تذكرت التعبير القديم.. وأنا أسأل: أين أحمد عاطف؟ لا أعرفه ولم أقابله، لكننى شعرت بالخوف من طريقة الاختفاء.. كلمنى أصدقاء له، ورأيت النداء فى أكثر من برنامج. أحمد، منسق إضراب الأطباء، اختفى فى أثناء فترة عمله فى المستشفى.. وقبل انتخابات النقابة بأيام.. اختفى يوم الثلاثاء.. وسأل الأهل والأصدقاء فى كل مكان.. وكانت الإجابة واحدة: مش عندنا. أين اختفى؟ ما هذه الجهات الخفية التى يمكنها أن تخطف شخصا وتخفيه كل هذه الأيام؟ وائل غنيم اختطف فى الأيام الأولى من الثورة إلى مكان مجهول، عرفنا -بعد أن أفرج عنه- أنه تابع لأمن الدولة. هل هى أمن دولة قطاع خاص؟ أم جهاز يتولى مهمة أمن الدولة لأنهم لم يستطيعوا الاستغناء عنها.. وهم خجولون من ذلك؟ أين أحمد عاطف؟ هل خطف على طريقة أجهزة الأمن فى الديكتاتوريات العسكرية وآخرها فى سوريا؟ الاختطاف فى مصر ليس منهجا عموميا، ولم يتكرر إلا فى بعض الحالات التى تضمنت انتقاما شخصيا غامضا كما فى حالة رضا هلال، أو... تذكرت الآن أن الخطف والاختفاء تكرر بعد الثورة ولم تعرف هذه الجهات حتى الآن. هل هذه الجهات مع الدولة؟ أم ضدها؟ لو كانت مع الدولة لماذا تخفى نفسها وتخطف الناس فى مرحلة انتقالية لا يريد الحاكم فيها أن يستمر؟ هل أحمد عاطف خطر إلى هذه الدرجة؟ ممكن طبعا... لكن خطر على من؟ هل هو من الذين صدقوا أحلامهم، وعرفوا أن هذا البلد ليس ملك المستبد والحالمين بموقعه أو بمريديه. هل سمعتم عمن يريد تقبيل حذاء الضابط ليحميه؟ هل سمعتم من تطالب الضابط بصفعها وضربها فى مقابل حمايتها؟ هل سمعتم عن هذه الحكايات التى بالتأكيد أزعجت أحمد وأزعجتنا.. كيف أوصلونا إلى درجة رهن أمننا مقابل كرامتنا... حريتنا مقابل الأمان. هل أزعج أحمد أحدا إلى هذا الحد عندما دعا دعوة علنية إلى إضراب الأطباء لينالوا حقوقهم ولكى يشاركوا فى خدمة طبية محترمة؟! المستبد يستمتع بإهانة مواطنيه، يحولهم إلى متسولين للحقوق.. ويطالبهم بالتأجيل... دائما هناك طوارئ نؤجل فيها ما نريد من أجل «مصلحة البلد». وما مصلحة البلد إذا لم يكن بلدا محترما يضمن لنا الحقوق والأمن والعدل.. ولا يخطف فيه شاب ما زال قادرا على الحلم بالتحرر من قبضة المستبد. ماذا تريدون من أحمد عاطف؟ هل تعدون له ملفا؟ هل تجهزون له جريمة؟ من أنتم؟ هل أنتم اللهو الخفى الذى يتحرك بيننا ولا نراه.. يخطفنا ولا نعرف لماذا؟ اختفاء أحمد عاطف علامة خطر على أحوال الأجهزة الأمنية... هل ما زالت تعمل بالطرق القديمة التى ترى فيها أن المواطن يمكن أن يسحل أو يدهس أو يسحق... لصالح المصلحة العامة؟ ما المصلحة العامة؟ هى مصلحة الحاكم.. كما رأينا طوال 30 سنة، وكما يريد بعض المتمسكين بالعودة إلى ظلام الاستبداد. الأمن هو أمن الفرد العادى أولا وقبل كل شىء. ولا يكفى التنصل من تهمة اختطاف أحمد عاطف.. لكن لا بد من العثور عليه لأن هذا إعلان فشل جديد.