظهر أسامة ياسين واقترب من الشاطر وجعله الأخير مسئولا عن ملف التجنيد الذى زادت عملياته بشكل كبير بعد الثورة، حين وضع ياسين خطة وعرضها على مكتب الإرشاد قبل أن يتم اختياره كونه وزيرا للشباب. وقال ياسين في خطته: إنه بعد دراسته للوزارات المؤهلة وجد أن الشباب هى الوحيدة المؤهلة لتنفيذ مخطط تجنيد أعضاء جدد للجماعة، ووقتها لم يكن لهذه الوزارة وجود، لكن ياسين أصر على تشكيل هذه الوزارة واستغلال إمكانياتها ومقراتها لتجنيد أكبر عدد من الشباب. وبدأ أسامة ياسين في الاستعانة ب15 من شباب الجماعة لتسيير الأمور داخل الوزارة، وتنفيذ الخطط التي يضعها بنفسه ويشرف عليها، وعمل على تهيئة التربة للإخوان للقيام بدورهم فى تجنيد الشباب من سن 17 إلى سن 21 سنة. وأمر ياسين بفتح باب العضوية لشباب الجماعة فى كل مراكز الشباب، ووضع خريطة وفق المناطق الجغرافية، ليكون الشاب الإخواني عضوا بمركز الشباب القريب من محل إقامته. تفاصيل الخطة واعتمدت خطة ياسين على أن المطلوب من شباب الجماعة ممارسة النشاط المسائى المتمثل في استخدام المراكز لإقامة صلاتى المغرب والعشاء، فتم إنشاء عدد من المصليات فى مراكز الشباب التى لا تفتقد لوجود مساجد كبيرة، وتقام بها صلوات المغرب والعشاء ويستخدم أحد الدعاة من الإخوان ليلقوا دروسا دعوية ما بين الصلاتين وهذا ما يحدث بشكل منتظم فى كثير من القرى. خطة ياسين اعتمدت كذلك على أن يقيم شباب الإخوان علاقات مع أقرانهم ممن يحضرون الدروس الدعوية، وتكوين صداقات معهم تمهيدا لضمهم للجماعة. واشتملت الخطة أيضا على أن يقوم شباب الإخوان بتشكيل مجموعات للمنافسة الرياضية تحمل أسماء الصحابة مثل فريق "عمر بن الخطاب" و"المقداد بن عمرو" و"علي بن أبي طالب" و"أبو بكر الصديق"، وما إلى ذلك، وهذه المجموعات تضم شباباً من الإخوان وشباباً آخرين غير منتمين للجماعة، وتهدف هذه المجموعات لتقريب الأفكار بين الشباب وصولا لمرحلة التجنيد. كذلك شملت خطة ياسين التوسع في إقامة معسكرات صيفية، ففى وزارة الشباب أقاموا هذه المعسكرات بتمويل من الوزارة بدلا من أموال الإخوان. وانقسمت هذه المعسكرات إلى قسمين، الأول: يحضرها شباب الجماعة فقط، وتقيمها مراكز الشباب من ميزانيتها الخاصة، فى حين أن من يحضرها هم شباب الإخوان فقط. أما القسم الثاني، فجاء متمثلا في معسكرات الاستقطاب، والتى يشرف عليها شباب الإخوان ويتم تخصيصها لمجموعة من المستهدفين للاستقطاب والتجنيد، وتقام على حساب الدولة على شواطيء مصر، سواء كانت فى العين السخنة، أو فايد والإسكندرية ومطروح. يحدث فى الصيف فيما علمت "فيتو" أن ياسين وضع خطة لفترة إجازة منتصف العام المقبل، بإقامة معسكرات الاستقطاب عبر تنظيم رحلات للأقصر وأسوان وهدفها توثيق "الإخوة" لدى الشبان الذين تم ضمهم فعلا من خلال المعسكرات. ووفقا لخطة ياسين تمت إقامة سلسلة محاضرات فى مراكز الشباب عن إمام الجماعة ومؤسسها حسن البنا، وكذا عن سيد قطب ودورهما فى الجهاد في سبيل الله، واستقدمت الجماعة مجموعة من دعاة الإخوان البارزين على رأسهم الدكتور جمال عبدالهادى الذى ألقى محاضرات عن تاريخ الإخوان، وجهادهم، وخطر العلمانيين على المجتمع، وأن العلمانيين والليبراليين وأعوانهم يريدون تحويل مصر إلى مجتمع مفتوح به كل شيء مباح. والمثير أن عبدالهادي استشهد فى محاضراته بأجزاء من تاريخ مصر ومناهج التعليم، التي- على حد قوله- كانت تهدف إلى تخريب عقول النشء. وقبل أيام قليلة قدم أسامة ياسين تقريرا للجماعة قال فيه إنه ووزارته نجحا خلال الشهرين الماضيين فى ضم نحو 100 ألف شاب على مستوى الجمهورية إلى جماعة الإخوان، وأنه يسعى إلى ضم نحو نصف مليون شاب قبل منتصف عام 2013 . مال الشعب والمدهش أن ياسين قال للإخوان في تقريره إنه وفر للجماعة ما يقرب من ال 12 مليون جنيه، وأنه حقق خلال الشهرين ما كانت الجماعة تحققه فى 7 سنوات. وقال وزير الشباب فى تقريره إن ما فعله خلق حالة من التعاطف لدى الشعب مع الجماعة؛ نظرا لأن معظم من قام بتجنيدهم يتبعون الأسر المتوسطة ولهم تأثير كبير على عائلاتهم وأسرهم. من جانبهم أدرك الإخوان بعد تقرير ياسين أن الرهان على وزارة الشباب مفيد لأنها تستطيع تحقيق ما يفشل فيه السياسيون وأن أى أثار سلبية للمواقف السياسية للجماعة يتم تداركها عن طريق شبكة التجنيد والتعاطف التى أشار إليها ياسين في تقريره. المثير في الأمر أن ياسين كشف دون أن يدري عن مخططه عبر قراراته التي كان آخرها تأجيل انتخابات مراكز الشباب لأجل غير مسمي، بمبرر وضع لوائح جديدة لتنظيم العمل بها، لكن الحقيقة التي ظهرت في خطة ياسين أن التأجيل جاء لفرض سيطرة الإخوان على مراكز الشباب عبر التفكير بشكل جدي في إتاحة الفرصة للأعضاء المنضمين حديثاً لمراكز الشباب بالانتخاب، بل والترشح لانتخابات مجالس إدارات تلك المنشآت الشبابية. ما سبق يبرر إشراف الوزير بنفسه علي إعداد لائحة مراكز الشباب الجديدة، ويعاونه كل من الدكتور أحمد يوسف- مساعد الوزير-، ورمزي هندي- رئيس الإدارة المركزية لمراكز الشباب بالوزارة-. عضويات جماعية ذلك إلى جانب اللقاء الذى جمع مؤخرا بين ياسين وشباب الإخوان لحثهم علي الانضمام للمراكز ومناقشة اللوائح الجديدة المنظمة للعمل بها، وهو ما حدث فعليا عندما تقدم أكثر من شخص لطلب عضويات جماعية بمراكز الشباب، وهو ما أكده الدكتور مدحت السيد- مدير عام الهيئات بمديرية الشباب والرياضة بالجيزة- ل "فيتو" بقوله: إن المديرية رفضت طلبات أكثر من عضوية جماعية من 200 إلي 300 فرد بمراكز شباب "الصفا وامبابة وأرض اللواء والمشابك"، مشيرا إلى أن العضوية شخصية ولايجوز بأي حال أن تكون جماعية. وأضاف السيد أن الهدف من العضوية الجماعية هو التمكن من السيطرة علي مراكز الشباب وخصوصاً في ظل التفكير في تخفيض قيمة الاشتراك في المراكز لتصبح مقابل 5 جنيهات فقط للفرد! ورغم أن خطة ياسين أوشكت على الانتهاء من أهدافها، إلا أنها لن تكون نهاية المطاف، فبعدها يبدأ فصل جديد من رواية رغبة الإخوان في السيطرة والتمكين على كل مفاصل الدولة بدءا من النشء، وصولا للسيدات وكبار السن.