يعلم الجميع أن الانتخابات التى جرت فى مصر كلها مزورة. وفى الثلاثين عاما الأخيرة، وفى عهد حسنى مبارك، كان تزوير الانتخابات منهجيا. وكان يتم التزوير سواء كان هناك إشراف قضائى أو لم يكن، فقد كان الدور الأساسى فى الانتخابات لوزارة الداخلية، فهى المسؤولة عن جداول الانتخابات واللجان وحول اللجان وداخل اللجان، بل وفيها إدارة خاصة لإدارة الانتخابات على رأسها لواء كبير. وعندما تشكلت لجان قضائية للانتخابات، أو للإشراف القضائى على الانتخابات، جعلها النظام شرفية، وأن يكون الأمر فى النهاية فى يد رجال الداخلية، يتحكمون فى نتائج الانتخابات كما يريدون. وحتى عندما جرت انتخابات الجولة الأولى من انتخابات 2005 بنزاهة (تقريبا)، وتحت إشراف القضاء، تم ضرب عرض الحائط بالنزاهة، واعتماد التزوير لإنجاح الحزب الوطنى. بل إن النظام بعد ذلك لم يعجبه حكاية الإشراف القضائى على الانتخابات، فألغى ذلك الإشراف فى «ترقيعاته الدستورية» وخرج وقتها البعض ليقول إن تلك «الترقيعات» بما فيها إلغاء الإشراف القضائى على الانتخابات إنجاز دستورى تاريخى! وجرى تشكيل لجنة انتخابية واحدة للبرلمان وأخرى للرئاسة، وكان يرأس الأخيرة المستشار ممدوح مرعى فى عام 2005، ونجح نجاحا عظيما فى تزوير انتخابات الرئاسة ليمنحه مبارك منصب وزير العدل بعد ذلك ليحاول أن يؤدب القضاة المستقلين الذين قالوها وبالفم المليان إن كل الاستفتاءات والانتخابات التى جرت فى مصر، وفى عهد مبارك طبعا «مزورة». وقد تولى المستشار محمد السيد عمر، رئيس محكمة الاستئناف، اللجنة الانتخابية لبرلمان 2010 وجرى ما جرى فيه من تزوير علنى فاضح، ولم يتحرك السيد المستشار، أو أى من أعضاء اللجنة، بل إنهم تركوا أمن الدولة، والحزب الوطنى ليضعوا النتائج كما يريدون، فكانت من أسوأ الانتخابات التى جرت فى مصر. واستبشر الناس بالثورة، وتخيلوا أن يكون هناك لجنة مستقلة للانتخابات، تكون شغلتها الانتخابات فقط بعيدة كل البعد عن جهات الإدارة فى الحكومة، وخصوصا الداخلية، وهو أمر معمول به فى دول ديمقراطية. وجاء الإعلان الدستورى الصادر عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة، «بعد الاستفتاء الذى جرى لإجراء تعديلات دستورية ولإعادة المادة الخاصة بالإشراف القضائى الكامل على الانتخابات» ليعيد الانتخابات إلى لجنة قضائية مستقلة، ويحيل إليها الإشراف الكامل على الانتخابات بدءا من مسؤوليتها عن جداول الانتخابات التى ستكون عن طريق بطاقة الرقم القومى، حتى إعلان النتيجة. وتم إسناد رئاسة اللجنة إلى المستشار عبد المعز إبراهيم الذى سيتولى رئاسة محكمة استئناف القاهرة فى سبتمبر، ويبدأ الرجل فى هيكلة اللجنة، وتشكيلها قضائيا، ليفاجئ الجميع بضم اللواء محمد رفعت قمصان، المسؤول عن إدارة الانتخابات فى وزارة الداخلية، عضوًا فى الأمانة العامة للجنة العليا للانتخابات، وهو الذى أسهم فى انتخابات كثيرة، لا انتخابات 2011 فقط التى تم تزويرها عن طريق سيطرة الداخلية، واللواء قمصان، وزملائه فى إدارة الانتخابات، وهو الذى تمت ترقيته فى حركة الشرطة الأخيرة. وهو يعود مرة أخرى للإشراف على الانتخابات، وضمن لجنة قضائية، وبالعضوية العليا فى تلك اللجنة. ليس هذا فقط، فقد استعان المستشار عبد المعز بالمستشار محفوظ صابر، وهو الذى كان أمينا عاما للجنة الانتخابات لبرلمان 2010، ليحتفظ أيضا بنفس المنصب فى اللجنة الجديدة. أفبعد ذلك يثق الناس فى هذه اللجنة التى لم تختلف كثيرا عن اللجنة السابقة برئاسة المستشار محمد السيد عمر، الذى أيضا أُسندت إليه رئاسة لجنة ضمن الأمانة العامة فى التشكيل الجديد ليكون مسؤولا عن تشكيل اللجان الانتخابية بالمحافظات، واللجان العامة، ولجان الفرز، واللجان الفرعية الخاصة بالانتخابات، وهو الذى ستنتهى خدمته فى الشهر المقبل لبلوغه سن المعاش؟ أى أنه استعان برئيس اللجنة السابقة، التى أجرت أسوأ انتخابات برلمانية ليكون عضوا فى الأمانة العامة إلى جانب اللواء قمصان. فهل يثق الناس فى تلك اللجنة! إنه الالتفاف الذى حدث على مطالب الثورة منذ البداية.