كلاكيت مئة مرة.. التليفزيون المصرى فى مرمى النيران، وقبل الحديث أؤكد للسادة الشاتمين سلفا والشامتين قرفا والمنددين مسبقا وسابقا والمتابعين قلقا، ولم أكن لأتكلم عن شخصى الفقير إلى رب السماوات. (إلا من ظلم) أقول فى البداية إننى واحد من ملايين المصريين الذين تابعوا الثورة فى منازلهم أو لجانهم الشعبية يعنى لم أنزل ميدان التحرير، وإننى واحد من عشرات العاملين بمبنى ماسبيرو ممن لم يعملوا أيام الثورة ولم يقترفوا زورا، وسبق أن كتبت مقالين وقتها انقلبت علىّ بسببهما دنيا أنس الفقى وماسبيرو، وأضيف أننى أيضا لم أشارك فى تغطية أحداث ماسبيرو الأخيرة وهذا جاء صدفة وربما حسن حظ. وبعد.. فأقول إن كل تغطيات الإعلام المصرى بتليفزيونه الرسمى وتليفزيوناته المستقلة جاء مخيبا لدافعى الضرائب والإعلانات. وقل لى اسم فضائية واحدة أرضت جميع الأطراف، أو قل لى اسم فضائية وحيدة التزمت أبجديات المهنة، فالحق أن الانقسام جاء مصبوغا بلون الفتنة الأحمر، فلو اعتبر الكثيرون أن التليفزيون الرسمى حرض على قتل المتظاهرين والغاضبين المسيحيين، وأنه استدعى المسلمين فى بولاق وعموم مصر على النزول للدفاع عن الجيش، فقد انتقلت تليفزيونات أخرى إلى الجانب الآخر، وأجّجت مشاعر المسيحيين وألّبتهم على الجيش دون اعتبار لمصلحة الوطن، و(نصحتك ما اتنصحت والطبع فيك غالب وديل الإعلام ما ينعدل ولو جابوا له أجانب)، و بعضٌ ممن تبرأ من تلك التغطية هو نفسه من أبطال موقعة الجمل الذين حرضوا على الثوار، وكثيرٌ ممن انتقد التليفزيون فى برامجه على فضائيته الخاصة هو من الفلول، ولو كل من عمل لدى الدولة فلول فيا عزيزى إذن كلنا فلول. هذه رسالة أقدمها لملايين المصريين مسلمين ومسيحيين، إخوانا مسلمين وسلفيين وليبراليين وأبريليين وكفائيين وفلول مسجونين أو هاربين أو راتعين فى الوطن فسادا، أرجوكم لا تصيبوا قوما بجهالة لم يرضوا عما جرى، ولم يشاركوا فيه، وخذوا موقفا غاضبا ولو بالمقاطعة الليلية لكل من يحاول كسب قدم شهرة على حساب جسد وطن مدهوس تحت المدرعات، ومتسرب نزيفا من أكمام كاهن، وملدوغ سما بذيل عقرب الفلول. الإعلام يا سادتى الكرام هو مصيبة مصر، الإعلام كله إلا قليلا مما ترك آل المهنة الأجانب وقليل ما هم، إلا قليلا ممن أحب مصر ولم ينافق مجلسا عسكريا أو كنيسة. الإعلام يحرق مصر، وكذلك كثير من الرموز الإسلامية والرموز المسيحية، فكما حرض مذيع أو مذيعة كذلك فعل بعض الكهنة، وكذلك كتب بعض الصحفيين. نريد إعلاما مصريا لا إلى اليمين ولا إلى اليسار، يتقى ربه ويراعى آداب مهنته. ونريد إعلاميين لا يزيدون فى التطرف إرضاء لتوجهات مالكى القنوات، ولا يبالغون فى الخنوع والتملق إرضاء لأى حاكم فى مصر، فبعض الزملاء تربى ونشأ وترعرع ورضى بشعار (مات الملك عاش الملك)، لا ينتظر أوامر من الملك الجديد، بل تحركه فطرته الفاسدة للبحث عما يتخيله يرضى ذلك الملك أو السيد الجديد. لقد دخلنا سباقا فضائيا مرعبا، يتقاتل على استضافة متحدثين يحترفون رش الملح على الجرح من كل الاتجاهات، ويتبارى مذيعوه ومذيعاته فى الإثارة طمعا فى مزيد من شهرة موجعة. مصر الآن مريضة بداء تصفية الحسابات، ولكل منا شلته وجوقته وعداواته، ومصر الآن مريضة بالتشفى وبكيل الاتهامات وتدبيج الألسنة بالشتيمة والنقد المخل والجارح. مصر اليوم تحتاج إلى أخلاق إعلامية ومهنية وساعة نظام أو سكوت حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا. «رجاء خاص بالله وتالله، لو أصابعك فوق الكيبورد تأكلك لشتيمتى، فلا ترتكب معصية أو على أضعف الإيمان أرسلها فى رسالة وغفر الله لى ولكم ولمعشر الإعلاميين».