أحمد بهاء شعبان ---------------- - برلمان مصر المقبل سيعيد زواج المال بالسلطة - تدخل الجيش.. في السياسة يضعف قوته.. وعدم وجود ظهير سياسي «للرئيس» ميزة وعيب - الشباب.. يشعرون ب«احباط ثورى».. وانتظروا معركة جديدة مع «دولة العواجيز» سيكون على الرئيس السيسي وضع الفواصل القاطعة ما بين ضروريات الأمن وضمانات ممارسة الحرية المسئولة، ومن الخطأ أن يعتقد جهاز الأمن أن الحرب على الإرهاب تعنى تفويضا لإعادة حكم القبضة الحديدية الذي كان سائدا في فترة حكم مبارك وأدى لثورة 25 يناير». هذا ما أكده المهندس أحمد بهاء الدين شعبان نائب رئيس الحزب الاشتراكى المصرى في حوار ل«فيتو» يرسم فيه ملامح التجربة السياسية والبرلمانية والحزبية في مصر بعد فوز السيسي برئاسة مصر. وأعرب «شعبان» عن مخاوفه من أن يكون البرلمان القادم خاليا ممن يمثلون الشعب المصرى بملايينه الغفيرة الفقيرة التي ثارت وطمحت للتغيير بما يعيد إنتاج نفس العلاقات الاجتماعية والسياسية التي كانت قائمة وفاسدة وثار عليها الشعب مرتين لأن هذا المجلس سيعيد تزاوج المال بالسلطة. *هناك العديد من الأحزاب ذات التوجهات السياسية الواحدة فكيف ترى مستقبل التجربة الحزبية مع الرئيس السيسي؟ الحياة الحزبية في هذه اللحظة على درجة كبيرة من الوهن والتفكك وانعدام الفاعلية، والجميع يلمس أن الأحزاب المصرية قديمها وحديثها كبيرها وصغيرها كانت خارج المشهد السياسي الأخير ومع اتجاه الأمور إلى الاستقرار سوف تتبلور مجموعة أحزاب أكبر وأكثر قابلية للحياة نتيجة تقارب الاتجاهات السياسية الحزبية وائتلافها واندماجها في أحزاب أو جبهات أوسع مثل انضمام حزب الجبهة الديمقراطية إلى حزب المصريين الأحرار وهناك محادثات بين هذا الحزب وبين المصرى الديمقراطى الاجتماعى لإيجاد صيغة مشتركة للتفاعل وأيضا هناك حوار يتم بمبادرة من الحزب الاشتراكى المصرى مع باقى الأحزاب اليسارية مثل التجمع والتحالف الاشتراكى والحزب الشيوعى المصرى لصياغة إطار جامع لحركتهم في المجتمع وهناك حوار شبيه بين الفصائل الناصرية فضلا عن تبلور التيارات الدينية في حزبى النور والحرية والعدالة وأعتقد أن صيرورة الصراع السياسي في المجتمع ستجبر الأحزاب المتقاربة فكريا في الجذور الأيديولوجية على التقارب، والاندماج حتى تضمن وجودها المادى والسياسي في الحياة الحزبية وحتى يمكنها تشكيل قوى حقيقية لها تمثيل على أرض الواقع. *وكيف ترى شكل البرلمان المقبل في عهد الرئيس السيسي خاصة بعد تعديلات قانون مباشرة الحياة السياسية؟ أخشى أن يكون البرلمان المقبل - إذا أنشئ على أرضية مشروع قانون مجلس النواب المطروح - خاليا ممن يمثلون الشعب المصرى بملايينه الغفيرة الفقيرة التي ثارت وطمحت للتغيير، فالمشروع يعتمد على النظام المختلط الذي يعطى المقاعد الفردية 80% و20% للقوائم الحزبية مع تقسيم البلد إلى قطاعات جغرافية مترامية الأحجام، فالقوائم الحزبية على سبيل المثال ستتنافس على ثمانية قطاعات يحتوى كل منها على ثلاث أو أربع محافظات بكاملها، ومعنى هذا أن من يملك المال أو العصبية وله علاقه بالدولة والسلطة سيكتسح الانتخابات المقبلة، خاصة أن المشروع حدد سقف الإنفاق بمليون جنيه ولا يملك هذا المبلغ إلا رجال الأعمال وكنت أتمنى أن يكون برلمان ما بعد 25 يناير و30 يونيو قائما على فلسفة مختلفة، تعتمد على التمثيل الحقيقى للشعب، والتي يميل فيها للفقراء (أعدادهم 75%) والشباب الثلث والمرأة نفس العدد وبالتالى صياغات ومواد هذا القانون ستجعل تمثيل المرأة والشباب والعمال والفلاحين وذوى الاحتياجات الخاصة هامشيا ولا يتعدى 4% من الأصوات فضلا عن أن زيادة عدد المقاعد البرلمانية ل630 مقعدا سيعرقل النقاش داخل البرلمان بدليل أن عدد أفراد برلمان الهند التي يبلغ سكانها مليارًا و300 مليون 500 عضو وبالتالى البرلمان بهذا الشكل سيعيد إنتاج نفس العلاقات الاجتماعية والسياسية التي كانت قائمة وفاسدة وثار عليها الشعب مرتين لأن هذا المجلس سيعيد تزاوج المال بالسلطة. *هناك العديد من الملفات والتحديات التي تواجه الرئيس السيسي، كيف ترى علاقته بملفات الأمن والاقتصاد والسياسة في المرحلة المقبلة؟ الرئيس السيسي يواجه تحديات هائلة تعترض مساره، تحتاج لمواجهة ذكية حتى لا تعوق المرحلة، أهمها الملف الأمني وهو بسط هيمنة الدولة على كل شبر يقطع دابر الإرهاب ومواجهته بشكل حاسم في الداخل والخارج حتى يتحقق نشر الاستقرار الذي يجذب رءوس الأموال والمستثمرين وإدارة عجلة الإنتاج وهنا من الخطأ أن يعتقد جهاز الأمن أن الحرب على الإرهاب تعنى تفويضا لإعادة (حكم القبضة الحديدية الذي كان سائدا في فترة حكم مبارك وأدى لثورة 25 يناير، فهناك خط رفيع بين بسط الأمن بمفهومه الأمني وبين التغول على الحرية وهنا سيكون على الرئيس وضع الفواصل القاطعة ما بين ضروريات الأمن وضمانات ممارسة الحرية المسئولة ما دامت تتم في إطار سلمى بعيدا عن الإضرار بمصالح المجتمع. أما التحدى الثانى فهو التحدى الاقتصادى نتيجة حالة التردى في البلاد، فبعد عقود من الركود وثلاث سنوات من الأزمات السياسية والاجتماعية وفى ظل ترهل جهاز أمن الدولة وفساد قطاعات واسعة به وانفجار المطالب الفئوية واتساع الفجوة بالمجتمع لا مجال للرئيس إلا السعى لحل جذرى لمشكلات المجتمع خاصة أن أمامه تحديين هما ضبط مفاصل الدولة «الأجهزة المترهلة» من خلال إعادة تأهيلها وهذا يقتضى القيام بعملية تطهير جذرى لبؤر الفساد التي عششت في كل مؤسسات الدولة حتى لا تفسد كل مشروعات الدولة القادمة وحتى لا نجد حالة انفجار جديد بالمجتمع أشد عنفا وبالتالى إذا أراد السيسي تحقيق إنجاز حقيقى عليه مواجهة أخطبوط الإرهاب من جهة والفساد من جهة أخرى. *البعض يرى أن رجال الأعمال هم التحدى الأكبر أمام الرئيس السيسي نتيجة محاولاتهم استعادة نفوذهم فما ردك؟ في ظل نظام مبارك لم يكن بإمكان أي رجل أعمال أن يعمل ويتسع نفوذه إلا بالاندماج في منظومة الفساد ونهب المال العام وربما يكون المهندس أحمد عز المثال في ذلك ورمز هذه المرحلة ونموذجا لتزاوج السلطة بالمال وما نتج عنه من فساد ونهب منظم لثروات المجتمع وللأسف الشديد فقد عادت رموز النظام السابق لتصدر مشهد ما بعد 30 يونيو لاستعادة ماضيةا المشين، وقراءة رسالة 30 يونيو بصورة خاطئة باعتبارها براءة مبارك وهى بذلك لم تدرك مغزى 25 يناير وموجاتها ومن بينها 30 يونيو وكان انفجار الثورة في وجه هذه الطبقة وفسادها، والعقل يقول إن عودة هذه الطبقة يعنى تحويلها لمشاريع النظام لخدمة مصالحها وعودة النهب والفساد مرة أخرى، وهناك تحديات على المستوى الإستراتيجى تتمثل في القوى المعادية المتربصة على كل المساحات الحدودية في السودان وليبيا وغزة والمؤامرات المعلنة من أمريكا وإسرائيل وتركيا وقطر وبعض الدول الأوربية التي تتبنى جماعات الإرهاب، وهذا يقتضى من الرئيس السيسي التخفيف من مسئوليات القوات المسلحة حتى تتفرغ لحماية الوطن وهذا الأمر يجب أن يكون واضحا للرئيس حتى نستطيع مواجهة التحديات الداخلية والخارجية لأن تدخل الجيش في السياسة سيضعف قوته ولكن المعضلة أن الرئيس السيسي لا يستند لجهاز سياسي يسانده في أداء مهامه وبالتالى سيكون مضطرا للاعتماد على كفاءة أجهزة القوات المسلحة في المشروعات الإنتاجية والهندسية وهذا ليس مشكلة حتى تستعيد أجهزة الدولة عافيتها. *وهل تعتقد أن الرئيس السيسي يحتاج إلى ظهير سياسي في المرحلة المقبلة؟ الرئيس يواجه مشكلة حقيقية، وهى أنه أتى من خلفية عسكرية بعيدا عن الانتماء الحزبى، ولا يدين لاتجاه سياسي بعينه وهذا ما رفعه لقمة السلطة بأيدى الشعب وهذه ميزة وعيب، ميزة من ناحية أنه لن يكون مقيدا بفكر أو تنظيم أو توجيه فئة بعينها مثلما كان مرسي الذي كان يدين للإخوان ويتلقى التعليمات منهم، لكن السيسي في الوقت نفسه سيواجه تحديا وهو افتقاد الآلية السياسية لإقامة جسور التواصل مع الشعب لحماية تجربته من الفشل، ومن أجل ذلك ربما يضطر للاستعانة بكوادر من العسكريين رفاق العمر أو أن يلجأ لجهاز الدولة القديم خاصة أن المفهوم العسكري هو الأوامر الصارمة التي لا تقبل الجدل أو الرفض في حين أن السياسي يعتمد على المواءمة والحوار والتوافق وقبول النقد والتراجع عن الخطأ ويميل للحلول الوسط وهذا يحتاج لعلاج يبدأ بتفكير خارج الصندوق وحتى لا تتكالب عليه فلول النظام القديم بقدرتها الفائقة على التسلق وبما يفشل هذه التجربة التي نتمنى من صميم قلوبنا لها النجاح. * هل تتوقع استبعاد الرئيس السيسي للشباب من المشهد السياسي؟ الشباب المصرى يحتاج إلى نظرة عميقة من الرئيس السيسي حتى يمكن معالجة أزمته الراهنة، لأن هذا الشباب الذي شارك في تفجير الثورة وحلق بأحلامه للسماء ثم واجه عملية إحباط عميقة.