ثمة أسباب كثيرة جدا دفعت المصريين إلى الثورة على نظام حكم عائلة مبارك، وإذا أردنا أن نبحث في هذه الأسباب جميعا، فلن تكفينا كل صفحات هذه الصحيفة! ومن ثم سنتوقف -الآن- عند سبب واحد من أسباب الثورة، وهو علاقة مبارك ونظامه الفاسد مع العدو الصهيوني. على الرغم من أن النظام الساقط، كان كثيرا ما يتحدث عن حسني مبارك باعتباره قائد الضربة الجوية، الذي فتح الطريق بسلاح الطيران أمام قواتنا المسلحة لتحقيق انتصارنا العظيم في حرب أكتوبر المجيدة. فإن المواقف العملية لنظام الحكم تجاه حكومات إسرائيل المتعاقبة، كانت في غاية التراجع والتخاذل بل والانبطاح الكامل. ولنتأمل في بعض الأمثلة القليلة، حين شارك النظام الساقط في حصار أهلنا في غزة، ومنعه حتى للمعونات الإنسانية من الدخول إلى القطاع المحاصر بالعدو الإسرائيلي من جهة، وبنظام الحكم المصري من جهة أخرى! ولعلنا نتذكر رد فعل الحكومة المصرية، لقتل جنودنا المرابطين على الحدود بالرصاص الصهيوني. هذه الجرائم المتكررة، كيف كنا نتعامل معها أو نرد عليها؟ الإجابة: بالصمت، إذ لا نرد عليها إطلاقا! حتى وصل الأمر إلى ضرب الحدود المصرية بالقنابل، والصواريخ من قبل الطائرات الإسرائيلية، وسقوط شهداء من العسكر والمدنيين المصريين.. كل هذه الجرائم تتوالى بلا أي رد فعل من نظام مبارك! ولا ننسى موقف النظام المصري المخزي من الجواسيس الإسرائيليين! فبعد عمل أجهزة المخابرات الشاق، وبعد القبض عليهم، ومحاكماتهم محاكمات قضائية عادلة، ثم صدور الأحكام ضدهم، بعد كل هذا يفرج عنهم فجأة حسني مبارك، ويسلمهم سالمين إلى إسرائيل! تصرفات كثيرة جدا، أصابت المصريين بالشعور بالخزي والعار من هذا النظام المنبطح تماما أمام الأعداء، والمستأسد –في الوقت ذاته– أمام شعبه الصبور! إلى أن وصلنا إلى موضوع تصدير الغاز إلى إسرائيل بأبخس الأسعار! هذا الأمر الذي فضح النظام تماما، وعراه أمام شعبه، إذ من يستطيع أن يدافع عن تبديد ثروات الأجيال القادمة –فالعقد لمدة عشرين عاما كاملة– من أجل تنمية اقتصاد شعب إسرائيل ورفاهيته! ورفع موضوع الغاز الطبيعي إلى القضاء المصري، وصدر أكثر من حكم قضائي بوقف تصدير الغاز إلى إسرائيل. فهل التزم نظام عائلة مبارك بتنفيذ أحكام القضاء؟! إن أي نظام حكم لا بد له من شرعية مستمدة من الشارع، وهذه الشرعية تبنى على مجموعة من الأسس، منها كيفية تعامله مع القوى المعادية للوطن، والآن لنا أن نتساءل عن سر تصدير الغاز لإسرائيل، بعدما هرب حسين سالم، وتخلصنا من حسني مبارك وعائلته، ومن عمر سليمان المنسق العام مع إسرائيل، ثم تخلصنا أيضا من أحمد شفيق وتاريخه؟ وقد تكرر تفجير خط الغاز الواصل لإسرائيل، فبعد الثورة، وقبل رحيل المخلوع بدأ تفجير خط الغاز، يفجر ثم يتم إصلاحه، ويعود الغاز إلى إسرائيل، أربع مرات متتالية! فمن -يا ترى- يقف وراء وصول الغاز المصري إلى إسرائيل؟!