باقات ورد، ممن ألفوا إرسالها، تعرف طريقها إلى أهم مكتب فى الوزارة، أعقبتها تعهدات معتادة أمام الصحفيين وميكروفونات التليفزيونات، بحلول سريعة. بداية نمطية جدا، لوزراء حكومة الجنزورى، المسماة ب«حكومة الإنقاذ الوطنى»، بعد 48 ساعة، بمناصبهم الجديدة. وزراء «الإنقاذ»، صعد معظمهم سلم وزارته مهتزا يحمل على كاهله عمرا مديدا يعكسه الشعر الأشيب إلى مكتب وزارة ما بعد ثورة صنعها الشباب وما زالوا بدمائهم وأعضائهم ونور أعينهم، فى ما يشبه ملهاة مسرحية قديمة. أبناء «الوطنى» المنحل، المستوزرين، ربما لم يصدقوا أنفسهم وهم يرثون مكاتب «أربابهم» السابقين بالحزب، بعدما ظنوا أن زمنهم ولى، وأن قضاء المتبقى من أعمارهم بين جدران قصورهم الفارهة، أمل يتمنونه ويحمدون الله كثيرا عليه. بعض الوزراء الجدد، رغم تعهدات «الفُم المليان»، اعترفوا بثقل المهمة وحرصوا على التقاء الوزراء السابقين وقيادات وزاراتهم، والبعض الآخر اكتفى باستقبال المهنئين مؤجلا ملفات شديدة الأهمية إلى حين ميسرة. التلويح بطلب زيادة الميزانية عبر مدد من «السلطة الفعلية»، جاء فى تصريحات عدد من الوزراء الجدد، رابطا بين تعهداته الوردية وهذا الطلب. غمزات ولمزات لاحقت، فى الظهر، الوزراء الذين أعيد تكليفهم من جديد، بعدما ظن مرؤوسوهم أنهم ولوا، مع وزارة شرف، إلى غير رجعة، لكنهم فوجئوا بهم ثانية، وستكشف الأيام القادمة انتقامات وهيكلة فى كبار موظفى وزارات عدة، لكن وزراء آخرين حاولوا تقديم «السبت» للجمهور بالإعلان عن تعيينات جديدة. التنمية المحلية: التشغيل مفتاح عطية فى الوزارة الصعبة بعد تكليفه بوزارة التنمية المحلية للمرة الثانية، بدأ المستشار محمد عطية ساعاته الأولى بقرار وزارى لشغل الوظائف الخالية بالوزارة، كاشفا ل«التحرير» أنه سيتم نشر إعلان بالصحف القومية لتسكين الأماكن الخالية بالوزارة والتى تصل إلى 25 وظيفة قيادية. قرار عطية الأول، بعد التشكيل الجديد يعيد إلى الأذهان أول قرار له فى الحقبة الوزارية السابقة، وهو عودة 4320 موظفا من المفصولين بمراكز المعلومات إلى عملهم مرة أخرى، حيث حرر لهم عقودا تضمن حقوقهم. قضية العلاج المجانى كانت فى استقبال وزير الصحة الجديد الدكتور فؤاد النواوى، فى أولى مهامه وذلك خلال اجتماع مطول مع مساعدى الوزير، تناول أيضا العلاج على نفقة الدولة وزيادة ميزانية الصحة. الصحة: النواوى يعلن عن تخصيص أماكن لمصابى المظاهرات السابقة.. واللاحقة الوزير الجديد خرج من الاجتماع، الذى سبقه تلقيه تهانى قيادات الوزارة السابقين والحاليين، ليبشر بأن جزءا كبيرا من الميزانية سيتم توجيهه فى المرحلة القادمة لدعم العلاج المجانى والعلاج على نفقة الدولة بالمحافظات، من خلال المستشفيات بالمحافظات المختلفة، موضحا أن «الصحة» ستتغلب على المصاعب التى واجهت العلاج المجانى فى الفترة الماضية، وستعمل على مراقبة أداء المستشفيات فى تقديم خدمة العلاج المجانى، بالإضافة إلى الرقابة الشعبية والمجتمعية، معترفا بوجود قصور شديد فى خدمة العلاج المجانى. لقاء النواوى مع الصحفيين والإعلاميين، شهد إعلانه عن مهام عاجلة ستقوم بها الوزارة خلال الفترة القادمة، على رأسها قضية علاج مصابى الثورة ومصابى المظاهرات والاحتجاجات والاعتصامات، موضحا أن هناك نظاما قائما لجميع المصابين بمستشفى العجوزة سيتم تحسينه والتوسع فيه ليمتد إلى بعض المحافظات الأخرى، منها الإسكندرية والسويس، وكذلك تخصيص أماكن بمعهد ناصر لعلاج المصابين الحاليين والمحتملين، فى مظاهرات مقبلة.. قضية تعيين المتعاقدين والمؤقتين، ضمن أولويات الوزارة، بحسب النواوى، الذى توقع دعما ماديا من المالية ومجلس الوزراء. الرى: قنديل يستعرض متباهيًا أمام الصحافة أداءه فى ملف مياه النيل تحقيق بعض الخطوات المرحلية فى ملف مياه النيل، هو ما أبقى على هشام قنديل وزيرا للرى والموارد المائية، حسب مفتتح تصريحاته الصحفية، مباهيا، عقب لقائه الجنزورى، فقال «أداء الوزارة فى ملف النيل خلال المرحلة الماضية نجح، ونتطلع فى حكومة الإنقاذ الوطنى إلى مزيد من هذه النجاحات، وفى مقدمتها تحقيق صالح الوطن فى الاجتماع الاستثنائى لوزراء الحوض المقرر انعقاده 17 الشهر الحالى». قنديل أشار إلى أنه يجب استثمار الأجواء الإيجابية لطرح مزيد من أوجه التعاون مع دول الحوض والاستمرار فى تفعيل المبادرات الثنائية للتعاون بين مصر وكل دولة من دول الحوض، واستعرض «تم الاتفاق بين الجانبين المصرى والإثيوبى على خطة تنفيذية لمذكرة التفاهم التى وقعت بالقاهرة بين الجانبين للتدريب فى مجال الموارد المائية والرى للبدء بها فورا أوائل عام 2012». وأكد التنسيق بين مصر والسودان لاستعراض صيغة توافقية للنقاط الخلافية العالقة على الاتفاقية لتضمن حقوق طرفى الاتفاقية من دول منابع النيل ودولتى المصب. المستوى الداخلى كان له نصيب من تصريحات قنديل، موضحا أن هناك عددا من الملفات الداخلية الساخنة التى تتطلع إلى إيجاد حلول علمية فى إطار برنامج زمنى محدد فى مقدمتها تحسين أوضاع العاملين واختيار القيادات الكفأة لتولى مسؤوليات إدارة الموارد المائية والبشرية على مستوى إدارات الرى فى محافظات مصر. وكذلك ملف توزيع مياه الرى بما يكفل عدالة التوزيع. الأوقاف:أحاديث النميمة تشوش على الوزير القوصى بعد التجديد «لا أهتم بالاتهامات»، قالها وزير الأوقاف الدكتور محمد عبد الفضيل القوصى، بعد إعادة تكليفه بالوزارة، ردا على أحاديث نميمة دارت فى ردهات الأوقاف، بأن توليه الوزارة لا يعنى أنه الأكفأ، مضيفا تصريحات معتادة أن استمراره فى الوزارة، ربما لأن المسؤولين ظنوا خيرا فى شخصه، وأن عدم استبدال وزير آخر به ليس سببا للخزى أو الخجل، وأن الأوقاف ستشهد فى المرحلة القادمة تطورا كبيرا، ومفصلا بأنه يدرس فى هذه الفترة أزمة ضم المساجد، لأنها تحتاج إلى ضبط، حيث عطلت الفوضى الأمنية عملية الضم. القوصى كان حريصا على إبراز أنه لا يختلف مع التيارات الإسلامية، وأنه مستعد لتقبل ملاحظاتهم على عمل الوزارة، وقال «المناخ العام الذى تعيش فيه مصر بعد الثورة لا يحتاج إلى سياسة رفض الآخر، والمناقشة والتفاهم هما السبيل الوحيد للإصلاح»، وأعلن وزير الأوقاف أنه يتبع المنهج الوسطى المعتدل وأن هذا المنهج يستطيع أن يتعامل مع أى تيار آخر، مهما كانت درجة تشدده. التربية والتعليم: الوزير الجديد ألقى خطابا حماسيا بدأه ب«أنا واحد منكم» «عاش الملك مات الملك». نفس الوجوه التى استقبلت وزير التربية والتعليم السابق أحمد جمال الدين موسى بالمزمار البلدى والزغاريد قبل عشرة أشهر هى ذاتها التى استقبلت وزير التعليم الجديد جمال العربى بالزغاريد والهتافات أيضا حتى مكتبه. لكن موظفى الديوان يرون أن لديهم ما يبرر هذا الاحتفاء المبالغ به هذه المرة، فالعربى هو أول وزير يأتى من ديوان الوزارة ومن بين موظفيها بعد أكثر من 30 عاما، حيث بدأ حياته معلما للرياضيات، قبل الانتقال والتدرج فى السلم الوظيفى، إلى أن تولى شؤون الإدارة المركزية لقطاع التعليم الثانوى العام الماضى.. العربى رد على الهتافات المرحبة به قائلا «أنا واحد منكم وسأعبر عنكم وسنعمل معا بروح الفريق الواحد وسيكون مكتبى مفتوحا للجميع». احتفاء الموظفين بالوزير لم يخف الصراع الدائر تحت السطح بين الوزير الجديد، قبل استوزاره، وبعض معاونى الوزير السابق الذين تحولوا إلى شوكة فى ظهر العربى، بعد أن مكنهم جمال الدين من الاستمرار فى مقاعدهم. الزراعة: محمد رضا الذى جاء من «الاحتياطى» ذهب إلى مكتبه فور حلف اليمين «البس بسرعة وتعالى علشان تحلف اليمين». هكذا تم استدعاء رئيس الاتحاد التعاونى الزراعى المركزى ووكيل وزارة الزراعة الأسبق محمد رضا إسماعيل، لتولى وزارة الزراعة، بعدما كان رئيس مركز البحوث الزراعية الأسبق سعد نصار مرشحا لها. فقبل أقل من ساعة على حلف اليمين، طلب الجنزورى من سعد نصار، الذى كان مرشحا لتولى وزارة الزراعة مقابلة المشير محمد حسين طنطاوى لمناقشة الاعتراضات التى يتعرض لها نصار من شباب الثورة وكثير من موظفى الوزارة، خصوصا ما يمس علاقته الوطيدة بوزير الزراعة الأسبق يوسف والى، المتهم بإدخال مبيدات مسرطنة إلى السوق الزراعية المصرية، وهنا شعر نصار بأنه سيتم استبعاده فاعتذر عن مقابلة المشير وانصرف. إسماعيل ذهب إلى الوزارة بعد حلف اليمين مباشرة وجلس فى مكتبه لمدة ساعتين، واستقبل عددا من قيادات الزراعة. قضية الأسمدة، أول ما جاء على لسان وزير الزراعة الجديد فى تصريحاته صباح أول من أمس، حيث وعد بوضع قضية توفير الأسمدة ضمن أهم أولوياته، مؤكدا أنه يمتلك رؤية لحلها. القوى العاملة: اتحاد العمال يرتب ل«طرح مشكلاته» على الوزير الجديد الأسبوع المقبل بجدية تتناسب مع موروث مشكلات الوزارة الموكلة إليه، استهل وزير القوى العاملة والهجرة الجديد الدكتور فتحى فكرى عمله بالاطلاع على ملفات قطاع القوى العاملة، عبر اجتماع مع وكلاء الوزارة وقياداتها، مركزا على الأمور التى لم يبت فيها بعد، وعلى رأسها قانون الحريات النقابية، حيث أكد أن التزامات مصر الدولية فى ما يخص الحريات النقابية لا يمكن المساس بها بأى حال من الأحوال، وأن لديه قناعة شخصية بحقوق العمال ومطالبهم الحيوية. فى هذا اللقاء تعهد فكرى بأن تكون حقوق العمال ورعاية مصالحهم الهدف الأساسى له خلال المرحلة المقبلة، مضيفا أنه سيعمل على إيجاد سبل لتعاون قوى الإنتاج الثلاث المتمثلة فى العمال وأصحاب الأعمال والحكومة. أمين عام اتحاد عمال مصر عبد الحميد عبد الجواد كشف عن لقاء يتم الترتيب لعقده الأسبوع القادم مع الوزير لبحث سبل التعاون بين الاتحاد والوزارة فى المرحلة المقبلة وآليات ذلك العمل، فضلا عن اقتراح رؤساء مجالس النقابات بإعادة هيكلة اللجنة المؤقتة بالاتحاد. النقل: الوزارة تستقبل السعيد ب«علامات تعجب» فى مشهد تراجيدى تكرر أكثر من مرة فى الفترة الأخيرة، استقبل وزير النقل الجديد الدكتور جلال مصطفى السعيد بمكتبه بمقر الوزارة الوزير السابق الدكتور على زين العابدين. الوزير الجديد، الذى كان عضوا بلجنة سياسات الحزب الوطنى المنحل ومحافظا للفيوم بقرار من مبارك وبدعم من ابنه جمال، أراد، بحسب تصريحاته عقب اللقاء، التعرف على أهم المشاريع القائمة بالوزارة حاليا، ومناقشة عديد من المشروعات المهمة والحيوية المطروحة فى قطاعات النقل المختلفة، السكك الحديدية والمترو والطرق والكبارى والموانى، بهدف تحقيق المخطط المستهدف والعمل على الانتهاء من تنفيذها فى المواعيد المحددة لها. وخلال الأيام القادمة سيعقد السعيد، اجتماعات مكثفة مع رؤساء قطاعات وشركات النقل لبحث استكمال المشروعات القائمة، والتعجيل ببعض المشروعات التى بدأت فيها الوزارة بالطبع وكذا مناقشة سبل تمويل المشروعات المتوقفة منذ فترة. عدد كبير من العاملين التابعين لوزارة النقل اندهشوا وتعجبوا وسخروا، فى ما بينهم، من اختيار السعيد، لأنهم كانوا يطالبون بتطهير الشركات للوزارة من فلول النظام السابق، فقبل الوزير السابق استقالة رئيس شركة كان عضوا بالحزب، لكن رئيس الحكومة الجديد جاء بمحافظ مُقال لعضويته بلجنة سياسات «الوطنى»، ليصبح وزيرا.