«بعد عام تقريبا من الاحتجاجات وأعمال القمع والعنف والثورات المسلحة والحروب الأهلية، خلّفت العالم العربى ما بين ليبراليين وإسلاميين وحكام عسكريين وائتلافات مفككة من الإصلاحيين، لا توجد حكومات غير قابلة للتغيير والحكم الديمقراطى، وستتواصل الولاياتالمتحدة مع المشهد السياسى الجديد فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بعقل متفتح، وستتعاون مع الأحزاب الإسلامية الحديثة فى العالم الإسلامى». هذه هى الرؤية السياسية التى تتبناها الولاياتالمتحدة تجاه الربيع العربى، التى عبرت عنها وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون فى خطاب ألقته، أول من أمس، بالمعهد الوطنى الديمقراطى فى واشنطن، فى حضور وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، مادلين أولبرايت. كلينتون أشارت إلى التوقعات بفوز الأحزاب ذات الأصول الدينية بالسلطة فى مصر وتونس، غير أنها لم تذكر شيئا عن تغيير السياسات الأمريكية تجاه حزب الله وحماس، اللذين خاضا الانتخابات اللبنانية والفلسطينية بصورة جيدة، ولكنهما ما زالا منظمتين أجنبيتين إرهابيتين فى نظر الولاياتالمتحدة. واقتبست عنها صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية «لسنوات، أقنع الديكتاتوريون شعوبهم بأنهم عليهم قبول المستبدين الذين يعرفونهم لتجنب المتطرفين الذين يخشونهم». وتابعت نقلا عن خطاب كلينتون، إنه على المسؤولين عن حزب النهضة الإسلامى إقناع الأحزاب العلمانية بالعمل معهم، وعبرت أن الولاياتالمتحدة مستعدة للتعامل مع أى أفراد أو أحزاب ما داموا يرغبون فى دعم القيم الأساسية، وبالنسبة إليها الأحزاب سواسية سواء علمانية أو دينية، على أن ينبذوا العنف ويعملوا وفقا للقانون ويحترموا حرية الرأى والتعبير واختلاف العقائد وحقوق المرأة والأقليات. كلينتون قالت إن فى مصر الأمر مختلف عنه فى تونس، فمصر كانت تمثل حصنا للتأثير الأمريكى فى الشرق الأوسط عندما كانت تحت حكم حسنى مبارك الذى استمر ثلاثة عقود. ولذلك يتابع مسؤولو الولاياتالمتحدة الأحداث المصرية عن كثب، بما فى ذلك تدهور العلاقات المصرية الإسرائيلية، والعنف ضد الأقلية المسيحية والإحباط المتزايد بسبب القيادة العسكرية التى تخطط للاحتفاظ بقبضتها على مستقبل البلاد، إن لم يكن على حكمها. «واشنطن بوست» قارنت بين موقف كلينتون بعد الإطاحة بمبارك، حينما وصفت المجلس العسكرى ب«مؤسسة الاستقرار والاستمرارية»، وظهور موقف أكثر حدة فى خطابها الأخير، حيث طالبت بضرورة نقل السلطة فى مصر، مضيفة أن المراحل الانتقالية قد تكون أحيانا فوضوية وغير مستقرة أو عنيفة. وأخيرا، نقلت عن كلينتون إن الثورات العربية ملك لأصحابها، وليست ملكا للأمريكيين ولا هم من قاموا بها ولا هى قامت من أجلهم أو ضدهم، فالولاياتالمتحدة لديها دور فقط فى مساعدة المواطنين فى تونس ومصر وليبيا على حماية الديمقراطية. وعن بشار الأسد، قالت «قد يكون الأسد قادرا على تأجيل التغيير، ولكن لا يمكنه إنكار مطالب الشعب الشرعية»، وإنه على القادة الذين يحاولون تأخير المستقبل بأسلحتهم، أن يدركوا أن أيامهم معدودة.