تحول البحث عن وزير داخلية جديد فى حكومة الدكتور كمال الجنزورى، كالبحث عن صندوق أسود لطائرة مفقودة، على أن كلمة السر لهذا الصندوق تبقى فى يد المجلس العسكرى، لا الجنزورى. فبعد حسم «العسكرى» منصب وزير الإعلام للجنرال أحمد أنيس رئيس إدارة الشؤون المعنوية السابق خلفا لأسامة هيكل، يبقى منصب وزير الداخلية سرا حربيا غامضا ينكشف اليوم عندما يكمل الجنزورى تشكيلته النهائية، بوزير داخلية من بين ثلاثة أسماء مرشحة. المنصب الذى أصبح عبئا ثقيلا بعد الثورة، يتنافس عليه كل من اللواء حسن حميدة محافظ المنوفية، ومدير قوات الأمن المركزى السابق. وهو أحد أقرب المرشحين لشغل المنصب. وقد بدأ عمله بالمحافظة بمفاجآت عدة، حيث أصبحت المنوفية فى عهده مركزا لتصدير الأعضاء البشرية بعدما ضبط فيها من يقوم بسرقة أعضاء الأطفال. ليس هذا فحسب، بل إن التقارير تفيد بأن حميدة قصر فى حماية مئات المواطنين، إثر أحداث حريق أكثر من 40 منزلا بقرية طليا بمركز أشمون، وتقاعس عن توفير مساكن لقاطنى العشوائيات. حميدة، الذى قد يكون وزيرا للداخلية، هو المسؤول الأول عن طرد المسنين من مقرهم فى «الهلال الأحمر» الذى يرأس مجلس إدارته المحافظ، مما دفعهم إلى اتخاذ إجراء مضاد حيث طالبوا بطرد الهلال الأحمر نفسه من المحافظة. محافظ المنوفية، الذى قد يكون مسؤولا عن أمن مصر كلها، عجز عن مواجهة أعمال البلطجة فى منطقة الحى الغربى. المرشح الثانى لمنصب وزير الداخلية، هو اللواء عبد الرحيم القناوى، الذى تحوم حوله أنباء، وروايات تربط بينه وعزت حنفى، خُط الصعيد السابق وإمبراطور المخدرات فى قرية النخيلة بصعيد مصر. الرجل شغل مناصب عدة خلال مشواره بالوزارة فقد كان حكمدارا لمحافظة أسيوط، ومديرا لمباحث الوزارة، ومديرا لأمن القليوبية، ومديرا للأمن العام، وآخر منصب له قبيل خروجه على المعاش كان مساعدا أول لوزير الداخلية لقطاع الأمن. القناوى كان شاهدا على واقعة محاولة اغتيال الرئيس السابق حسنى مبارك فى بورسعيد. المرشح الثالث لمنصب وزير الداخلية، هو اللواء محمد إبراهيم، بطل مذبحة اللاجئين السودانيين فى ديسمبر 2005. وكان مديرا للإدارة العامة للمباحث الجنائية بالجيزة، ثم مديرا لأمن الجيزة، وبعدهما تولى منصب مساعد الوزير لقطاع السجون، قبل أن يصدر حبيب العادلى وزير الداخلية الأسبق، قرارا بترقيته إلى مساعد الوزير لقطاع الأمن الاقتصادى. بأى حال، لا تبدو الأسماء الثلاثة المرشحة لتولى حقيبة «الداخلية» مشجعة، ومطمئنة للرأى العام والقوى السياسية، لا بسبب السيرة الذاتية الضعيفة لكل منهم، لكن لأن القوى السياسية أولا تطالب بوزير مدنى لوزارة الداخلية، وثانيا، لا تعتبر هذه القوى حكومة الجنزورى، حكومة إنقاذ وطنى من أصله.