هل يمكن أن يكتفى الممثل بممارسة فنه بعد الضهر فقط، لأنه الصبح بيشتغل موظف فى التأمينات مثلا، أو يحدد «جمعة وسبت» لممارسة مهنة التمثيل، لأنه باقى الأسبوع يعمل مدرس إنجليزى بالحصة فى مدرسة ثانوى بنات؟ إنه منطق التمثيل فى أوقات الفراغ على طريقة: «أهى شغلانة على ما تفرج»، إما أن تفرج بشغلانة أخرى مضمونة، أو منصب كبير، أو زوج يستتها ويقعدها فى البيت، لو كانت ممثلة. إذن الفن بالنسبة لهؤلاء موجود ما دام مافيش غيره، وهم كثيرون، لن تبذل مجهودا فى التعرف عليهم، فسيماهم على وجوههم، ستجد معظمهم يتركون الفن عند أول محطة تخلصهم من هذا الهمّ، ثم يعودون إليه فيسبوا اليوم اللى رماهم على الشغلانة، ويلعنوه فى أحاديثهم الخاصة التى تدور فى منازلهم الفخمة التى اشتروها بأموال الفن. يتباهون برفض أهلهم كونهم فنانين لأنهم ولاد ناس، وتتعالى أصوات شكواهم من عملهم فى مهنة محرّمة، ووسط فنى زبالة، ويستشهدون بفلانة اللى مصاحبة المنتج الفلانى، ولا ينتبهون لأن حديثهم هذا هو الحرام بعينه، أغلى الأشياء فى حياتهم، غالبا لا علاقة لها بالفن، فلن تجد لأحدهم تصريحا من نوعية «عملى عندى فى غلاوة أولادى»، أو«شغلى بالنسبة لى مسألة حياة أو موت»، بينما قد تقرأ لهم تصريحات من عينة: «اعتزلت بعد الزواج، لأنى أصلا لم أكن متحمسة للفن كما هو معروف، لكنى سأعود للتمثيل بعد انفصالى عن زوجى». التصريح الأخير جاء على لسان إيمان العاصى فى حوار لها بمجلة «الكواكب».. حوار طويل عريض تفرغت فيه «الفنانة» للحديث عن واقعة اختطاف طليقها لابنتها وإخفائها عند حماة أخته! لكنها لم تنس أن تعلن خلال الحوار عن عودتها إلى الفن للمرة الرابعة «سبق واعتزلت مرتين لارتدائها الحجاب، ومرة بعد خطبتها الأولى فى 2008، والتى انتهت بالانفصال وعودتها إلى الفن، ثم اعتزلت بعد عودتها إلى خطيبها وزواجها منه العام الماضى، وها هى بعد انفصالها تعود إلى الفن بمنطق «..ورجعنا للهمّ تانى». إيمان العاصى ليست الوحيدة التى تعيش فى انتظار اللحظة «أى لحظة» التى ستخلصها من التمثيل، «وكأن عملها فى الفن جاء عن طريق مكتب التنسيق، وليس باختيارها»، فغيرها كثيرون ينتظرون نفس اللحظة، وحتى تأتيهم فهم يرفعون أكفهم يوميا بالدعاء: «إمتى بقى ربنا يتوب علينا من الخدمة فى البيوت». دون أن ينتبهوا لأن الفن أيضا يتعامل مع هؤلاء بمنطق الخدم، فدورهم الأساسى سيظل التخديم على أدوار نجوم وضعوا عملهم فوق رؤوسهم، ولم يستعلوا على فنهم يوما، فأعلاهم.