ضبط 45 طن لحوم فاسدة ومذبوحة خارج المجازر بالجيزة    ألمانيا تستدعي السفير الروسي بعد اتهام موسكو بزيادة هجماتها الهجينة    كولومبيا مستعدة لمنح الرئيس الفنزويلي «مادورو» اللجوء إن تنحّى عن السلطة    فيضانات في الولايات المتحدة وكندا وإجلاء آلاف السكان    الشرطة الأمريكية تستعين بAI لاصطياد المجرمين.. ورسام جنائى يسخر.. تفاصيل    مدرب برايتون: أتمنى مشاركة محمد صلاح غداً.. وأزمته مع ليفربول لا تهمنا    الكرملين: دونباس بأكملها أرض روسية    الزمالك يصرف مستحقات اللاعبين الأجانب    ماريسكا يحصد جائزة أفضل مدرب في نوفمبر بالدوري الإنجليزي    الداخلية تكشف تفاصيل مداهمة 27 شركة للنصب على راغبي الحج والعمرة    ياسمين عبد العزيز: فقدت 5 من أقرب الأشخاص لقلبي في 2025    الثقافة تعلن موعد انطلاق فعاليات المؤتمر العام لأدباء مصر في دورته ال37 بمدينة العريش    226 طن مواد غذائية، قافلة صندوق تحيا مصر تصل بشاير الخير بالإسكندرية    وزارة الصحة ترد على شائعة استخدام المضاد الحيوى لعلاج نزلات البرد    كأس إنتركونتيننتال.. يورتشيتش يعاين ملعب "أحمد بن علي المونديالي" قبل مواجهة فلامنجو    مدرب برايتون عن إمكانية مشاركة صلاح: ليس لدي فكرة.. والأمر يتعلق بنا    حملات ميدانية فى قطاعات الصحة والتعليم والنظافة ببنى سويف.. اعرف التفاصيل    ضبط طرفي مشاجرة بالإسكندرية بسبب خلاف مالي    مصرع شخص صدمته سيارة أثناء عبور الطريق الصحراوي بالنوبارية    الغارات الإسرائيلية على لبنان لم تُسجل خسائر بشرية    بريطانيا تفرض عقوبات على 4 من قادة الدعم السريع بسبب انتهاكات الفاشر    نجوم العالم في ختام مهرجان البحر الأحمر السينمائي 2025    مصر تعزز التحول الأخضر بإطلاق الاستراتيجية الوطنية للعمران والبناء المستدام    رئيس شعبة الكيماويات: صناعة البلاستيك تواجه تحديات عالمية    «جينا الفقي»: معرض مخرجات البحوث منصة حيوية لربط العلم بالصناعة    ضبط أكثر من 900 كيلو جرام مخدرات وتنفيذ 82 ألف حكم قضائي بحملة أمنية واسعة    عزاء الناشر محمد هاشم فى مسجد عمر مكرم بالتحرير.. الإثنين    10 أعمال تشارك في مسابقة الأفلام العربية بالدورة السابعة من مهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير    فصل سورة الكهف....لا تتركها يوم الجمعه وستنعم ب 3بركات    لأسباب صحية.. الخطيب يعتذر عن المشاركة في المؤتمر العربي لجامعة هارفارد الأمريكية    بحضور نائب المحافظ.. افتتاح مسجد "السلام" بمدينة سوهاج الجديدة    مصر وقبرص تمضيان قدمًا في تعزيز التعاون الإستراتيجي بين البلدين في قطاع الطاقة    "قصة حقيقية عشتها بالكامل".. رامي عياش يكشف كواليس أغنية "وبترحل"    وزير المالية: مهتمون بتنمية الصناعة وفتح أسواق تصديرية للمنتجات المصرية    أحمد كريمة: «اللي عنده برد يصلي الجمعة في البيت»    خبير ضخ الفيدرالي الأميركي 40 مليار دولار شهريًا خطوة استباقية لضمان السيولة وتجنب اضطرابات السوق    حمزة عبد الكريم: وجودي في الأهلي شرف عظيم.. وطموحاتي كبيرة في الفترة القادمة    ما حجم التطوير في مستشفى قصر العيني وأهم التحديات؟..رئيس جامعة القاهرة يجيب    وزارة التضامن تشارك بورشة عمل حول تعزيز إدماج ذوي الإعاقة في مصر    28 لاعبًا في قائمة نيجيريا استعدادًا لأمم إفريقيا 2025    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : أنت صوفى ?!    الحصر العددي لأصوات الناخبين في دائرة المنتزه بالإسكندرية    «المجلس الأعلى لمراجعة البحوث الطبية» ينظم ندوة لدعم أولويات الصحة العامة في مصر    الأعلى للجامعات يجري مقابلات للمتقدمين لرئاسة جامعة بني سويف    رئيس جامعة العاصمة: تغيير الاسم لا يمس الهوية و«حلوان» تاريخ باق    وزيرة التنمية المحلية تناقش مع محافظ القاهرة مقترح تطوير المرحلة الثانية من سوق العتبة    انطلاق القافلة الدعوية بين الأزهر والأوقاف ودار الإفتاء إلى مساجد شمال سيناء    طريقة عمل الأرز بالخلطة والكبد والقوانص، يُقدم في العزومات    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 12 ديسمبر 2025 والقنوات الناقلة    كيف أصلي الجمعة إذا فاتتني الجماعة؟.. دار الإفتاء تجيب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 12-12-2025 في محافظة قنا    ياسمين عبد العزيز: ندمت إني كنت جدعة أوي واتعاملت بقلبي.. ومش كل الناس تستاهل    مصرع تاجر ماشية وإصابة نجله على أيدى 4 أشخاص بسبب خلافات في البحيرة    فيديو.. لحظة إعلان اللجنة العامة المشرفة على الانتخابات البرلمانية الجيزة    أكثر المرشحين تقدما حسب نتيجة الحصر ببعض اللجان بدائرة أسيوط (صور)    رد مفاجئ من منى زكي على انتقادات دورها في فيلم الست    أعرف حالة الطقس اليوم الجمعة 12-12-2025 في بني سويف    رئيس الطائفة الإنجيلية: التحول الرقمي فرصة لتجديد رسالة النشر المسيحي وتعزيز تأثيره في وعي الإنسان المعاصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عودوا إلى ثكناتكم
نشر في التحرير يوم 01 - 11 - 2011

المؤسسة العسكرية المصرية قدمت تضحيات كبيرة، مجندين من أبناء الشعب ضحوا بمستقبلهم المدنى وضباطا أدوا واجبهم وقدموا أرواحهم من أجل بلدهم. لكن حظ مؤسستنا العسكرية من الإنجازات الميدانية قليل. هزمنا فى حرب 48 بسبب الإدارة السياسية، وهزمنا عسكريا فى حرب 56 (وإن كسبنا سياسيا لعوامل دولية ليس مجالها الآن)، خسرنا فى حرب اليمن على كل المستويات، هزمنا فى حرب 67 هزيمة منكرة لا مثيل لها فى التاريخ الحديث. ثم، فى حرب 73، حققنا فى بداية الحرب إنجازا لا بأس به.
هذه هى الحصيلة الحقيقية، راجع كتب التاريخ، اقرأ ما كتبه الآخرون، بلا تنميق ولا تزويق. ما سوى ذلك كلام أغانٍ وأحاديث مقاهٍ على عشرة طاولة. ما سوى ذلك أسطورة، فى الواقع إحدى «الأساطير المؤسسة للدولة المصرية الحديثة». يروج لها التليفزيون المصرى الذى لا يفوقه فى الكذب إلا التليفزيون الكورى الشمالى، ويروج لها صحفيو وكتاب جيل الفشل. وأبرزهم الكاتب الذى ادعى أنه يكتب فى كبريات الصحف البريطانية ويدفع له بالكلمة. وقد عشت فى بريطانيا 12 سنة لم أقرأ له كلمة واحدة فى أى من صحفها، وسألت عنه من أعرفه من الصحفيين، فلم يعرفه منهم إلا المهتمون مباشرة بالتاريخ المصرى الحديث، يعرفونه ككاتب السلطة فى عهد ناصر لا كصحفى كفء (وربما استكتبوه فى السابق من هذا الباب، كما يستكتبون غيره الآن). فمعيار الكفاءة فى بلاد الصحافة المحترمة ليس أن تروج لرواية السلطة، بل أن تتحداها وتكشف للناس الحقيقة، كما فعل ويفعل بوب وودوارد وغيره من الصحفيين الرائعين فى بلاد الصحافة الحرة. أما الصحفيون الذين يلمزون السلطة فى المزايا، فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا سخطوا، فلهم صفة أخرى مستحقة لا علاقة لها بالكبير ولا المتميز ولا كل هذه الأوصاف التى ينالها المفبركون فى حياتنا التى يحكم الزيف مجالها العام. هؤلاء، للأسف، هم المروجون الرئيسيون لأسطورة انفراد المؤسسة العسكرية بالقدرة على إدارة شؤون البلاد.
هذه الأسطورة المؤسسة للدولة المصرية الراهنة، تحاط كما كل الأساطير المقدسة بسياج من التحريم والتخويف والترهيب لمن يقترب منها أو يحاول تحديها. فكونها أسطورة يعنى أولا أنها مخالفة للمنطق وللحقيقة التاريخية، لكنه يعنى ثانيا، وهذا هو المهم، أن لها وظيفة اجتماعية وسياسية قوية مرتبطة بسلطة آنية. هذا هو بيت القصيد. مصر محكومة منذ 1952 بعسكريين يرتدون بذلات مدنية، لم ينتخبوا، لم يسمحوا بقيام أحزاب لديها رؤية أخرى، فجروا الحياة السياسية، احتكروا الإعلام وكمموا المخالفين، تردت تحت سلطتهم أحوال البلاد الاقتصادية والاجتماعية إلى حد سكنى المقابر والانكفاء تحت خط الفقر، تردى التعليم، تردت الأخلاق وانتشرت الرشوة وعم الفساد. لكنهم لا يزالون يدعون أنهم الأقدر على الحكم والأحق به. كيف؟ لم يبق إلا الميدان العسكرى ندعى أننا سادته (على عكس الحقائق التاريخية) لكى نستخدمه مبررا لتسليم السلطة المدنية إلى عسكريين مرة بعد مرة. ولا بأس من استخدام الدين أيضا، بأحاديث ضعيفة لم تثبت مثل «مصر كنانة الله فى أرضه...» و«... فإنهم خير أجناد الأرض»، لم تثبت شرعيا، ولم تثبت تاريخيا أيضا. هذا بلد احتله تقريبا كل غزاته منذ أربعة آلاف سنة إلى اليوم، وحكمه أجانب طوال هذه الفترة حتى 1952.
آه، ليس هذا تيئيسا ولا نشرا للإحباط. إنما دعوة لبدء خطوات تشخيص حقيقى بدلا من العيش فى الوهم. ليس الفرد المصرى أقل من غيره جنديا ولا عالما ولا مهنيا (وليس أفضل من غيره أيضا)، ولا المؤسسة العسكرية أقل من غيرها. إنما يصلحها ما يصلح غيرها ويفسدها ما يفسد غيرها. وما يصلح غيرها هو المهنية والابتعاد عن إدارة الشأن المدنى، وما يفسدها هو أسطورة تفوق المؤسسة العسكرية المصرية التى تستخدم ذريعة لتغلغلها فى الشأن المدنى، فقد أثرت سلبا على المؤسسة وعلى الحياة المدنية كليهما. الجمع بين قوة السلاح ونفوذ السلطة القضائية العسكرية، والنفوذ الاقتصادى، وفوق ذلك كله السلطة التنفيذية لا يصح. لا يصح فى أى دولة حديثة أن تجمع مؤسسة واحدة بين كل هذا.
أقول قولى هذا ورزقى ورزقك على الله!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.