أدانت 16 منظمة حقوقية القتل والعنف خارج نطاق القانون غير المسبوقين على يد قوات الشرطة العسكرية وقوات الأمن المركزي ضد متظاهرين سلميين مؤيدين لحقوق المواطنين الأقباط في منطقة ماسبيرو وسط القاهرة يوم التاسع من أكتوبر الجاري، والتي راح ضحيتها ما لا يقل عن 25 قتيلا و300 مصابًا، بعضهم في حالة حرجة، بالإضافة إلى القبض على عدد غير محدد من المتظاهرين والأفراد والتحقيق معهم أمام القضاء العسكري، وتطالب المنظمات بتشكيل هيئة تحقيق مستقلة لا استثنائية، وترفض أن تتولى النيابة العسكرية التحقيق في القضية باعتبارها جزء من المؤسسة العسكرية التي يتهمها مصابين ومتظاهرين بالقتل، والتي لا يمكن اعتبارها طرفا محايدًا في هذه القضية. وطبقا لما تم توثيقه في لقطات الفيديو وشهادات شهود العيان على «جريمة ماسبيرو»، فقد قامت الشرطة العسكرية والأمن المركزي بتفريق المتظاهرين عن طريق استخدام المدرعات في دهسهم وإطلاق الأعيرة النارية عليهم، وقام المتظاهرون برشق أفراد الأمن بالحجارة وإحراق مدرعة تابعة للجيش، ثم قام الجانبين بتبادل التراشق بالحجارة. واتخذت الأحداث منعطفًا آخر عندما انضم لصفوف الجيش في هجومها على المتظاهرين حوالي الساعة التاسعة مساءا مواطنين بزي مدني، وتواردت الشهادات بأنهم من الأهالي المسلمين من منطقتي بولاق أبو العلا وغمرة، واستمرت عمليات الكر والفر وإطلاق الغاز المسيل للدموع والأعيرة النارية من أفراد الجيش والشرطة حتى ساعة متأخرة من المساء، كما ألقت الشرطة العسكرية القبض على عدد غير محدد من الأشخاص في نفس اليوم، وقررت النيابة العسكرية حبسهم خمسة عشر يومً على ذمة التحقيق. وتدين المنظمات الاعتداءات الواقعة على بعض القنوات، وتشير دلالات كثيرة بوجود صلة مباشرة بين هذه الأحداث وما تبعها من اشتباكات ذات صبغة طائفية بين أهالي المناطق المجاورة والمتظاهرين المؤيدين لحقوق الأقباط، والتحريض السافر من الإعلام الرسمي ضد المتظاهرين وقد شهد صباح الاثنين اجتماعا مشتركا بين المجلس الأعلى للقوات المسلحة والحكومة الانتقالية؛ للتباحث حول هذه الأحداث و نتج عنه إعلان المجلس العسكري عن تكليف مجلس الوزراء بتشكيل لجنة للتحقيق في أحداث ماسبيرو. ومن الجدير بالذكر أنه على مدار الشهور السابقة، فشل المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم والحكومة الانتقالية في الوصول لنتائج في سلسلة من التحقيقات أعلنا أنهما يجريانها مثل «كشوف العذرية للمواطنات المصريات المقبوض عليهن من ميدان التحرير، فض اعتصام ميدان التحرير 9 أبريل 2011 ومقتل مواطنين أثناء ذلك؛ مرورا بمقتل المواطن رامي فخري في كمين للجيش على طريق القاهرة-الإسماعيلية، وصولا إلى أحداث مسجد النور في العباسية مساء 23 يوليو 2011 ومقتل المواطن محمد محسن. وأبدت المنظمات الموقعة وعلى رأسها القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، الأندلس، مؤسسة حرية الفكر والتعبير والشبكة العربية تشككها في آليات التحقيق التي أعلن عنها المجلس منذ أن تولى الحكم، فإنها تعلن عن بالغ استيائها من افتقار خطاب رئيس مجلس الوزراء والمؤتمر الصحفي الذي عقده المجلس الأعلى للقوات المسلحة للحد الأدنى من المسئولية الواجب توافرها إزاء هذه الجريمة البشعة، حيث حرص كلا من المجلس والحكومة على توصيف أحداث القتل باعتبارها اشتباكات بين مجموعتين من المسلمين والمسيحيين وعناصر خارجية لم يحددا هويتها، وتجاهلا تورط ضباط وجنود القوات المسلحة التي يشير شهود العيان وتشير التقارير وكاميرات التلفزيون إلى مسئوليتهم المباشرة عن مقتل المتظاهرين، وبدلا من أن يفتح المجلس العسكري تحقيقا بشأن تغطية الإعلام الرسمي للأحداث فإنه أشاد بحياديته، وتجاهل مسئوليته في دعوة المواطنين للنزول لحماية الجيش، مما شكل تحريضا مباشرا على الاشتباكات الطائفية. لهذا، ترفض المنظمات الموقعة على هذا البيان لجنة تقصي الحقائق التي أنشأها مجلس الوزراء، وتطالب بتشكيل لجنة مستقلة من عناصر قضائية ومن المجتمع المدني بصلاحيات واسعة، تشمل استجواب أفراد من القوات المسلحة، للنظر في أعمال القتل خارج نطاق القانون ليلة 9 أكتوبر 2011 بماسبيرو، وكشف الحقيقة بشأن مجموعات ترتدي الزي المدني اشتركت في الاشتباكات، وهو المشهد الذي بات يتكرر كلما توترت الأجواء السياسية بين تجمعات الاحتجاج السلمية، وبين القائمين على إدارة البلاد. وأن يشمل التحقيق ملابسات الدعاوى التحريضية في الإعلام الرسمي ضد الأقباط، على أن تعلن اللجنة نتائج تحقيقاتها في مدة أقصاها ثلاثة أسابيع في مؤتمر صحفي، محددة الجناة والإجراءات القانونية واجبة التفعيل في هذا السياق حتى يحال جميع من يثبت تورطهم فيها، بمن فيهم ضباط وأفراد الجيش والشرطة إلى القضاء.