ضجة كبيرة أثارتها تصريحات «علاء شتا» القيادى بجماعة الجهاد - وأحد المتهمين فى قضية اغتيال الرئيس السادات فى حادث المنصة- والتى نشرتها صحيفة الوطن وكشف خلالها مشاركة الجماعة ل "الفرقة 95 إخوان" فى طحن البلطجية بميدان التحرير أثناء الثورة، إضافة إلى العديد من الأسرار الأخرى حول قيادات جماعة الإخوان، وتعاملها بأسماء حركية خلال فترة الثورة. لكن شتا أنكر ما ذكر على لسانه، متهما الصحيفة بتحريف كلامه، مطالبا بإذاعة تسجيل الحوار. "فيتو" التقت «شتا» الذى بدا متوجسًا فى بادئ الأمر، ورفض إجراء الحوار إلا بعد الاطمئنان لعدم تحريف كلامه، فكان وعدنا معه بذلك.. فإلى نص الحوار: فى البداية ما حكاية اتهامك لإحدى الصحف بتحريف كلامك فيما يتعلق بموقعة الجمل؟ - أولًا أريد أن أقول إن كل ما نشرته "جريدة الوطن" على لسانى تم تحريفه، وكان الصحفى قد طلب إجراء حوار معى، ورفضت فى البداية، وبعد عدة اتصالات لمحاولة انتزاع ما يفيد بأن هناك مجموعة عسكرية للإخوان تسمى "المجموعة 95" أو خلافه، رفضت تلك الفكرة، فكان الاتفاق على تسجيل اللقاء لضمان عدم التلاعب، وبالفعل ذهبت للجريدة، وتم إجراء الحوار وتسجيله، وطلبت أن يخبرنى قبل النشر، لكن تجاهلت الجريدة ذلك، وفوجئت بالكلام المنشور عكس ما قلت تمامًا، وحاولت الاتصال بالمحرر تليفونيا، فلم يرد. وما هى التصريحات التى أدليت بها، وتم تحريفها كما تقول؟ - أصابتنى الدهشة مما نشر على لسانى بغير الحقيقة من أننى أقول إن هناك فرقة تسمى "الفرقة 95 إخوان"، وفى العدد التالى قالوا على لسانى إن هناك مجموعات أخرى تسمى بأرقام أخرى، ودار بينى وبين مجدى الجلاد حوار على الهواء فى قناة سى بى سى، وطالبته بإذاعة التسجيل. معنى ذلك أنك تنكر وجود هذه الفرقة، رغم تصريحات د. أسامة ياسين بها؟ - أنا قلت إن هذه الفترة عصيبة، وكل منا كان يخاف الآخر، ولا يعلم هويته.. هل هو إخوانى أو سلفى أو ليبرالى أو مسيحى أو أمن دولة أو مخابرات، لكن كل الشرفاء تكاتفوا ضد البلطجية وأنصار مبارك، الذين أرادوا إفشال الثورة، بإلقاء كسر الرخام من أعلى كوبرى أكتوبر، وبعض الشوارع المؤدية للميدان، وتكاتفنا كى نجعل تلك المطحنة على بعد لا يقل عن 400 متر خارج الميدان، ثم اتجهنا لأعلى الأسطح لتفريغها من كسر الرخام، والجلوس على أبواب العمارات لتأمينها. لكن أسامة ياسين أعلن عبر الفضائيات عن وجود "المجموعة 95 إخوان"؟ - يسأل عن ذلك أسامة ياسين نفسه، ولو عندى إجابة عن ذلك سأعلنها بمنتهى الأمانة. ولكنك صرحت باستخدام أسماء حركية وكودية، وتنكرتم فى صورة "باعة لب" حتى لا ينكشف أمركم.. فما صحة ذلك؟ - هذا الكلام صحيح، لأننا جميعا كنا على ثقة بأن أمن الدولة ورجال عمر سليمان يقيمون معنا، لذلك كنا نفرغ عربات البطاطا والفشار من داخلها، ووجدنا بها زجاجات المولوتوف وزجاجات فارغة وآلات حادة، وأعتقد أنها كانت تستخدم ضد الثوار من قبل الأمن، وقد رأيت بعينى العديد من الموتوسيكلات بدون لوحات فوق كوبرى أكتوبر تهرب عندما يهجم الثوار، وكانت هناك بوابة يقف أسفلها رجال أمن الدولة والمخابرات لتشجيع أصحاب الموتوسيكلات على مهاجمة الثوار، وضربهم بكسر الرخام. معنى كلامك أن عناصر الإخوان كانت تشتبك فى الميدان فى موقعة الجمل.. تأكيدا لكلام د. أسامة ياسين؟ - من الصعب وسط هذه الأحداث أن تحدد الإخوانى، من السلفى، من المسيحى من الليبرالى من الجهادى، إلا أننا من خلال الخبرة كان يمكننا التعرف على عناصر بعض التيارات الإسلامية، ومعرفة الإخوان، سواء عن طريق الملبس أو الكلام أو التصرفات، أما تصريحات أسامة ياسين، فلم أسمع بها، ولا أستطيع أن أؤكدها أو أنفيها، لكن الحقيقة أن الإخوان كانوا موجودين وقت "موقعة الجمل" فى الميدان، كغيرهم من فصائل التيارات الإسلامية، وأن كانوا أكبر قوة، وهذا على حد علمى، الذى ربما يصيب، وربما يخطئ، لأننى لم أسألهم عن أعدادهم، لأن هدفنا جميعا كان إبعاد الثورة المضادة، والقبض على البلطجية، وتسليمهم للشرطة، بعد ضرب البلطجية بشكل مهين أكثر منه ضرب إصابات. ذكرت أن هناك قيادات إخوانية كانت فى "موقعة الجمل".. فمن هم.. وماذا كان دورهم؟ - من الصعب أن نحدد أسماء القيادات الإخوانية التى شاركت فى موقعة الجمل، وإن كنت شهدتهم بعينى، لكننى لا أريد الإفصاح عن أسمائهم حتى لا يستغلها الذين يكرهون التيار الإسلامى، ويقومون بالكذب والافتراء، وأحداث فتنة كمن قالوا إن الإخوان هم قتلة الثوار، وهذا القول خيالات، مثل الذين قالوا عن الشيخ أسامة بن لادن بأنه كون حركات فى أمريكا لشغل الرأى العام، وعلى كل الأحوال من الصعب أن يحدد أحد هؤلاء المسمون ب "المجموعة 95 إخوان". هل تتذكر مشهد "موقعة الجمل".. صف لنا إن استطعت؟ - اتجهنا إلى الميدان للدفاع عن الثوار، دون أن نعلم أن هناك "موقعة جمل"، لأننا أكثر الناس الذين ظلموا فى عهد النظام السابق، ولدينا العديد من تقارير الطب الشرعى، وتقارير النيابة، التى تثبت أننا تعرضنا للتعذيب بلا ذنب، واعتقلنا لسنوات بلا أحكام، وعندما حدثت "موقعة الجمل" قمنا بصد الهجوم من خلال إسقاط من يركبون الأحصنة والجمال، الذين دخلوا أمام قوات الجيش، دون أن يعترضهم أحد، وهو ما يكشف أن هناك اتفاقا مسبقا بين الأمن والجيش وبلطجية النظام السابق، وهذا التحليل ترسخ فى أذهاننا أثناء هروبهم، حيث لم يقم الأمن بالقبض عليهم، وكان هناك دور لجماعة الجهاد فى الميدان مثل باقى التيارات الأخرى. التيارات الإسلامية تساند الإخوان، من أجل تطبيق الحدود، رغم وجود رفض وخوف من الدولة الدينية.. فما قولك؟ - هذا صحيح.. لكن المولى عز وجل خلق لنا كتابا وشرعا، كى نحيا سعداء، وحدد لنا كيف نعيش.. وكيف نصلى؟.. ومع ذلك نجد الناس يتخوفون من تطبيق الشريعة، وهذا الخوف نتيجة الجهل بها، لأنها من صنع خالق رحيم، فلا تُقطع يد السارق إلا إذا كان عنده ما يكفيه من مأكل ومشرب وملبس، ثم مد يده وهو يملك احتياجاته، أما من يتخوفون من الدولة الدينية، فإنه بحسب خبرتى على مدار 50 عاما أجد أن الإخوان المسلمين هم اأنسب التيارات المتواجدة على الساحة، وأن نار الإخوان خير من التيارات الأخرى، باختلاف أطيافها الفكرية والدينية، لوجود إمكانيات وكفاءات بين أفرادها، وإلا كانت الفوضى، لأن التيارات الأخرى ليس لها وزن سياسى، بل إنها سبب الفوضى التى نعيش فيها الآن، وإن حاد الإخوان - لا قدر الله - سنكون أشد المعارضين لهم، وهذا يؤكد أننا لسنا خداما للإخوان أو غيرهم، إنما نحن خدام لله، ونساندهم من أجل إعادة بناء مصر. ومن المسئول برأيك عن حوادث العنف والإرهاب الأخيرة وخاصة مذبحة رفح؟ - النظام السابق كان يتعامل مع الجماعات الإسلامية بشكل من العنف غير المدروس، ولا نستطيع أن نسميه إلا الفوضى، حتى أن العديد من الضباط الذين قاموا بتعذيبنا، وقدموا للمحاكمات حصلوا على البراءة، رغم اعتراف النيابة وجاهزة الدولة والطب الشرعى بالإصابات التى لحقت بنا، وتم صرف تعويضات لا تزيد عن ثلاثة آلاف جنيه، لمن تم سجنه سنوات، وكأنهم يقولون إن الشرعية التى قمنا ببنائها وتفصيلها لا يسير عليها إلا نحن، ومن هنا لجأت الجماعات الدينية إلى أخذ حقها بأيديها، حتى يعلم النظام أنه إذا لم تأتوا بحقوقنا فسوف ترون بعض ما عندنا، حتى ترجعوا، ولما بدأ النظام يستوعب الدرس توقف، فلما قتل الضباط والجنود ويُتم الأطفال، رجعوا بالمبادرات، وأوقفوا قتل الجماعات فى الشوارع بلا أحكام. وما علاقة الجهاد بأحداث العنف فى سيناء؟ - جماعة الجهاد ليس لها علاقة بالعنف فى سيناء، وقد علمت من بعض الأصدقاء والإسلاميين أن العنف الذى حدث فى سيناء لا توجد قوى بعينها وراؤه، إنما مثله مثل سرقة السيارات التى وقعت أيام الثورة، وبالتالى فأن مرتكبي هذه الحوادث هم بلطجية ومجرمون وجوعى وهاربون ومهمشون، ولا يوجد لديهم إلا السلاح والمخدرات والتهريب، ولم يكن لديهم وسيلة للارتزاق إلا هذا الإجراء، ويريدون به ابتعاد الحكومة عنهم، كى يمارسوا أعمالهم الإجرامية، وألا يطلع أحد عليهم بعيدًا عن السياسة والدين. ولكن الأحداث الأخيرة كشفت عن وجود ميليشيات لجماعة الجهاد والإخوان وغيرهما.. فما ردك؟! - أنا متأكد أن الميليشيات التى يدعى البعض وجودها أو إلصاقها بالفصائل الإسلامية، حتى وإن وجدت فى السابق، فكان لها تداعياتها، أما اليوم وبعد زوال حكم مبارك وطنطاوى وعبد المجيد محمود، ليس هناك مبرر لوجودها، وفى جميع الأحوال وجود ميليشيات سيكون نتيجته مصيبة على المجتمع، فى حالة حدوث تصادم بينها، فى ظل هذه الأوضاع المتردية، وعدم حدوث استقرار، ومع ما نسمعه عن تهريب الأسلحة إلى مصر. وما رأيك فى الأحزاب السياسية التى زاد عددها بصورة كبيرة بعد الثورة، ومدى مشروعيتها؟ - الأحزاب السياسية اليوم ما هى إلا كم من الكتب السياسية التى لا يستطيع أحد أن يمتصها إلا بتوفر العديد من القوانين التى تؤدى إلى ديمقراطية حقيقية، وإذا تم دمج تلك الأحزاب فى بعضها، حتى تكون ثلاثة أو أربعة فقط، فهذا جيد، لكن للأسف الخوف من حدوث انقلاب على الديمقراطية لمن أراد أن يعمل بالسياسة، فلن يكون ذلك إلا من خلال إنشاء حزب، قبل أن يقفل الحاكم باب فتح الأحزاب. ننتقل إلى جزئية أخرى ونسألك: سبق اتهامك فى اغتيال الرئيس السادات.. فما حقيقة دورك فى هذه العملية.. وكيف خرجت من السجن؟ - كان عمرى وقتها 19 عاما، وكنت طالبا بالسنة الأولى بالجامعة، وألقى السادات بالعديد من المشايخ والكتاب والسياسيين والإسلاميين فى السجون، للتمهيد ل "كامب ديفيد"، وتفعيلها، ولم يكن يتخيل أن هناك من يستطيع معارضته، فخرج عبر شاشات التليفزيون يسب الإسلاميين، خصوصا الشيخ المحلاوى وغيره، واستهزأ بالنقاب ووصفه بالخيمة، وصادر المجلات والصحف التى تعارضه، وكانت قوات الأمن تداهم مساكننا فى الليل للقبض علينا، بدون أى اتهامات، وأرسل العديد ممن اعتقلهم وأقاربهم للسجون، وتعرضوا خلالها للتعذيب والضرب، فاجتمع الإسلاميون وقرروا الخلاص منه، وبالفعل تم اغتياله، وكان دورى أشبه بالجندى الذى يقوم بتوصيل رسائل أو طلقات أو خلافة، دون أن يسأل ما الذى يحمله للتخلص من نظام السادات، وكان معنا من المضارين هيكل وفتحى رضوان وغيرهما، ممن لهم رأى أو أتباع فى هذه الفترة. وكيف تم القبض عليك.. وما هى الاتهامات التى وجهت إليك؟ - تم القبض على من منزلى فى شهر أكتوبر 1981، بعد مقتل السادات، وتم سؤالى عما إذا كنت مشاركا فى الأحداث من عدمه، ولم يتخيلوا أن سنى 19 عاما، واشترك فى هذا العمل، وكانت تلك مصيبة، فقدت على أثرها من التعذيب أسنانى القواطع، بالإضافة إلى إحدى عشر إصابة، منها ما هو بالبطن وأعلى الصدر والظهر والرأس، فضلا عن أننى أصبت بالشلل لمدة 6 أشهر كاملة، حيث كان يتم تعذيبى فى "جابر بن حيان" فى الدقى، بمعرفة اللواء نبيل صيام واللواء فؤاد علام وغيرهما، ممن تم ترقيتهم لمحافظين، كمكافأة لهم مثل اللواء محسن حفظى واللواء محمد عبد الفتاح عمر وغيرهم، حيث حصلت على البراءة بعد ثلاث سنوات، انتقلت خلالها بين عدد من السجون، وكان أشرسها "سجن القلعة" بقيادة اللواء محسن حفظى ومحمد عبد الفتاح عمر، ثم تم نقلى إلى سجن المرج، ثم "طرة"، ثم الاستقبال، وكانت وسائل التعذيب تشير إلى أسلوب واحد، وهو الصعق بالكهرباء، والتعليق على الأبواب و"الفلكة" و"العروسة"، وكانوا يدخلون العصى لبعضنا من الخلف حتى المعدة، وهناك من مات بسبب ذلك، والآخر أصيب وما زال يعانى منها. وهل تم اعتقالك بعدها.. وكم كانت المدة التى قضيتها فى المعتقلات؟ - نعم.. فأنا خرجت من السجن عام 1984، وبعدها تم اعتقالى 7 مرات على سبيل الادعاء الكاذب بدون اتهام، وأمضيت فى كل مرة ما بين 6 أشهر وعام، وكانوا يمارسون سياسة التجويع والتعذيب والعطش والبرد الشديد والنوم بلا غطاء، مع تجريدنا من ملابسنا، والمياه الملوثة فى "سجن أبو زعبل" و"طرة".