زيارات المسؤولين الأمريكيين إلى القاهرة، دوما ما تكون مزدحمة ومشحونة بعديد من الاجتماعات والجلسات رفيعة المستوى مع مسؤولى الحكومة المصرية، لكنها، وبعد نجاح ثورة 25 يناير، وتولى المجلس العسكرى مقاليد الحكم والسلطة خلال الفترة الانتقالية باتت تتسم بأمرين رئيسيين. الأمر الأول، يرتبط بضرورة لقاء أحد أعضاء المجلس العسكرى، إن لم يكن رئيس المجلس نفسه المشير حسين طنطاوى، بينما يتعلق الثانى بالحرص على زيارة خاطفة إلى المنيل، حيث مقر حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسة لجماعة الإخوان المسلمين، للقاء قيادات الحزب ومسؤوليه، والاستماع إلى رؤية الجماعة فى مسائل حساسة بالنسبة إلى الغرب.. رئيس لجنة العلاقات الخارجية فى مجلس الشيوخ الأمريكى السيناتور جون كيرى، التزم خلال زيارته الأخيرة إلى القاهرة، بذلك النهج، حيث قام بعقد لقاءات مع القائد العام، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، المشير حسين طنطاوى، ومع رئيس الوزراء كمال الجنزورى، ووزير الخارجية محمد كامل عمرو، بالإضافة إلى لقاءات مع عدد من قيادات ورؤساء الأحزاب المصرية، كان فى مقدمتها حزب الحرية والعدالة الإخوانى، ليصبح أرفع مسؤول أمريكى، يتحاور وجها لوجه، وعلنيا، مع الإخوان. بيان للسفارة الأمريكية فى القاهرة، صدر أمس، أكد أن السيناتور الأمريكى كان حريصا فى كل لقاءاته على ضرورة استمرار العلاقات المتينة بين الولاياتالمتحدةالأمريكية ومصر، مشددا على أن الأخيرة تمر بلحظة تاريخية فى التحول نحو الديمقراطية الكاملة، من شأنها أن تترك تأثيرها الإيجابى على منطقة الشرق الأوسط بأثرها، بينما أكد أهمية أن تتجاوب مصر مع صندوق النقد الدولى، بما يمكن من أن يضع اقتصادها على الطريق الصحيح. كيرى بحسب البيان أيضا، عقد مؤتمرا صحفيا فى السفارة الأمريكية فى القاهرة، أمس، كشف فيه عن تأكيدات قيادات حزب الحرية والعدالة له باحترام آليات التحول الديمقراطى، وكل الاتفاقيات التى وقعتها مصر، بما فيها اتفاقية السلام مع إسرائيل. كان كيرى، قد توجه مساء أول من أمس، بصحبة السفيرة الأمريكية فى القاهرة آن باترسون، إلى مقر حزب الحرية والعدالة، للحصول على تطمينات من قياداته بشأن الاتفاقيات الدولية، فى حالة صعود الإخوان إلى سدة الحكم فى مصر، خصوصا أن نتائج انتخابات المرحلة الأولى من انتخابات مجلس الشعب، أوضحت تفوق «الحرية والعدالة»، على نظرائه من الأحزاب الإسلامية والليبرالية الأخرى. فى حين كان «الحرية والعدالة»، عبر رئيسه الدكتور محمد مرسى، سخيا مع ضيفيه الأمريكيين، بتأكيد التزام الإخوان بالمعاهدات والاتفاقيات الدولية، حتى تلك التى وقعتها مصر مع الكيان الصهيونى. «تلك الزيارات تأتى فى إطارها الرسمى». علق بها المستشار القانونى لحزب الحرية والعدالة الدكتور أحمد أبو بركة، على زيارة كيرى إلى الحزب، استنادا إلى أنها تمت من جانب نائب برلمانى غربى إلى حزب سياسى مصرى، بينما «لا توجد أى تفسيرات أخرى فى ذلك الشأن»، على حد قوله. الباحث السياسى فى مركز «الأهرام» للدراسات الاستراتيجية يسرى العزباوى، يقف عند زيارة كيرى، باعتبار أن الأمريكيين بين نارين «إما الإخوان وإما السلف»، غير أن التصريحات النارية، التى خرجت من قيادات السلف حول الديمقراطية، دفعت الأمريكان إلى التعامل مع «إسلام الإخوان»، على أنه «أقل الضررين»، وعلى أمل أن يكون قريب الشبه من «إسلام الأتراك»، ناهيك باستغلال الإخوان فى ممارسة ضغوط على حماس. «ترسل جملة من الرسائل إلى الشارع المصرى»، يشير بها العزباوى، إلى زيارة كيرى إلى حزب الإخوان، منها أن واشنطن تحترم الانتخابات المصرية، وتتابعها بشكل متواصل، وأن الأمريكيين سيحترمون النتائج مهما كانت، وأنهم مع خيارات الشارع المصرى، حتى لو صبت فى صالح الإسلاميين