لأول مرة نحتفل بنصر 6 أكتوبر العظيم دون طلة أو طلعة مبارك الجوية.. إنه احتفال بطعم الثورة.. احتفال بإرادة شعبية تريد إعادة شكل العلاقة مع إسرائيل، التى أصبحت فى عهد مبارك وقيادتها، مستشاريه وأصدقاءه، بمن فيهم الذين قتلوا الجنود المصريين بدم بارد فى الحروب معهم.. وهناك الكثير الذى لم يكشف عنه حتى الآن فى تلك القضية. احتفال لكل جندى وضابط فى جميع الأسلحة الذين شاركوا فى الحرب ودافعوا بدمائهم عن التراب المصرى.. كانوا أبطالا جميعا فى صد العدوان الإسرائيلى المحتل للأراضى العربية. وأبرز نصر أكتوبر العظيم شخصيات مصرية عظيمة من نوعية الفريق سعد الدين الشاذلى، والمشير الجمسى والمشير محمد على فهمى.. والشهيد أمير الرفاعى ويسرى عمارة، وضباطا وجنودا فى جميع الأسلحة وفى قوات العمليات الخاصة التى قامت ببطولات فذة فى تلك الحرب وصنعت قصصا عظيمة سيخلدها التاريخ العسكرى. ومع كل تلك البطولات.. كان مبارك يريد أن يختزل حرب أكتوبر فى الطلعة الجوية.. حتى إن السنوات الأخيرة كانت الاحتفالات بذكرى نصر أكتوبر لا تتعدى الحديث والكلام عن الطلعة الجوية.. واستمرأ هذا الموضوع.. وبدأ فى التخلص من قياداته فى حرب أكتوبر.. فجرّد الفريق سعد الشاذلى من كل أوسمته وبطولاته.. بل أمر بسجنه ومحاكمته.. وترك رجلا فى قامة المشير الجمسى يموت فقيرا حزينا إلا من عزة نفسه وكبريائه واحترام الناس له ودوره العظيم فى القوات المسلحة ونصر أكتوبر العظيم. نحتفل اليوم بنصر 6 أكتوبر العظيم دون مبارك وطلعته الجوية وجوقته وموالسيه ومنافقيه الذين اختزلوا دور الجيش المصرى العظيم فى تلك الحرب فى الطلعة الجوية فقط، باعتبار أن مبارك كان قائدا للقوات الجوية، لدرجة أنه -مبارك- حذف وطمس صور شخصيات كانت موجودة فى غرفة العمليات، لأنها كانت تسبقه فى سلم القيادة.. وكان يأتمر بها.. وقد سوّلت له نفسه أن يفعل ذلك.. ولعل القائمين على الأمور الآن من قادة الجيش والمجلس الأعلى للقوات المسلحة يفرجون -الآن- عن جميع أصول الصور والروايات العسكرية فى ذلك النصر العظيم، الذى شارك فيه أبطال عظام سيخلدهم التاريخ وضباط وجنود قدّموا أرواحهم فداء للوطن، فى الوقت نفسه الذى استغل فيه مبارك هذا النصر العظيم لمصلحته الشخصية.. وحاول أن يكون بطلا أوحد على جثث زملائه.. هذا الرجل الذى أذل زملاءه فأذله الله.. وأصبح سجينا مهانا فى آخر أيامه.. فقد افترى على زملائه وعلى الناس جميعا.. وهو الذى لم يكن طموحه يتعدى أن يكون رئيسا لمؤسسة «مصر للطيران» (كانت مؤسسة لا شركة فى عام 1975) عندما طلبه الرئيس الراحل أنور السادات فى استراحة القناطر لتكريمه وتعيينه نائبا لرئيس الجمهورية ممثلا لرجال حرب أكتوبر، بعد أن تخلص السادات من قيادات نصر أكتوبر.. وإن كان جعل طموحه بعد ذلك سفير مصر فى لندن، باعتبارها بلد «إكسلانسات»، فقد كان يريد أن يكون «إكسلانس».. فأصبح بعد ذلك يمتلك مصر كلها.. فسعى فيها مفسدا فى البر والبحر والجو.. وبطريقة لا يمكن أبدا أن تتسق مع بطل من أبطال أكتوبر، ليسىء إلى زملائه الكبار وإلى القوات المسلحة وإلى الشعب المصرى.. وجعل من إسرائيل (العدو) حمايته، ومن قادتها مستشاريه وأصدقاءه، ومن بينهم من استشهد جنود وضباط مصريون على يديه. لكن كان رجلا فاسدا.. وأفسد البلد خلال حكمه الذى كان من أطول الفترات لحكام مصر.. وتلقى الرجل الرشاوى والعمولات والهدايا من الجميع فى الداخل والخارج.. ويصل الأمر به إلى أن يتلقى هدايا من موظفين يعينهم أو يأمر بتعيينهم على حساب مؤسسات الدولة والعاملين بها، كما كان يفعل معه إبراهيم نافع وحسن حمدى فى مؤسسة «الأهرام».. وكذلك غيرهم من رؤساء المؤسسات.. وهو ما جعل موظفيه وعصابته يتبعون الأمر نفسه.. وهو ما اعترف به أخيرا زكريا عزمى، رئيس ديوانه وأحد أفراد عصابته، من أنه كان يحصل على هدايا بالملايين من المؤسسات الصحفية، غير الهدايا التى كان يتلقاها من الرؤساء والقادة العرب، عند زيارته برفقة مبارك لتلك الدول. فما بالكم بهدايا ورشاوى مبارك نفسه؟! إنه أهان البلد فى فترة حكمه وأهان منصب الرئيس.. فلم يكن هناك بُد من خلعه بثورة 25 يناير العظيمة.. فتحية إلى الشعب المصرى والجيش المصرى فى ذكرى نصر أكتوبر العظيم.. وليتذكر العسكر الذين يديرون البلاد أن الشعب يريد حكما مدنيا فى دولة مدنية ولا يريد حكم العسكر.. فاستمعوا للشعب.. وانسوا من يغريكم بأشياء هى ليست لكم.. نشكركم على حمايتكم الثورة.. ولكن حان الآن الوقت لأن تتركوا الأمر لأصحابها.. حتى يذكروكم بالخير.. وكل عام وأنتم بخير.