قالت هيئة التحقيق القضائية -التي تم انتدابها من وزير العدل للقيام بأعمال التحقيق في قضية التمويل الأجنبي من دول خارجية لمنظمات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية المصرية- إن القضية لا تزال في مرحلة التحقيق ولم يصدر قرار بالتصرف النهائي فيها كما تردد، مشيرة إلى أن قضاة التحقيق استمعوا حتى الآن إلى شهادة أكثر من 50 شاهدا في ضوء البلاغات المقدمة ضد بعض المنظمات الأهلية المصرية. وأكدت هيئة التحقيق المكونة من المستشارين «أشرف العشماوي»، و«سامح أبو زيد» أنها شرعت بالفعل في استجواب المتهمين الذين تلقوا تمويلا أجنبيا خارجيا بالمخالفة للقانون، حيث تبين أن المنظمات والكيانات المصرية والأجنبية متلقية التمويل الأجنبي بعضها يعمل في مجال العمل الأهلي على نحو مشروع، والبعض الآخر يعمل بالمخالفة للقانون ودون الحصول على الموافقات والتراخيص اللازمة من الجهات المصرية المختصة قانونا. وقالت الهيئة، «إن موضوع التمويل الأجنبي للمنظمات الأهلية المصرية سيتم الإعلان عن نتائجه بالكامل، وإتخاذ القرار المناسب بشأنه فور الإنتهاء من التحقيقات وما تسفر عنه من نتائج نهائية، مشيرة إلى أن الهيئة تلقت العديد من البلاغات ذات الصلة بالتحقيقات، وتم إتخاذ الإجراءات القانونية بشأن كل بلاغ وما يقدمه المبلغ من أدلة وقرائن جدية ومستندات مؤيدة لبلاغه وعلى مسئوليته الشخصية». كما نفى قاضيا التحقيق ما تردد في بعض وسائل الإعلام من أخبار مفادها إدانة أشخاص وفئات محددة بعينها، أو حفظ التحقيقات بالنسبة لآخرين، مشددين على أن تلك الأنباء جميعها غير صحيحة جملة و تفصيلا، حيث لم يصدر أي قرار متعلق بهذا الشأن عن قضاة التحقيق نظرا لاستمرار التحقيقات وعدم إنتهائها بعد. وقال المستشاران «أشرف العشماوي» و«سامح أبو زيد» أن التحقيقات التي يباشراها بشكل موسع لها جوانب فنية وقانونية دقيقة، وأطراف عديدة وتشمل عددا كبيرا من الكيانات والمنظمات الأهلية المصرية والأجنبية، بالإضافة إلى عدد من الأشخاص الطبيعيين قد جاوزت في مجموعها ما يزيد عن 300 كيان وشخص طبيعي. هذا وكشف قاضيا التحقيق النقاب عن أن التحقيقات تشمل كافة عمليات التمويل الأجنبي لتلك المنظمات والأشخاص التي تمت خلال الست سنوات السابقة على بداية التحقيقات، موضحين أن الثابت بالتحقيقات -حتى الآن- أن عدد الكيانات ومنظمات المجتمع المدني التي حصلت على تمويل أجنبي لا يتجاوز 400 كيان، في الوقت الذي يتجاوز عدد المؤسسات والجمعيات العاملة في مجال المجتمع المدني والمرخص لها قانونا 35 ألف جمعية ومؤسسة، وذلك بخلاف غير المرخص لها. وأكد المستشاران أن قضاة التحقيق في موضوع التمويل الأجنبي هما الجهة الرسمية والوحيدة المختصة بالتحقيق في ذلك الموضوع إذا ما قدمت إليها بلاغات بشكل رسمي حول موضوع التمويل الأجنبي، مشددين في ذات الوقت على أن ما يتم تناوله بوسائل الإعلام بجميع أنواعها وما يصاحب ذلك من تبادل إتهامات عبر هذه الوسائل الإعلامية، هو أمر خارج عن نطاق الموضوعات التي يتم التحقيق فيها ولا يلتفت إليه بإعتباره لم يقدم رسميا لقضاة التحقيق المختصين . وأضافا، أنه من المقرر قانونا أنه لأي شخص الحق في الإبلاغ لدى هيئة التحقيق القضائية عما يتوافر لديه من أدلة أو قرائن أو دلائل جدية في هذا الشأن على نحو يشكل جريمة، طالما توافر لديه من حسن النية وما يحمله على الإعتقاد بوقوعها. وأكد قاضيا التحقيق على أن التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني في حد ذاته ليس محلا للتجريم على إطلاقه حسبما يردد البعض على خلاف الحقيقة، وإنما نطاق التجريم يتمثل في تلقى ذلك التمويل من قبل كيانات تعمل بالمخالفة للقانون، أو تلقي ذلك التمويل بالمخالفة للقانون، أو لدى استخدامه في أغراض غير مشروعة، أو في غير الأغراض المخصصة له، وهى الأفعال المعاقب عليها بمقتضى بعض نصوص قانون العقوبات وبعض نصوص قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية، والتي يترتب في حالة ثبوتها بحق أشخاص وكيانات محددة إحالتهم للمحاكمة الجنائية أمام المحاكم المختصة وفقا لنصوص قانون الإجراءات الجنائية. وأوضحا، أن التحقيقات تشمل جميع الجمعيات والكيانات المدنية بما فيها تلك ذات الطابع الديني سواء كانت إسلامية أو قبطية بالإضافة إلى أفراد طبيعيين تلقوا مبالغ مالية واردة من الخارج سواء من دول عربية أو أوروبية أو أمريكية، مشددين على أن إجراءات التحقيق تقتضي التحقق من مدى صحة وقانونية إجراءات ممارسة النشاط الأهلي وشرعية التمويل الذي تلقته تلك الكيانات بالفعل، ووصوله عبر القنوات الشرعية المعلنة، وأن صرفه قد تم في الأوجه المخصصة له بالفعل. وذكرت هيئة التحقيق أنها باشرت عملها بعد أن تم انتداب أعضائها من محكمة استئناف القاهرة، حيث كانت نقطة الإنطلاق في التحقيقات تقرير لجنة تقصي الحقائق في شأن التمويل الأجنبي للجمعيات الأهلية المصرية، والذي أشرف على إعداده المستشار الدكتور «عمر الشريف» -مساعد وزير العدل للتشريع- بناء على توجيه من وزير العدل بتكليف مباشر من مجلس الوزراء لإتخاذ الإجراءات القانونية حيال التحقيق في هذا الأمر. وقالت الهيئة إن تقرير لجنة تقصي الحقائق -من خلال ما توصلت إليه من معلومات- إنتهى إلى عدد من التوصيات من بينها إحالة ذلك التقرير ومستندات وأوراق وأعمال اللجنة إلى النيابة العامة أو إلى قاضي تحقيق ينتدب لإجراء تحقيق قضائي فيما أسفر عنه التقرير في وجود شبهة إرتكاب عدد من الكيانات والمنظمات والناشطين في مجال المجتمع المدني لجرائم جنائية بالمخالفة لبعض النصوص القانونية العقابية في القوانين المصرية السارية. وأضافت الهيئة، أن التقرير أكد في توصياته على ضرورة أن يشمل كافة أوجه التمويل الأجنبي بكافة صوره للمنظمات الأهلية المصرية، وألا يقتصر فقط على ما أثير حينها في شأن موضوع التمويل الأمريكي لبعض منظمات وكيانات المجتمع المدني المصري في وسائل الإعلام المختلفة، وفي تصريحات بعض المسئولين المصريين والأمريكيين خلال النصف الأول من العام الحالي. ويشار إلى أن التحقيقات في شأن التمويل الخارجي لمنظمات المجتمع المدني المصرية والأجنبية العاملة داخل مصر، كشفت بصورة مبدئية عن حصول بعض المنظمات وعدد من الأفراد العاملين في مضمار المجتمع المدني على ما يزيد عن مليار جنيه خلال فترة 6 أشهر الماضية، تم تحويلها من الخارج من دول أجنبية وعربية لعدد من المنظمات والأفراد.