برحيل الباحث حسام تمام عن الحياة أمس، يفقد الإسلام السياسى واحدا من أكثر الباحثين الجادين المستنيرين عن الحقيقة أولا، ثم عن أسباب التحولات الراديكالية فى تاريخ الحركات الإسلامية. الباحثون عن الحقيقة يعرفون تمام جيدا، لأنه يبحث عنها مثلهم، ويصل إليها بعيدا عن أى تعصب، أو انحياز لأى طرف، لكن ليس الباحثون فقط من سيفتقدون تمام، فسيفتقده أيضا أصدقاؤه ومحبوه وزملاؤه الذين عملوا بجواره فى الصحافة أو المؤسسات البحثية الجادة. تمام رحل أمس عن عمر يناهز 39 عاما بعد صراع طويل مع المرض، تضاعفت حدته منذ 4 أيام، حيث دخل فى غيبوبة بمستشفى الشيخ زايد إثر إصابته بالسرطان. ومن المقرر أن تشيع الجنازة اليوم، من مسقط رأسه فى الإسكندرية، عقب صلاة الظهر من مسجد الفرج بشارع النوبى المهندس بالمندرة. والعزاء مساء بشارع المهداوى على محطة قطار المندرة وسط جمع من أهله وأصدقائه ومحبيه. تمام، لم يكن تصادميا، كان يبحث عن نقاط الالتقاء فى الأفكار. كان أحد أبرز باحثى جيل الشباب، عُرف بمصداقيته، وتحليلاته السياسية، المبنية على معلومات دقيقة وعلاقات قوية بمصادر الأخبار والدوائر المؤثرة، وأصحاب القرار، داخل الجماعات الإسلامية، ليحقق مبدأ عدم الانحياز لتيار سياسى أو دينى معين، وكان دائما صاحب رؤية إصلاحية للتيارات الإسلامية. وعمل صحفيا بعديد من الصحف العربية ومنها «الشرق الأوسط». صحفيون، على اختلاف انتماءاتهم السياسية ونشطاء، عرفوا تمام بشكل شخصى، وآخرون كانوا متابعين دراساته وكتاباته، صدمهم خبر رحيله. فهو صاحب عديد من المؤلفات والدراسات، كان آخرها «الإخوان المسلمون يتجهون للسلفية فى مصر»، وكتابا «عبد المنعم أبو الفتوح.. شاهد على تاريخ الحركة الإسلامية فى مصر 1970 – 1984» و«تحولات الإخوان المسلمين»، كما أعد كتبا مشتركة مع عدد من الباحثين الأجانب ومنهم باترك هانى، وآلان جريش. تخرج تمام فى كلية الآداب جامعة الإسكندرية عام 1996 وعمل محررا صحفيا فى البداية، ومع عام 2000 اتجه إلى التحليل ودراسة الحركة الإسلامية، ويعد من أكثر الباحثين تميزا فى تحليل التيار الإسلامى لا فى مصر فقط، ولكن فى عديد من الدول العربية، حيث ذهب فى جولات متعددة إلى الجزائر والمغرب، وقام بإعداد مجموعة من الدراسات عن التيار الإسلامى هناك، وكذلك دور الدعاة الجدد والمرأة، فى المغرب العربى، وكشف أن المرأة هناك أكثر تمسكا بالدين الإسلامى، على الرغم من غلبة العلمانية على نمط الدولة. عمل تمام أستاذا محاضرا فى عدد من الجامعات الغربية فى فرنسا وإنجلترا، وأسس عددا من المواقع المتخصصة فى رصد الحركة الإسلامية، مثل وحدة الإسلام السياسى فى موقع «إسلام أون لاين»، كما أسس موقع «الإسلاميون.نت» الذى يعد امتدادا ل«مرصد دراسات الظاهرة الإسلامية» الذى أطلقه تمام فى عام 2005، وكان يقوم على رصد وتحليل واقع وتاريخ الحركات الإسلامية ومساراتها، ويتنبأ بمستقبلها، بعيدا عن الانحياز الأيديولوجى، والتوظيف السياسى، والتخبط المعرفى.