يرى الفيلسوف المصري إمام عبدالفتاح أن دور التربية الأخلاقية السليمة، ودور وسائل الإعلام المختلفة من صحف وفضائيات، أحد أهم الوسائل لخلق حكم ديمقراطي سليم. "اجعل يدك أسرع ما تكون إلى المعاجم والقواميس، واجعلها أقرب الأشياء إلى نفسك، واجعلها جزءا منك"، تلك النصيحة قدمها أديب الفلاسفة وفيلسوف الأدباء الراحل زكي نجيب محمود لتلميذه النجيب الذي غادر دنيانا أمس عن عمر يناهز 85 عاما ومئات من المؤلفات والمترجمات والأفكار، المترجم إمام عبدالفتاح إمام أستاذ الفلسفة بالعديد من الجامعات، وعضو اتحاد كتاب مصر، وعضو الجمعية الهيجلية بكندا، الذي أثرى المكتبة العربية بالموسوعات الفلسفية التي ترجمها أو أشرف عليها، فضلًا عن إسهاماته النبيلة في تقديم عدد من المترجمين على الساحة الفكرية. قال إمام عبد الفتاح في لقاء تليفزيوني أجرى معه قبل وفاته ب4 أعوام، إن معظم ما قرأ وما كتب وما ترجم يدور في إطار تخصصه الفلسفي، ونصح القارئ العادي ألا يبدأ بهذه الكتب التخصصية، وأن يصب اهتمامه في الكتب الثقافية العامة، ورشح للجمهور من أعماله "الطاغية، الأخلاق، والسياسة، الديمقراطية والوعي السياسي" ومن قال إمام عبد الفتاح في لقاء تليفزيوني أجرى معه قبل وفاته ب4 أعوام، إن معظم ما قرأ وما كتب وما ترجم يدور في إطار تخصصه الفلسفي، ونصح القارئ العادي ألا يبدأ بهذه الكتب التخصصية، وأن يصب اهتمامه في الكتب الثقافية العامة، ورشح للجمهور من أعماله "الطاغية، الأخلاق، والسياسة، الديمقراطية والوعي السياسي" ومن ترشيحاته سنقدم في السطور التالية عرضًا لكتابه "الطاغية". بذل إمام عبدالفتاح مجهودًا يحسد عليه في الكتاب الذي قدمه في أربعة أبواب وتسع فصول في 363 صفحة من القطع الكبير، حيث تناول بالبحث والشرح والتدقيق فكرة الطغيان من مراحل تاريخية وبقاع جغرافية متعددة، وأبدع فيه بتقديم مصطلحات، وضرب أمثلة، وعرض أفكارا غائبة عن الوعي العربي لحد كبير، وتطرق لمصطلح "الطغيان" منذ بدايات التاريخ وحتى يومنا الراهن، بأفكار غنية وتفسيرات وتوضيحات، من الجوانب الفلسفية والتاريخية والاجتماعية والنفسية، ولا يكتفي فقط بالسرد والتقديم، وإنما يتفنن في الإسقاط على الواقع. ينتقد الكاتب في هذا العمل فكرة "المستبد العادل" ويرى أن أول ظهر له كمصطلح كان في أوروبا، واستخدمه في البداية المؤرخون الألمان للتعبير عن نظام معين في الحكم في تاريخ أوروبا، وتناول مسألة استغلال الدين في دول العالم الغربي من قبل الطاغية وارتدائه لباس الدين، وتمرير سياساته وممارساته القمعية من خلاله وباسمه، والدين من أفعال هؤلاء الطغاة بريء، ويذكر أن اليهود هم أول من حاولوا إقامة الدولة الدينية من بين الديانات السماوية، وهم أول من صاغوا مصطلحات تبرر هذا، مثل مصطلح "الثيوقراطية" وهي حكم الكهنة أو الحكومات الدينية، كما أطلقه اليوناني جوزيفوس فلافيوس في القرن الأول الميلادي. وتطرق إلى إسهامات بعض المفكرين والفلاسفة الأوروبيين في تحليل ظاهرة الطغيان، وسبل مقاومته، مثل الفيلسوف مونتسيكو، وجان جاك روسو، أمانويل كانط، جون ستيورات مل، بالإضافة إلى "هيجل" الذي ينتمي إمام عبد الفتاح إلى مذهبه الفلسفي، حيث عرف باسم "مترجم هيجل". واتفق جميع الفلاسفة السابقون على أن مسألة الديمقراطية وحدها، هي حل ناجح للقضاء على ظاهرة الطغيان، أو على الأقل الحد منها، باعتبار أن ماهية الإنسان هي الحرية، بالتأكيد على ما يتبعها، استنادًا على قول جان جاك روسو" الحرية الكاملة تستتبع المسؤولية الكاملة". يقول إمام عبدالفتاح إن مواجهة الطغيان تكون بالديمقراطية، وشدد على أن الديمقراطية في عالمنا العربي لا يجب أن تكون نسخة عن الديمقراطية الفرنسية أو الألمانية أو الأمريكية، ولكن يفضل أن تكون هي الديمقراطية التي تلائم الخصوصية التاريخية والاجتماعية والحضارية، والتكوين العام لشعوب بلادنا العربية. وضع إمام عدة خطوات تمهد الشعوب للحكم الديموقراطي أولها التربية، وبها نعود الطفل على احترام الرأي والرأي الآخر، وكرامة الإنسان وقيمته، ونعلمه معنى التفكير الحر ونكوّن في عقله احترام القانون، ورأي الأغلبية، وشدد على دور أجهزة الإعلام المختلفة، مثل الإذاعة، التليفزيون، الصحف، فكلها يمكن أن تقوم بدور بالغ الأهمية لبث المبادئ الديمقراطية، بطرقها المختلفة للجمهور.