هل مَن ذهب إلى لقاء الفريق سامى عنان من القوى السياسية قد أعماهم الله عما يحدث فى ميدان التحرير وأمام مديريات الأمن فى المحافظات المختلفة خصوصا أنهم ذهبوا وفى ميدان التحرير أكثر من مليون من الثوار الأصليين.. وكان مطلبهم هو رحيل المجلس العسكرى؟ أليس هذا المطلب هو الذى سبق أن تفوه به الدكتور سليم العوا المرشح المحتمل للرئاسة وقال إن المجلس العسكرى قد انتهت فترته فى 20 سبتمبر الماضى بعد مرور 6 أشهر على الاستفتاء الذى أُجرىَ فى 19 مارس الماضى.. وهو ما ردده كثير من القانونيين وعلى رأسهم المستشار طارق البشرى وهو ما أيده أيضا المهندس أبو العلا ماضى رئيس حزب الوسط الذى شارك فى اجتماع سامى عنان؟ فهل أصبح المجلس العسكرى «شرعيا» الآن بعد استجابتهم -وغيرهم- لدعوته للاجتماع معهم رغم أنها دعوة عشوائية.. ولا يعرف أحد على أى أساس تمت.. فالشخصيات التى حضرت الاجتماع هى: عمرو موسى وسليم العوا والسيد البدوى صاحب دكانة حزب الوفد بالإضافة إلى شركة أدوية وقنوات فضائية فلولية، ومحمد مرسى رئيس حزب العدالة والحرية (الإخوان) وأبو العلا ماضى رئيس حزب الوسط، وعماد عبد الغفور رئيس حزب النور السلفى والسعيد كامل رئيس حزب الجبهة وسامح عاشور. ولا أحد يعرف هل ذهب على أساس رئاسة الحزب الناصرى المتنازَع عليه أم لانتخابه نقيبا للمحامين، والدكتور نور فرحات والدكتور محمد أبو الغار عن الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، والدكتور عبد الجليل مصطفى رئيس الجمعية الوطنية للتغيير، والدكتور أحمد كمال أبو المجد. وهم كما ترى منهم شخصيات محترمة وأخرى طامحة وناطحة.. وكلهم -إلا قليلا- لا علاقة له بالمليونية التى ينادى لها ثوار مصر الأصليون فى ميدان التحرير لرحيل المجلس العسكرى، الذى أصبح وجوده غير شرعى، ناهيك بفشله التام فى إدارة شؤون البلاد خلال المرحلة الانتقالية التى تعدت عشرة أشهر.. ولم يخلق سوى انقسامات فى البلد بين المواطنين الذين توحدوا فى ثورة 25 يناير ضد الظلم والطغيان ومن أجل الحرية والعدالة والكرامة وبناء مجتمع ديمقراطى مدنى يليق بمصر وتاريخها وجغرافيتها وبشرها. فى نفس الوقت الذى لم يحاسَب فيه أحد ممن أفسد الحياة السياسية (ودعكم من القانون الذى أصدروه أخيرا تحت ضغط الشارع.. فهو خديعة ولا يمكن تطبيقه).. بل أصبحت محاكم رموز النظام السابق وعلى رأسها حسنى مبارك والعادلى وعصابته مسرحية هزلية كأن شيئا مرتب لإفسادها، ولن ينسى الناس شهادة المشير فى حق مبارك. ولم يستعد المجلس العسكرى أيا من الأموال التى نهبتها عصابة النظام السابق.. والمعلومات متوافرة لديه بالأرقام وبالأشخاص الذين هرّبوا الأموال أو أيا من أراضى الدولة التى استولى عليها عناصر النظام السابق، وقد يكون للجنرالات صلة بذلك، وهم الذين لديهم خريطة البلد.. ويعرفون كيف تم سرقة هذه الأراضى.. وتم تسقيعها وتقسيمها لبيعها بملايين. فهل أعطاهم عنان حاجة أصفرا ليصبحوا أصفارا أمام الثوار الذين كانت تسيل دماؤهم فى التحرير وفى المحافظات على أيدى قوات أمنية مشتركة من شرطة وزارة الداخلية المكسورة عينها منذ 28 يناير والشرطة العسكرية بقيادة اللواء حمدى بدين وفى وجود اللواء حسن الروينى صديق المشايخ؟ .. هل لم يصل إلى هؤلاء السياسيين الذين التقوا عنان وخرجوا من عنده فرحين مهللين خبر بالغازات والحرب الكيماوية التى بدأتها قوات عنان ضد الثوار السلميين فى ميدان التحرير؟ أيها السياسيون.. منكم لله.. والتاريخ لن يرحمكم.. ولن تنفعكم مصالحكم الشخصية ومصالحكم مع الجنرالات بل ومليارات الجنيهات. .. وحدّث ولا حرج عن الموقف السياسى.. والانتقال إلى الديمقراطية، فنظرة إلى تونس تتضح الصورة أن هناك جنرالات محترمين أعلنوا من اللحظة الأولى حماية الوطن والمواطنين وأنهم لا علاقة لهم بالسياسة وتركوا السياسيين يضعون القواعد الصحيحة لبناء المجتمع الديمقراطى.. فى حين أن جنرالاتنا أعجبتهم السلطة وبدؤوا فى التلاعب. وهنا الفرق بين جنرالات متعلمين وأُخَر موظفين وصلوا إلى درجة المعاش (!!). وللصدفة تبدأ تونس الحياة الديمقراطية السلمية فى حين يتمسك جنرالاتنا بالسلطة رغم مطالب الملايين برحيلهم «وقال إيه».. يرحلون باستفتاء شعبى.. هُمّ كانوا تولوا باستفتاء! إنه استمرار الفشل.. والمضى على خطى مبارك وعناده. لكن الغريب موقف السادة القوى السياسية التى حضرت اجتماع أول من أمس مع عنان ليملى عليهم قرارات.. كان المشير طنطاوى قد سجلها فى كلمته متلفزة وهو يعيد ما كان قد فعله معهم من قبل سامى عنان نفسه بالحصول على توقيعهم على تأييد المجلس العسكرى وسياساته.