لم يفقد أو يخسر مبارك منصبه يوم 11 فبراير 2011 الذي أعلن فيه نائبه تخليه عن هذا المنصب ..إنما فقد وخسر مبارك الحكم قبل هذا اليوم بكثير..وحتى قبل اندلاع الشرارة الأولى للثورة يوم 25 يناير 2011! وقد كان صدام مبارك مع قيادة الجيش وقيادة جهاز المخابرات إيذانا بأن خسارته للحكم باتت أمرا محتوما! وهذا الصدام حدث حينما انصت الرئيس السابق لشكوك وزير داخليته حبيب العادلي في كل من المؤسسة العسكرية وجهاز المخابرات،فبدأ يتربص بقيادتهما ويخطط للتخلص منهما واستبدال هذه القيادات بأخرى يثق يها ويضمن ولاءها خاليا من أي شكوك. فقد وثق مبارك وابنه جمال في وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي ثقة بلا حدود،لذلك سمح له من خلال أجهزته الأمنية بالتجسس على المؤسسة العسكرية وقادتها،وهو ما علموا به في حينه،الأمر الذي أوغر صدور هؤلاء القادة تجاه مؤسسة الرئاسة،بل تجاه الرئيس السابق شخصيا،خاصة وأنها المرة الأولى منذ قيام ثورة يوليو التي تنتهك فيها خصوصية المؤسسة العسكرية على هذا النحو. وقبل الانفجار الثوري الشعبي في 25 يناير بدأ الرئيس السابق تنفيذ ما خطط له للتخلص من قادة المؤسسة العسكرية وجهاز المخابرات...فقد طالب كخطوة اولى المشير طنطاوي القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع باستبعاد عدد من قيادات القوات المسلحة بدعوى ارتفاع متوسطات أعمارهم ولإتاحة الفرصة لقيادات أكثر شبابا....وهذا ما طلبه مبارك أيضا من الوزير عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات العامة ...واذا كان الانضباط العسكري دفع المشير طنطاوي لتنفيذ تعليمات القائد الاعلى للقوات المسلحة وقتها بإبعاد عدد من القيادات العسكرية،فإن عمر سليمان اقترح على مبارك تنفيذ طلبه تدريجيا...أي بإحالة كل من يصل الى السن القانونية من بين قادة الجهاز الى التقاعد،وعدم اجراء حركة شاملة،وذلك حفاظا على خبرات ضرورية يحتاجها الجهاز ،وحتى لا يحدث تراجع في عمله او انهيار له. وهكذا..لعل الوزير عمر سليمان فهم ما يرتب له مبارك فراهن على الوقت لإحباط هذا الترتيب،الذي كان يقوم على التخلص من القيادات المحيطة بكل من القائد العام للقوات المسلحة ورئيس جهاز المخابرات اولا ،حيت يسهل التخلص من كليهما بدون حدوث اية تداعيات أو آثار جانبية أو ردود أفعال سواء داخل المؤسسة العسكرية او جهاز المخابرات...وتشير المعلومات التي كانت في حوزة قيادة الجيش والمخابرات ان الرئيس السابق كان قد اهتدى بالفعل قبل اندلاع ثورة 25 يناير بوقت ليس بالقصير لمن يتولى منصب القائد العام للقوات المسلحة وايضا لمن يتولى رئاسة جهاز المخابرات العامة...حيث كان قد اختار للمنصب الاول رئيس اركان سابق للقوات المسلحة،واختار وزيرا له خلفية عسكرية لكي يتولى المنصب الثاني...أي أن الرئيس السابق أراد كما قيل له ان" يتغدى بهؤلاء القادة قبل ان يتعشوا به"...وكان جاهزا ومستعدا لتنفيذ ذلك...لكن أسلوب البطء في تنفيذ القرارات لم يمكنه من تحقيقه. ولعل هذه المعلومات التي تفسر التقارب الذي حدث قبل اندلاع ثورة 25 يناير بين قيادة المؤسسة العسكرية وقيادة جهاز المخابرات...وهذا ما رصده عدد من مساعديه وقتها...وكان أبرز مظاهر هذا التقارب لقاء خاص مطول بين القيادتين...حيث جاء هذا اللقاء في اعقاب ما يمكن وصفه بتحرش متعمد بالقيادتين. 3 مشاهد وقد وصلت ذروة هذا التحرش بثلاثة مشاهد كانت تنطق بالكثير مما بات يكنه الرئيس السابق تجاه القيادتين....وكان المشهد الاول يتمثل في اجتماع عقده الرئيس السابق مع عدد من وزراء المجموعة الاقتصادية هم وزير المالية الاسبق الدكتور يوسف بطرس غالي،ووزير التجارة والصناعة الاسبق المهندس رشيد محمد رشيد،ووزير الاستثمار السابق الدكتور محمود محيي الدين ومعهم محافظ البنك المركزي الدكتور فاروق العقدة ،ووزير الدفاع المشير طنطاوي،فضلا عن جمال مبارك...وكان هذا الاجتماع مخصصا لبحث بيع مساحة من اراضي الدولة في منطقة البحر الاحمر كانت في حوزة القوات المسلحة لعدد من المستثمرين الخليجيين لإقامة مشروع استثماري عليها....وفي هذا الاجتماع تحدث الرئيس السابق بطريقة غير لائقة لا حظها الدكتور فاروق العقدة فتدخل في الحديث للتخفيف من وطأة هذه اللهجة التي صاغ بها الرئيس السابق تعليماته بانتزاع مساحة الارض المخصصة للقوات المسلحة لبيعها للمستثمرين الخليجيين،الذين تعثر مشروعهم بعدها ولم يتم تنفيذه. بينما تمثل المشهد الثاني في صدام علني بين القائد الاعلى للقوات المسلحة والقائد العام أمام عدد من المسئولين وأحد رجال الاعمال من اصحاب النفوذ...حيث كان هذا الرجل يبغي إقامة مطار في مساحة ارض كان يقيم مشروعا على جزء منها...وكان المشير طنطاوي يعترض على إقامة هذا المطار لاسباب تتعلق بالامن القومي حيث تجاور الارض منشآت عسكرية...وقد حذر المشير طنطاوي رجل الاعمال من مفاتحة الرئيس السابق في هذا الامر اثناء زيارته لمشروعه،غير انه تجاهل هذا التحذير وفاتح الرئيس السابق في هذا الطلب،فما كان من المشير الا ابداء اعتراضه بوضوح امام الرئيس السابق،الذي لم يتقبل هذا الاعتراض منه استنادا الى ان هذا الامر ليس من اختصاص القائد العام للقوات المسلحة...وامر الرئيس السابق بإحالة طلب رجل الاعمال بإنشاء المطار الى الفريق احمد شفيق وزير الطيران المدني،الذي أيد اعتراض المشير طنطاوي على انشاء المطار،مستندا الى ذات أسباب الاعتراض،وهو خطورة موقعه على أمن منشآت عسكرية بالقرب منه. أما المشهد الثالث فقد كان يدور حول الوزير عمر سليمان الذي كان وقتها يتولى رئاسة جهاز المخابرات...حيث انتهزت جهة أمنية مناسبة مرافقته للرئيس السابق في آخر زيارة له لواشنطن عام 2009 ،ودبرت وضع لافتات في عدة مناطق بالقاهرة تؤيد ترشيح عمر سليمان رئيسا للجمهورية لدفع الرئيس السابق للتخلص منه...وهذا ما أدركه رجال الجهاز الذي كان يرأسه عمر سليمان،ولذلك سارعوا بنزع هذه اللافتات والتخلص منها في غضون وقت قصير...غير أن الغرض من وضع هذه اللافتات كان قد تحقق بالفعل وهو زرع قدر من الحساسية في التعامل بين الرئيس السابق ورئيس جهاز المخابرات السابق،وهذه الحساسية هي التي منعت عمر سليمان بعد اندلاع مظاهرات 25 يناير وانهيار الشرطة في 28 يناير من مفاتحة الرئيس السابق بالاقتراحات التي رأى جهاز المخابرات أ ضرورة أن ينفذها مبارك،وكان اهمها تفويض سلطاته لأحد غيره بعد ان ارتفعت هتافات المتظاهرين تطالب باسقاطه ورحيله واعتزال ابنه جمال العمل السياسي والعام...وتكرر نفس الموقف حينما اقترح الدكتور حسام بدراوي على عمر سليمان بعد أن أصبح نائبا للرئيس إبلاغ مبارك بضرورة تفويض سلطاته له...فقد ترك عمر سليمان هذه المهمة للدكتور حسام وقتها. توتر مكتوم المهم ان هذه المشاهد الثلاثة كانت تعبر عن توتر مكتوم بين الرئيس السابق والقائد العام للقوات المسلحة وايضا رئيس المخابرات الذي صار فيما بعد نائبا للرئيس لاقل من اسبوعين....وكان سبب هذا التوتر ان الرئيس السابق بات مقتنعا تحت إلحاح ووشاية وزير داخليته حبيب العادلي بضرورة التخلص من الرجلين حتى لا يعطلا قطار التوريث الذي كان يتأهب للانطلاق في ربيع عام 2011،بعد تحضير طويل دام بضعة سنوات...وعلى الجانب الاخر كان الرجلان،المشير واللواء،على قناعة بأن مبارك يرغب في التخلص منهما ،وبدأ رحلة تحقيق هذه الرغبة بأضعافهما من خلال إحالة عدد من القيادات العسكرية وقيادات جهاز المخابرات للتقاعد...ولذلك كان لافتا للانتباه ان تعود هذه القيادات العسكرية الى عملها في صفوف القوات المسلحة مجددا بعد سقوط الرئيس السابق وتنحيه عن منصبه وتركه الحكم. غضب المشير وحتى بعد حدوث الانفجار الثوري الشعبي في 25 يناير كانت رغبة مبارك في التخلص من القيادتين ماثلة وقتها رغم حالة الارتباك التي اصابته،ولعل ذلك هو سبب تفكيره في تعيين المشير طنطاوي نائبا لرئيس الجمهورية،فقد كان حدوث ذلك يحقق له إبعاد المشير عن قيادة القوات المسلحة...وهذا ما فهمه المشير حينما اتصل به تليفونيا الرئيس السابق حسني مبارك،بعد نزول القوات المسلحة الى شوارع عدد من المدن المصرية المهمة في مقدمتها القاهرة العاصمة،ليبلغه انه قرر تعيينه نائبا له ليساعده في ادارة تلك الازمة الخطيرة التي كانت آخر أزمات النظام السابق وعجلت بنهايته....لقد حاول المشير طنطاوي خلال هذا الاتصال التليفوني أن يثني الرئيس السابق عن قراره هذا بالحديث عن أن قدراته وخبراته العسكرية تفوق ما لديه من قدرات سياسية،حتى أنه قال لمبارك إنه لا يجيد مثل السياسيين المتمرسين فن الحديث السياسي،وهو ما يتعين أن يملكه من يحتل منصبا سياسيا كبيرا مثل منصب نائب الرئيس...لكن الرئيس السابق أصر بشدة على قراره،وهذا ما أغضب المشير طنطاوي بشدة ..،ولم يتمكن من أن يكتم وقتها هذا الغضب، لدرجة أنه أزاح بيده "الورقة"التي كانت موجودة على المكتب الذي كان يجلس عليه حينما تلقى المكالمة التليفونية من الرئيس السابق...وهذا ما لاحظه بعض الذين تصادف وجودهم وقتها بالقرب من مكتب القائد العام للقوات المسلحة. ويبدو أن الرئيس السابق أنهى مكالمته التليفونية مع المشير طنطاوي مدركا كم الغضب الذي أثاره قراره لدى القائد العام للقوات المسلحة بخصوص تعيينه نائبا له ،لذلك عاود الاتصال تليفونيا به بعد قليل ليسأله لماذا هو غاضب هكذا؟..وهو ما أثار شكوك البعض في أن هناك من نقل لمبارك رد الفعل الفوري للمشير على قرار تعيينه نائبا للرئيس،وخلال هذه المكالمة التليفونية الثانية استخدم المشير طنطاوي ذكاءه لطرح الكثير من الحجج لإثناء الرئيس مبارك عن قراره هذا،ولبيان أن وجوده في موقعه القيادي بالقوات المسلحة ضروري في هذا التوقيت الحرج الذي تمر به البلاد،خاصة بعد أن صار لهذه القوات دور اضافي في الداخل تقوم به،بعد أن نزلت الى الشارع...وقد انتهت المكالمة التليفونية الثانية بين مبارك وطنطاوي بتراجع الرئيس السابق عن قراره بتعيين القائد العام للقوات المسلحة نائبا له.. وهنا فكر الرئيس السابق في تعيين الوزير عمر سليمان نائبا له. إغضاب الجميع لم يكن رد فعل عمر سليمان أقل حدة من رد فعل المشير طنطاوي حينما أخبره الرئيس السابق انه اختاره نائبا له....فقد عبر عمر سليمان عن غضبه بكلام ينطق بأنه يرى في توليه مثل هذا المنصب في هذا التوقيت تحديدا ليس مجرد توريط سياسي له،وانما إبعاد له عن جهاز مهم كان يلعب بالفعل دورا مؤثرا في ادارة السياسة الخارجية المصرية ولكن رغم ضيق عمر سليمان وغضبه من قرار تعيينه نائبا لرئيس الجمهورية فإنه لم يجد سبيلا مثل المشير طنطاوي لرفض هذا المنصب،واضطر للقبول مكرها،رغم انه كان يدرك قيامه بمهمة انتحارية في هذا التوقيت الحرج،غير انه بحكم عمله الطويل على رأس جهاز المخابرات العامة حرص على أن يظهر متماسكا ومحتفظا برباطة جأشه،حتى بعد ان تعرض لمحاولة اغتيال رتبت على عجل ذهبت به شكوكه كرجل مخابرات الى ان الذين خططوا لها كانوا من داخل القصر الرئاسي ،قبل ان يتولى رسميا مهام منصبه الجديد،بينما كان القدر وحده هو الذي كتب له النجاة منها ،حينما استقل سيارة أخرى غير السيارة التي كان قد علم المدبرون لاغتياله انه سوف يستقلها وهو في طريقه الى القصر الرئاسي. وهذا التوافق بين قيادتي المؤسسة العسكرية وجهاز المخابرات هو الذي ساهم بأن تمضي الامور إبان اندلاع ثورة 25 يناير الشعبية كما مضت به...أي دفع الرئيس السابق على التنحي وترك منصب رئيس الجمهورية بعد افشال مخطط التوريث وتفكيك بنية المجموعة التي كانت تهيمن على السلطة في البلاد وتحتكر ايضا ثرواته وموارده الاساسية...وعندما شاءت الاقدار ان يكون وقتها رئيس الوزراء هو الفريق أحمد شفيق كان من اليسير أن ينضم هو الآخر مبكرا لهذا التوافق بين المشير طنطاوي والنائب عمر سليمان على أمرين متلازمين معا...الأول هو ضرورة ابتعاد مبارك وتنحيه عن الحكم وابتعاد ابنه معه عن ممارسة اي دور سياسي ...والثاني ان تتولى القوات المسلحة بعد تنحي مبارك ادارة شئون البلاد خلال المرحلة الانتقالية. لكن الذي منح هذا التوافق قوة وتأثير كان تأييد كل قيادات المؤسسة العسكرية على ضرورة تنحي مبارك لان نهاية حكمه بانت...فقبل أن تجاهر القوات المسلحة بتأييدها للمطالب المشروعة للمتظاهرين سعى المشير طنطاوي الى عقد لقاء موسع في هيئة عمليات القوات المسلحة ضم عددا من كبار الضباط ناقش معهم خلاله ما تمر به البلاد من تطورات وأحداث...وخلال هذا النقاش كان التوافق والاتفاق على ان نهاية حكم مبارك باتت محتومة،وان مصلحة البلاد تقتضي تنحي مبارك عن الحكم. وهكذا لم ينفرد المشير طنطاوي وهو القائد العام للقوات المسلحة باتخاذ قراره وحده،وانما حصن قراره او موقفه ابان بدعم وتأييد قيادات القوات المسلحة...أي أن موقفه سواء تجاه الرئيس السابق او ابنه جمال ونظامه كان يعكس موقف المؤسسة العسكرية كلها ولم يكن مجرد قرار خاص له،أو قرار مشترك مع رئيس الأركان،أو حتى قرار للمجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي كان ينوي مبارك التخلص من بعض أعضائه قبل 25 يناير ولم يسعفه الوقت في حينه وبعد ان فوت عليه المشير ذلك وقتها...ولذلك لم يحدث أن خرق أحد من أفراد وضباط القوات المسلحة تعليمات القائد العام لها التي أصدرها مبكرا قبل 25 يناير بعدم استخدام السلاح واطلاق النار على المواطنين خلال مظاهرات يناير عندما نزلت قوات الجيش الى الشارع...كما لم يحدث أن تصدت قوات الحرس الجمهوري التي من المفروض ان تلتزم بتعليمات رئيس الجمهورية للمتظاهرين الذين احتشدوا أمام القصر الرئاسي محاصرين له حتى يتنحى مبارك. أي أن مبارك حينما أراد أن يواجه المشير طنطاوي وجد نفسه يواجه القوات المسلحة كلها وقيادتها مجتمعة، ..بل انه واجه في ذات الوقت جهاز المخابرات،والذي سبق وأن أنقذه رئيسه من الاغتيال والموت في اديس ابابا خلال التسعينيات من القرن الماضي...لقد خسر مبارك في غضون الخمس سنوات التي سبقت الإطاحة به المؤسسة العسكرية بعد ان ابتعد عنها بمرور الوقت،بل وسعى الى محاصرتها وتجاهل دورها والتخلص من قادتها وضباطها الكبار،بعد ان اقتنع انها باتت عقبة تعترض تنفيذ خطة التوريث ونقل الحكم منه الى ابنه...وفي ذات الوقت خسر مبارك ايضا جهاز المخابرات العامة الذي كان يرصد بقلق ما تفعله شلة المسئولين التابعين لجمال مبارك والذين يديرون اقتصاد البلاد،وهو ما عبر عنه لي صراحة الوزير عمر سليمان في لقاء عام 2007 حينما قال ان هؤلاء المسئولين سوف يذهبون بالبلاد الى كارثة! ولذلك...لم يكن في مقدور الرئيس السابق حينما طلب منه التنحي عن منصبه كرئيس للجمهورية من خلال اتصال بنائبه عمر سليمان به بعد أن وصل شرم الشيخ أن يرفض هذا الطلب....فهو لم يكن يقف بجواره أحد وقتها فالمؤسسة العسكرية وجهاز المخابرات اتفقا على ضرورة تنحيه وترك الحكم،حتى الحرس الجمهوري لم يعد يمتثل لتعليماته وأوامره...والحكومة وافق رئيسها الفريق شفيق على ذلك....والقيادة الجديدة لحزبه الذي تخلت ايضا عنه وطالبته بترك منصبه ولو من خلال تفويض كل سلطاته لنائبه...أما المؤسسة الامنية التي كان يعتمد عليها ويراهن على قدرتها في مواجهة أية أزمات يتعرض لها حكمه فقد كان رئيسها قد القى القبض عليه بعد ان تحفظت عليه القوات المسلحة منذ وقت مبكر بعد نزولها الى الشارع في اعقاب الانفلات الامني وانهيار هذه المؤسسة الامنية الداخلية. وهكذا خسر مبارك حكمه وكتب هذه النهاية المأساوية له قبل اندلاع شرارة ثورة 25 يناير...واشارة البدء لهذه الخسارة المحتومة صدامه مع المؤسسة العسكرية ومع جهاز المخابرات في وقت كانت تتآكل فيه ثقة الشعب في نظام حكمه.