بداية سيئة ومعيبة ومهينة لوزير الداخلية الجديد اللواء محمد إبراهيم، وقرار أقل ما يوصف به أنه قرار جبان وضعيف، سيعيدنا عشر خطوات إلى الخلف، فتأجيل مباراة الأهلى والإسماعيلى لدواعٍ أمنية هو إعلان عن خيبة الأمن نفسه وتأجيل لعودة الأمان للشارع والثقة للمواطن فى معاملة شرطية تحفظ كرامته وآدميته، فالأمن الذى يعجز عن تأمين مباراة دون جمهور بالقطع لن يكون قادرا عن مواجهة البلطجية فى الشوارع، وهم البلطجية الذين اختفوا بقدرة قادر فى المرحلة الأولى من الانتخابات ولم نسمع لهم صوتا. وعندما أقول إن القرار خطأ وخطر على الأمن فإننى أملك عشرات المبررات والحجج التى تضرب كل الحجج والأعذار التى تسوقها الداخلية فى مقتل. أولها: من حسن الحظ أن عودة الدورى جاءت فى مباراة دون جماهير مما يخفف نظريا وعمليا العبء فى تأمينها، فأى نتيجة سواء فوز الأهلى أو هزيمته أو قرارات خاطئة من الحكام لن تجد من يتفاعل أو يثور عليها داخل الملعب وخارجه، وأى اعتراضات أو معارك إن وقعت ستكون بين لاعبى الفريقين وجهازيهما الفنيين، وعلى حد علمى جميعهم غير مسجلى خطر ولم يُعرف عنهم البلطجة، وحتى معاركهم إن حدثت يمكن السيطرة عليها، ومن ثم فالمهمة سهلة وخفيفة وخايبة لرجال الأمن وربما لا داعى لوجودهم فى الملعب من الأساس، ناهيك بأن غياب الجمهور يعدم فرص الشغب بعد المباراة خارج الملعب. ثانيا: إلغاء المباراة لدواعٍ أمنية يعنى بالضرورة أن رجال الأمن عاجزون عن تأمين مداخل ومخارج الاستاد، وهى مهمة فى ظنى سهلة وبسيطة لسبب بديهى، هو أن أى شخص سيذهب إلى هناك ويظهر على البوابات هو شخص مخالف ويسعى للاحتكاك والاقتحام للاستاد بغير وجه حق، ومن ثم يتعين على رجال الأمن التعامل معه بالطريقة التى يستلزمها الموقف، وليس من بينها الرصاص الحى أو المطاطى، بل كان يمكن للداخلية أن تنتهز الفرصة وتراقب المداخل بالكاميرات لتحدد مَن المشاغبون الذين يريدون اقتحام الاستاد ليتم حرمانهم من حضور المباريات، وكان فى مقدورها دعوة كاميرات وسائل الإعلام ومنظمات حقوق الإنسان للظهور كى تثبت براءتها من التعامل العنيف مع المشجعين إذا حضروا. ثالثا: التأجيل بعد التهديدات التى أطلقتها بعض جماهير الألتراس من أنها ستقتحم المباراة رغما عن أنف الأمن وإداراة الأهلى واتحاد الكرة ليس له معنى سوى أنه ركوع وخضوع وخنوع أمام تهديدات بلونية لم تكن ستجد طريقها للتنفيذ، وحتى إن وُجدت كان يجب التعامل معها فى حدودها، فإذا كان الأمن يخاف من مواجهة تهديدات من مشجعين صغار السن ومتهورين وعفويين فى تشجيعهم، فماذا سيفعل مع البلطجية وعصابات السيارات وسائقى الميكروباص؟! رابعا: القول إن الداخلية مشغولة فى تأمين الانتخابات كلام فارغ، فالمرحلة الأولى انتهت بسلام والمباراة لا تقع فى النطاق الجغرافى للمرحلة الثانية إلا إذا كانت مديرية أمن القاهرة ستنقل نشاطها الشهرين القادمين خارج حدود المحافظة، ثم ما دخل وزارة الداخلية بالانتخابات؟ أليست القوات المسلحة هى التى تقوم بتأمين اللجان والشرطة مُشاهِد من أمام الأبواب؟ هذا عن الشق الأمنى، أما عن الشق الكروى فتأجيل المباراة ظلم فريق الإسماعيلى وعلى الأرجح ستقام المباراة بالجمهور حيث لا يوجد بند واضح وصريح يعطى للإسماعيلى الحق فى التمسك بإقامة المباراة بنفس ظروفها، والثابت فى لوائح لجنة المسابقات هو إقامة المباراة التالية للعقوبة دون جمهور، وهى مباراة وادى دجلة، ولكن السؤال هو: هل سيصر الألتراس على قراره ويقتحم المباراة أم أن اتحاد الكرة سيلغى العقوبة أو يلغى البطولة ما دام الأمن غايب والكل خايف؟!