جاؤوا بالجنزورى للخروج من المأزق السياسى.. جاؤوا به من أجل الإنقاذ.. ولم يستمعوا إلى نداء الثوار والميدان وهم أصحاب الحق الوحيد فى الثورة وليست القوى السياسية التى يجتمع معها المجلس العسكرى. .. طالب الثوار بحكومة إنقاذ وطنى بصلاحيات كاملة تستطيع أن تعبر بقية المرحلة الانتقالية التى اتسمت بالارتباك والعشوائية. .. رشح الثوار الدكتور محمد البرادعى، وشخصيات وطنية مخلصة معه لقيادة حكومة الإنقاذ. .. وهى شخصيات لم تلطخ يدها بفساد واستبداد النظام السابق المخلوع. .. شخصيات تعبر عن الثورة التى قامت ضد الاستبداد والفساد، ومن أجل بناء مجتمع ديمقراطى. .. كانت حكومة الإنقاذ الوطنى هى الحل لخروج المجلس العسكرى من مأزقه بعد أن فقد الثوار والشعب الثقة التى منحوها له فى إدارة شؤون البلاد بعد خلع الرئيس السابق، وأصبح المطلب الرئيسى هو رحيل المجلس العسكرى بعد أن فشل فى إدارة شؤون البلاد عبر عشرة أشهر من تسلمه السلطة. لم يستطع المجلس العسكرى إعادة الأمن إلى البلاد بعد الانفلات الأمنى الذى تم برعاية وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى، ومَن معه من عصابة الرئيس المخلوع لإجهاض الثورة فى مهدها. واستمرت الحال إلى الآن، على الرغم من أنه كان فى يده إعادة الأمن والأمان إلى المواطنين، وقد نجح فى ذلك فعلا خلال يومى الانتخابات، حيث استطاع منع البلطجية من الخروج من جحورهم والاشتباك فى الانتخابات كما كانوا يفعلون فى السابق. .. يهدد الناس دائما بأن الاقتصاد المصرى فى خطر، وهو المسؤول الأول والأخير عن ذلك بسياساته التخبطية والمرتبكة وغير الواضحة! .. إصداره عددا من القوانين والمراسيم سيئة السمعة. .. التفافه على مطالب وأهداف الثورة والاستماع إلى مطالب قوى سياسية لم تكن أبدا مع الثورة وكانت تنافق النظام السابق من أجل أن يقولوا إنهم يحاورون القوى السياسية، وإن القرار تم بعد التشاور مع تلك القوى السياسية. لم يستمعوا إلى الثوار فى حكومة الإنقاذ، وأتوا بالدكتور كمال الجنزورى من البيت بعد أن قضى 12 عاما بعيدا عن الحياة السياسية.. ولم يصلهم بعد أنّ ما قبل 25 يناير يختلف عما بعد 25 يناير. .. ومع هذا اعترض الثوار على الجنزورى، لكنهم، استمرارا فى سياسة العناد، أصروا على اختيارهم وادعوا أنهم سيمنحونه كل الصلاحيات ليخرج الدكتور الجنزورى ويقول: إن لديه صلاحيات لم يحصل عليها رئيس وزراء منذ 60 عاما. وليفاجأ الجميع بأن الدكتور الجنزورى فى حيص بيص، فقد رفض الجميع ممن قد يعبّرون عن الثورة، المشارَكَة فى حكومته. .. كما أن الرجل فاجأ الجميع بأنه يحتفظ ب13 وزيرا من حكومة الدكتور عصام شرف المستقيلة، وهو الذى قال منذ تكليفه إنه لا يعرف غالبية الوزراء فى الحكومة السابقة.. وإنه يتعهد بالتغيير. .. وكان على رأس هؤلاء وزير الإعلام أسامة هيكل، الذى كان أحد الأسباب الرئيسية فى المطالبة بإقالة حكومة شرف، نظرا لأدائه السيئ خلال الأشهر القليلة التى تولى فيها الوزارة فى حكومة شرف. وكانت قمة ذلك فى معالجة أحداث ماسبيرو، التى كان فيها محرضا على المتظاهرين، وقبل كل شىء كان ضد الثورة، وضد خروج المظاهرات فى 25 يناير. بالطبع المجلس العسكرى هو الذى أتى به وفرضه على الدكتور الجنزورى، بعدما رفض كثير ممن اتصل بهم رئيس الوزراء المكلف، تولى الوزارة، لأنها لم تعد تصلح مع ثورة تريد التغيير، فنحن فى حاجة إلى إصلاح إعلامى، لا إلى وزير يعيد إنتاج صفوت الشريف وأنس الفقى فى التضليل والتزييف. .. وهناك وزراء آخرون تم فرضهم على الجنزورى فى حكومته، التى تتعثر كثيرا. فأين تلك الصلاحيات التى منحها المجلس العسكرى له ولحكومته من أجل الإنقاذ؟! إن الدكتور الجنزورى هو الذى فى حاجة إلى إنقاذ.