رفعت دار الأوبرا علم تركيا خفاقا مرفرفا فى أوبريت يا أمة العرب معتقدين أنه العلم التونسى.. تم التنبيه على المسؤولين فى أثناء البروفة اليتيمة التى سبقت العرض بأن هذا خطأ فادح وفاضح، ولكن استمر العلم التركى مرفوعا على المسرح، رغم أن المعروف أن تركيا تسعى للانضمام إلى دول الاتحاد الأوروبى، ولم يعرف عنها أبدا أى رغبة فى الالتحاق بجامعة الدول العربية، إلا إذا كان لدى القائمين على مهرجان الموسيقى العربية فى دورته العشرين معلومات أخرى! أتمنى أن لا نقول الحمد لله أقمنا مهرجانا، بينما الآخرون أغلقوا النوافذ.. ما حدث فى افتتاح مهرجان الموسيقى العربية كان الأفضل منه هو بقاء النوافذ مغلقة! كل شىء كان يبدو عشوائيا منذ أن شاهدت السيدة رتيبة الحفنى أمين عام المهرجان، وهى تقف على خشبة المسرح الكبير لتقدم فقرات الحفل، رغم أن هذا من صميم عمل المذيعة عواطف أبو السعود، التى تمت دعوتها لأداء هذه المهمة تحديدا، لكن يبدو أن أمينة المهرجان أرادت أن تقف على المسرح أكبر فترة زمنية ممكنة، حتى إنها فى نهاية أداء وقفتها، أقصد فقرتها، تولت مسؤولية تقديم نفسها للجمهور، وقالت أقدم الزميلة عواطف ولكنى لن أغادر. هكذا توعدت بالبقاء على خشبة المسرح. وأضافت سوف أشارك د.عبد المنعم كامل رئيس المهرجان، فى توزيع شهادات التكريم.. وكانت نهاية فقرة التكريم مهزلة بكل المقاييس، عندما كرم د.كامل رئيس المهرجان د.كامل رئيس المهرجان، وسلم نفسه بنفسه الجائزة، وبرغم أن عطاء د.عبد المنعم كامل يستحق ولا شك التكريم، فإن لا أحد فى الدنيا يكرم نفسه بنفسه ولصالح نفسه! ثم جاء دور السبوبة الكبرى وهى أوبريت «يا أمة العرب» الذى من المفروض أن من كتبه عبد الرحمن الأبنودى ولحنه جمال سلامة، وتكتشف أن المقدمة فقط من شعر الأبنودى، وهى ليست أفضل ما كتب.. أما جمال سلامة فإنه لا يزال هو جمال سلامة الثمانينيات لم يتقدم خياله خطوة أبعد عن تلك المرحلة، نفس الجمل الموسيقية التى قدمها قبل 30 عاما لا تزال تسكن إحساسه.. وتبع هذه المقدمة الغنائية التى لم ترقَ إلى مستوى الحدث فنيا أو سياسيا، اختيارات عشوائية من أغان وطنية، كل من يحفظ أغنية يسارع بها، وبالفعل تشى الكواليس بذلك، حيث إنه لم تجر قبل العرض سوى بروفة يتيمة وكان الله بالسر عليم! عدد الميكروفونات التى أمسك بها المطربون فى نهاية العرض كانت تقل ثلاثة عن المطلوب، وهكذا شاهدنا سومة وريهام عبد الحكيم ونادية مصطفى بلا ميكروفون، بينما المطربون الرجال كل منهم كان ممسكا بميكروفون وكأنه ظلم آخر يوجه للمرأة. كان الإحساس العام هو سيطرة الحالة المصرية رغم أن المهرجان يتوجه إلى العالم العربى.. أغلب ما قدم من أغنيات وأشعار، حتى تلك التى ألقاها شاعرنا جمال بخيت، كان بها النبض المصرى أعلى من التوجه العربى، وأنهى بخيت الليلة بقصيدته التى تلقى رواجا جماهيريا ضخما «دين أبوهم»، وكان يبدو كأنها سهرة خاصة مع أشعار جمال بخيت على دار الأوبرا! من الذى اختار نشيد «صوت الجماهير» للمجموعة، تأليف حسين السيد وموسيقى محمد عبد الوهاب، التى ترى فيها الملمح المصرى أعلى؟ ثم من الذى اقترح على ريهام أن تغير برقم 23 رقم 25؟ كان الشاعر حسين السيد يقصد بالطبع 23 يوليو، لكن أحد العباقرة وما أكثرهم فى مثل هذه المهرجانات جاب التايهة وقرر أن يضيف 2 للرقم ليصبح المجموع 25، كأن النشيد يتحدث عن 25 يناير. ولم تتوقف سلسلة الأخطاء العشوائية عند ذلك، حيث إن النشرة الصحفية أشارت إلى أن نشيد «الحرية» من شعر أحمد شوقى وهو إحدى روائع كامل الشناوى.. ونأتى للعشوائية فى تكريم أجيال الشعراء.. يستحق أيمن بهجت قمر الاحتفاء وأنا لا أوافق على انتظار وصول المبدع لخط النهاية حتى نكرمه، ولكن تم القفز على جيل أسبق من أعلام الأغنية المصرية الحديثة، من رموزه بهاء الدين محمد وعوض بدوى ورضا أمين وعماد حسن وغيرهم.. إنها بالتأكيد العشوائية التى كانت ترفرف على دار الأوبرا فى الاحتفالية العربية وليس فقط العلم التركى!