عاطل وفتاة ليل وسمسار.. هؤلاء الثلاثة كانوا أطراف جريمة قتل دارت أحداثها فى عمارة الإيموبيليا بوسط القاهرة.. فيها قتل الأول فتاة الليل بعد سهرة خاصة، وعندما اكتشف الأخير الجريمة، وهدد بإبلاغ الشرطة قتله العاطل هو الآخر وفر هاربا، ولكنه سرعان ما سقط فى قبضة الشرطة.. محقق «فيتو» التقى بالمتهم هانى فكشف عن تفاصيل تقترب فى غرابتها من حد الخيال، بل هى رواية كاملة تصلح لأن تكون قصة لفيلم سينمائى مثير.. السطور التالية تحمل فصول الرواية. الفصل الأول: مجرم بالصدفة أمام محقق فيتو.. جلس «هانى» -32 سنة- هادئا مطمئنا وقبل أن يسأله المحقق عن تفاصيل جريمته قال: صدقونى لست مجرما، ولم أخطط للقتل.. أنا انسان بسيط كنت أحلم بزوجة جميلة وبيت هادئ وأطفال يحملون اسمى من بعدى، ولكن الصدفة جعلتنى مجرما وتحولت إلى قاتل مطارد من العدالة.. قاطعه المحقق: ماذا تقصد بكلمة الصدفة؟.. تنهد فى حسرة واستطرد: قبل سنوات كنت اعيش مع أسرتى فى بركة السبع بمحافظة المنوفية، وقتها كنت بطلا فى كمال الأجسام وأدرس فى الصف الثانى بالمعهد الفنى الصناعى بطنطا.. ذات يوم فوجئت بصديق يخبرنى بأنه تعرض للسرقة وطلب مساعدتى فى استعادة نقوده.. ذهبت معه الى اللصوص وحدثت مشادة كلامية بينى وبينهم، وحاول أحدهم الاعتداء علىّ بالضرب.. اشتبكت معه وطعنته بمطواة وهربت، وفى اليوم التالى مات الشاب وألقت الشرطة القبض علىَ وصدر ضدى حكم بالحبس خمس سنوات، ثم خرجت بعد نصف المدة لحسن السير.. قال المحقق: ولكن صحيفة سوابقك تؤكد أنك ارتكبت العديد من الجرائم؟!.. أجاب: بعد خروجى من السجن طاردتنى أسرة الشاب القتيل لأخذ ثأر ابنهم، فهربت إلى مدينة 6 اكتوبر وعملت فى مصنع أخشاب واستقرت أحوالى المادية وحجزت شقة من جهاز المدينة لأتزوج فيها.. وفى هذه الأثناء تعرفت على فتاة تدعى سهام وربطت بيننا قصة حب كبيرة واتفقنا على الزواج.. ولكن والدتها طلبت شبكة غالية ومهرا كبيرا ولم تكن معى النقود الكافية.. لعب الشيطان بذهنى وزين لى احتراف السرقة وكانت البداية عندما سرقت سلاحا ناريا من أعراب المنطقة واستخدمته فى سرقة المارة بالإكراه، ومع أول جريمة سقطت فى قبضة الشرطة وحٌكم على بالسجن 3سنوات، وبالطبع تركتنى سهام وخسرت كل شىء». الفصل الثانى: حب فى الزنزانة قطع المتهم حديثه ونظر إلى الأرض وكأنه يتذكر شيئا ما ثم انفجر ضاحكا.. استغرب المحقق وسأله: ما يضحكك وحبل المشنقة ينتظرك؟.. أجاب: تذكرت مغامراتى داخل السجن وقصة الحب الكبيرة التى عشتها فى الزنزانة. انتبهت كل حواس المحقق وهو يقول:احكِ لى. استطرد هانى: كما ترى.. منحنى الله قوة جسمانية هائلة جعلت الجميع فى السجن يخشانى وأصبحت أنا الزعيم وفرضت إتاوات على المساجين، حتى العساكر كانوا يخافون منى ولا يرفضون لى طلبا.. ذات يوم وأنا فى المحكمة لتجديد حبسى تعرفت على سيدة عجوز كانت محبوسة على ذمة قضية شيك، وقدمت لها الطعام وبعض الأموال.. وبعد خروجها جاءت لزيارتى كنوع من رد الجميل، وكانت معها ابنتها «رشا».. شعرت بانجذاب شديد نحوها، ومع تكرار زيارتهما لى توطدت علاقتى بالفتاة ونشأت بيننا علاقة حب كبيرة وقررت أن أخطبها.. قاطعه المحقق متسائلا: كيف تخطب وانت فى السجن؟.. ضحك هانى ضحكة عالية وهو يقول: لا.. دى بسيطة خالص.. كنت مسيطرا على السجن ومعى تليفون محمول وأثناء تجديد حبسى فى إحدى القضايا أعطيت الحرس مبلغا من المال وفكوا القيود الحديدية، وذهبوا معى إلى بيت الفتاة وخطبتها، بعد أن افهمت والدها أننى ضابط شرطة والعساكر هم حراسى، وظللت اتصل بخطيبتى وتزورنى فى محبسى فترة طويلة شعرت خلالها بأننى أسعد إنسان فى الدنيا رغم ظروفى.. تغيرت ملامح المتهم وتهدج صوته بالبكاء وهو يقول: واصلت الأقدار عنادها معى وأبت ان تستمر سعادتى، فقد تم نقلى إلى سجن وادى النطرون وهناك الزيارة مرة واحدة كل 15 يوما وتم سحب التليفون منى.. أصبحت لا أرى رشا إلا قليلا ثم انقطعت أخبارها عنى، وبعد شهرين جاءتنى وأكدت أنها متمسكة بى ولكن والديها يصران على فسخ الخطوبة وتزويجها من شخص آخر.. شعرت بمرارة بالغة وعجز شديد وازدادت المرارة عندما علمت بأنها تزوجت بالفعل. الفصل الثالث: العروس حامل تهللت أسارير هانى مرة أخرى وهو يقول: تأقلمت مع الوضع الجديد فى وادى النطرون إلى أن تم نقلى الى سجن الفيوم، وهناك سيطرت على السجن وحصلت على تليفون محمول، واتصلت ب»رشا» وحملت لى مفاجأة سارة وأخبرتنى بأنها انفصلت عن زوجها بعد شهر واحد من الزواج بسببى ولأنها لم تستطع العيش مع شخص آخر ولكنها حامل.. شعرت بسعادة لم أشعر بها طوال حياتى وتعهدت بأن أكون زوجا صالحا لها وسأربى طفلها مع أبنائنا.. مرت الشهور وخرجت من السجن ولأننى سوابق فقد فشلت فى الحصول على عمل مناسب، فاحترفت تجارة السلاح، وعندما كونت مبلغا من المال ذهبت الى منزل محبوبتى وطلبتها للزواج وبالفعل كتبنا الكتاب وعشت معها احلى أيام العمر.. وفجأة عادت الأقدار لتعاندنى من جديد، فقد تغيرت زوجتى وتبدل الحب فى قلبها إلى كره شديد بل وطلبت الطلاق.. سألتها عن السبب فقالت إنها لن تعيش مع شخص مصدر رزقه من تجارة غير مشروعة ثم تركت المنزل وأغلقت هاتفها وحدثتنى أمها مؤكدة انها لن تعود لى.. حاولت أن أقنعها بالرجوع ولكننى لم أفلح.. شعرت بالضياع وبأننى إنسان بلاقيمة فى هذه الحياة.. فقدت كل شىء، حتى أهلى نسيتهم وتناسونى. الفصل الرابع: جريمة الإيموبيليا نظر هانى إلى الأرض واطلق لدموعه العنان فانهمرت غزيرة.. هدأ المحقق من روعه وسأله عن تفاصيل جريمته الأخيرة.. كفكف دموعه وأقسم بالله أنه لم يخطط لها وأنها حدثت بالصدفة أيضا واوضح: بعد هروب زوجتى.. انتابنى إحساس شديد بالوحدة، وقررت أن أعيش حياتى بالطول والعرض.. استأجرت شقة فى عمارة الإيموبيليا بمنطقة وسط البلد لمدة 4أيام ب600 جنيه، وقضيت الأيام الثلاثة الأولى فى كباريهات شارع الهرم احتسى الخمور فى محاولة للخروج من أحزانى ونسيان همومى.. وفى اليوم الرابع اتصلت بالسمسار الذى أحضر لى الشقة ويدعى مصطفى وطلبت منه إحضار فتاة ليل لقضاء سهرة حمراء معها، فأرسل لى سيدة اسمها «ناهد» واتفقت معها على 400 جنيه، وأثناء وجودها معى فى الشقة اتصل بها زوجها فردت عليه باستهزاء وسخرية.. احتقرتها وقتها وقررت ألا أدفع لها أكثر من «200» جنيه.. ثارت فى وجهى وراحت تهددنى قائلة: مفيش حد يقدر ياكل حقى.. لم احتمل.. وصفعتها على وجهها.. وبكل جرأة ردت لى الصفعة.. غلى الدم فى عروقى وانهلت عليها ضربا وركلا ثم كتمت أنفاسها بكيس المخدة، ولم أتركها إلا جثة هامدة.. سأل المحقق: وماذا عن القتيل الثانى؟.. استطرد المتهم قائلا: السمسار مصطفى كان جالسا فى صالة الشقة وعندما سمع صوت المشاجرة دخل إلى غرفة النوم ليجد ناهد جثة هامدة.. راح يصرخ وهو يضربنى ثم حاول الخروج من الشقة متوعدا بإبلاغ الشرطة.. اعترضت طريقه ووضعته على كرسى ثم كتمت أنفاسه بنفس كيس المخدة إلى أن مات هو الآخر.. ارتعدت أوصال المتهم وظهرت علامات الفزع والرعب على وجهه وهو يقول: بعد أن ماتا وضعت الجثتين بجوار بعضهما.. شعرت بالخوف الشديد من منظرهما، فغطيتهما بملاءة السرير وهربت من الشقة إلا أننى سقطت من جديد فى قبضة الشرطة». وهنا انهار المتهم تماما وغطى وجهه بيديه وراح يقول باكيا: خلاص هانى ضاع.. انتهى من الوجود.. كان نفسى أكون إنسان كويس.. أعيش بالحلال مع زوجة تحبنى وأحبها وأطفال يملأون الدنيا مرحا ولعبا، ثم طغى بكاؤه وعجز عن الكلام.. لملم المحقق أوراقه وترك هانى يواجه مصيره، وفى رأسه تردد سؤال محير: ترى.. هل هانى جانٍ أم مجنى عليه؟.