تستعد مصر يوم 21 يونيو الجاري لاستضافة بطولة كأس الأمم الإفريقية في نسخة مميزة يشارك بها 24 منتخبا إفريقيًا لأول مرة في تاريخ المسابقة التي تجرى في 4 محافظات «رغم اختلاف اللسان وإن البشر ألوان متفرقين في النوايا والشكل والأديان لكن آلهنا واحد رب البشر واحد بالحب جمعنا».. كطفلة لا تملك من الحياة سوى 12 عاما، كانت هذه الكلمات بمثابة رؤية مختلفة للحياة، فتحت لها بابا جديدا تنظر منه إلى الآخر، القصة بالنسبة لها كانت أكبر من أغنية رسمية ترحب بالمنتخبات الإفريقية ومشجعينهم، على أرض وادي النيل وحضارة وادي النيل، القصة كانت قصة تسامح وتقبل للآخر كما هو، وأنه مهما وصلت درجة الاختلاف فالمحبة هي التي ستحكمنا في النهاية، مع هذه الكلمات عرفت الطفلة أن لها وطنا كبيرا يدعى «ماما إفريقيا». «كلنا إنسان»، الأغنية التي كتبها الدكتور مدحت العدل، وغنتها الفنانة سميرة سعيد، كانت أكبر من مجرد أغنية رسمية لكأس الأمم الإفريقية، التي نظمتها مصر في عام 2006، كانت درسا في الانتماء والحب: الانتماء للقارة الإفريقية التي ظلت مصر لسنوات طويلة بعيدة عنها حتى ظن الأفارقة أننا انسلخنا عنهم وكرهنا هويتنا «كلنا إنسان»، الأغنية التي كتبها الدكتور مدحت العدل، وغنتها الفنانة سميرة سعيد، كانت أكبر من مجرد أغنية رسمية لكأس الأمم الإفريقية، التي نظمتها مصر في عام 2006، كانت درسا في الانتماء والحب: الانتماء للقارة الإفريقية التي ظلت مصر لسنوات طويلة بعيدة عنها حتى ظن الأفارقة أننا انسلخنا عنهم وكرهنا هويتنا الإفريقية، والحب للون الأسمر ولكل ما يتعلق بقارتنا. الأغنية كانت دافعا لطفلة -ستخوض بعد أيام قليلة امتحانات منتصف العام في الصف الأول الإعدادي- ألا تعطي للمذاكرة حيزا كبيرا من وقتها، لتشاهد حفل افتتاح البطولة في التلفاز بانبهار، ومن بعده تصر على مشاهدة كل المباريات حتى التي لا يشارك فيها المنتخب الوطني، لتتعرف إلى إفريقيا بأقدام اللاعبين أبنائها، تسمع حكايات عنهم وعن بلدانهم، ترى الأفارقة يشجعون، يرتدون ملابسهم التقليدية، لديهم طقوس مختلفة، تمنت لو كانت معهم في الاستاد تشجع مثلما يفعلون تتعرف على كل واحد منهم: حضارته، تاريخه، ثقافته. وقتها أصرت هذه الطفلة أن تدون في كشكول خاص بالبطولة، أرقاما لكل المباريات: أسماء اللاعبين المشاركين، من منح بلاده هدفا، من حصل على إنذار، ومن تم طرده، أهم التفاصيل لكل مباراة، حتى الوقت الضائع الذي يحتسبه الحكم، علها تقابل يوما، مواطنا إفريقيا كان منتخب بلاده يشارك في البطولة، فتخبره أنها تعرف عنه الكثير، نعم كانت طفلة ساذجة، فمعرفة الدول تكون بتاريخها وحضارتها. بعد 13 عاما، مصر تنظم كأس الأمم الإفريقية، في نسخة جديدة مختلفة يشارك فيها 24 منتخبا، بعد أن تم سحبها من دولة الكاميرون، أصبحت الطفلة شابة، سعت للحصول على «FanID» لتشجع منتخب بلادها، لكنها في الحقيقة تطمح في الذهاب للاستاد علها تكتسب صديقا من كل دولة مشاركة، فيخبرها الكثير عن بلاده، فهي لا تعرف الكثير لمجرد امتلاكها في يوم ما كشكول به أرقام. ومع اقتراب البطولة، كانت أغنية «كلنا إنسان» حاضرة، لا تكف الشابة عن الاستماع إليها ليل نهار، لا يدور في ذهنها سوى شيء واحد «يا ترى الأغنية الرسمية السنة دي هتكون بنفس الجمال والحب؟»، أمنيتها أن تسمع أغنية تزيد من انتمائها ل«ماما إفريقيا»، لكن قبل الإعلان عن الأغنية الرسمية للبطولة، تفاجئت بأغنية «الهباداباديم»، كإعلان لشركة اتصالات بمشاركة الفنان أمير كرارة. ورغم أنها رأت كلمات الأغنية ساذجة -كساذجتها حين ظنت أنها تعرف الكثير عن إفريقيا كونها دونت أرقاما في كشكول- حد البكاء من كثرة الضحك، فطبيعي أن يكون هناك ملعب وأن تكون «الكورة مدورة»، لكن بتركيزها مع الأغنية، كان اللافت لنظرها جملة «هبا دابا ديم.. تعويذة هترعب كله يا نجم»، فهل نحن حقا بحاجة لتعويذة لتشجيع منتخبنا؟ هل التعويذة لأن قارة إفريقيا معروف عنها السحر منذ زمن؟ لكن لماذا نرسخ هذه الفكرة عن إفريقيا؟ هذه الجملة ذكرتها بحال الإعلام الرياضي في كل مرة كان يلتقي فيها النادي الأهلي مع فريق أشانتي كوتوكو الغاني، معظم الحديث ينصب على السحر الأسود، وما يفعله المشجعون لإخماد قوة الفريق المنافس، دون النظر لتاريخ جماعة "الأشانتي" في النضال ضد الاستعمار البريطاني. ربما يرى البعض هذا الكلام مثالية زائدة عن الحد، وأن الأمر لا يزيد عن كونه مجرد أغنية ومحاولة ترويج طريقة جديدة للتشجيع، وأنني ذهبت بعقلي بعيدا في تحليل الأمور، لكن على كل حال ستذهب الطفلة للتشجيع بروح «كلنا إنسان»، فنحن لسنا بحاجة إلى تعويذة.