سيرحل المجلس الأعلى للقوات المسلحة عن سدة الحكم، إن عاجلا أو آجلا، ولكن الخير كل الخير، له وللوطن كله أن يرحل سريعا. فكل يوم يمر يزيد الأمور تعقيدا، ويزيد الثوار إصرارا على ضرورة رحيل العسكر. فثورتنا العظيمة لا تكتمل إلا بتسليم السلطة إلى نظام ثورى جديد يطهر البلاد من فلول النظام الساقط. ومن المؤكد أن المجلس العسكرى لن يسلم السلطة بسهولة، فهم جميعا متشبثون بغنائم الحكم ونعيمه، ومن ثم فالمعركة طويلة، كما أنهم يستخدمون فيها كل الوسائل الممكنة، بما فى ذلك استخدام الجنزورى، ومحاولة فرضه على الناس فرضا، وهذا أسلوب قديم لن يجدى بعد الثورة. ويواصل المجلس العسكرى إصدار رسائله التى تكذبها أفعاله! وآخرها رسالة رقم (88)، يؤكد فيها خمس نقاط، الأولى: «دعم حكومة الدكتور كمال الجنزورى بجميع الصلاحيات التى تمكنها من أداء دورها الوطنى ومهامها فى خدمة الشعب خلال هذه الفترة، ولحين انتهاء مهمتها مع إعطاء أولوية قصوى لاستعادة الأمن. وهذا الكلام يتناقض مع تصريحاتهم بأن صلاحيات الجنزورى، هى نفسها صلاحيات شرف! ويقولون إنه أخذ صلاحيات رئيس الوزراء كاملة طبقا للإعلان الدستورى. والحقيقة أن هذا الإعلان الدستورى مأخوذ بالنص من دستور 71، الذى لا يعطى أى صلاحيات لرئيس الوزراء، فكل السلطات والصلاحيات فى يد رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء مجرد سكرتير! أما الحديث عن إعطاء الأولوية للأمن، فكلام يثير السخرية، إذ إن المسؤول الأول عن انعدام الأمن هو المجلس العسكرى، وإذا أراد حقا عودة الأمن لتحقق فورا، كما حدث فى الانتخابات الأخيرة. والنقطة الثانية: «سرعة محاسبة العناصر المسؤولة عن أحداث ماسبيرو والتحرير خلال الفترة الأخيرة وتقديمهم إلى المحاكمة». فأين هذه السرعة فى محاسبة المسؤولين عن كل الجرائم المتتابعة من يوم 11 فبراير وحتى اليوم؟ والثالثة: «سرعة تعويض أسر الشهداء والمصابين فى أحداث ماسبيرو والتحرير من خلال صندوق رعاية أسر شهداء ومصابى الثورة فورا مع اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لسرعة استكمال علاج المصابين». ما أسهل الكلام عند العسكر! إذ يتحدثون عن رعاية أسر الشهداء والمصابين، وهم يُضربون من العسكر والبلطجية فى كل مكان، أمام مسرح البالون، وعند أكاديمية الشرطة، وفى أثناء اعتصامهم فى التحرير! والرابعة: «استمرار الالتزام بعدم محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، إلا فى إطار الجرائم المنصوص عليها فى قانون القضاء العسكرى». يقولون هذا الكلام بعد محاكمة أكثر من اثنى عشر ألف مدنى أمام المحاكم العسكرية! والخامسة: «أهمية مشاركة شباب الثورة وجموع الشعب المصرى والتعاون من أجل تحقيق الاستقرار وإنهاء الفترة الانتقالية بصورة تعكس روح ثورة 25 يناير التى أبهرت العالم». تتحدثون الآن عن التعاون من أجل الاستقرار بعد تنظيمكم للمظاهرات الهزيلة فى ميدان العباسية، لخلق انقسام وهمى بين جموع شعبنا الطيب؟ أما الوسيلة الوحيدة لإنهاء الفترة الانتقالية بصورة تعكس روح ثورتنا المجيدة، فهى تسليم سلطات رئيس الجمهورية فورا.