د. مجدي العفيفي عفوا يا شيخ خالد الجندي.. إسرائيل ليس هو نبي الله يعقوب..! عزيزي وصديقي الشيخ خالد الجندي أعرفك منذ زمن بعيد، كصحفي يتحرك في شارع الصحافة منذ نحو 50 عاما، وكرجل يعمل بالفكر والنقد، تحاورنا كثيرا، ولعلك تذكر ملف التحرش الديني، في صفحتين متقابلتين في قلب جريدة الأخبار، وكان ملف مناظرة بينك وبين الأستاذ مدحت قلادة رئيس اتحاد المنظمات القبطية في سويسرا والدكتور سعد الدين الهلالي، وحلق هذا الملف في فضاء كثير من دول العالم، وكان له رد فعل دولي بين الكنائس والهيئات والمنظمات والجاليات والمجتمعات المسيحية في أوروبا وأمريكا. أتابعك كعالم جليل، وكشيخ (حقيقي) من شيوخ الأزهر العظيم، لك خطراتك الإيمانية الجميلة، ولديك حضورك الإنساني، وتمايزك بالكثافة العلمية، والذاكرة المتدفقة ذات السعة العالية. عفوا يا شيخ خالد الجندي.. إسرائيل ليس هو نبي الله يعقوب..! عزيزي وصديقي الشيخ خالد الجندي أعرفك منذ زمن بعيد، كصحفي يتحرك في شارع الصحافة منذ نحو 50 عاما، وكرجل يعمل بالفكر والنقد، تحاورنا كثيرا، ولعلك تذكر ملف التحرش الديني، في صفحتين متقابلتين في قلب جريدة الأخبار، وكان ملف مناظرة بينك وبين الأستاذ مدحت قلادة رئيس اتحاد المنظمات القبطية في سويسرا والدكتور سعد الدين الهلالي، وحلق هذا الملف في فضاء كثير من دول العالم، وكان له رد فعل دولي بين الكنائس والهيئات والمنظمات والجاليات والمجتمعات المسيحية في أوروبا وأمريكا. أتابعك كعالم جليل، وكشيخ (حقيقي) من شيوخ الأزهر العظيم، لك خطراتك الإيمانية الجميلة، ولديك حضورك الإنساني، وتمايزك بالكثافة العلمية، والذاكرة المتدفقة ذات السعة العالية. وأنا دائما أبحث عن محاورة العلماء المستنيرين الذين يتحدثون لغة الأعماق البعيدة، وليس علماء الظاهر الذين وصفهم الإمام الغزالي بأنهم زينة الأرض والملك، فأين هم من علماء الباطن.. زينة السماء والملكوت.. ومثل علماء السوء كمثل صخرة وقعت على فم النهر، لا هي تشرب الماء، ولا هي تترك الماء يخلص إلى الزرع طبقا وأنا دائما أبحث عن محاورة العلماء المستنيرين الذين يتحدثون لغة الأعماق البعيدة، وليس علماء الظاهر الذين وصفهم الإمام الغزالي بأنهم زينة الأرض والملك، فأين هم من علماء الباطن.. زينة السماء والملكوت.. ومثل علماء السوء كمثل صخرة وقعت على فم النهر، لا هي تشرب الماء، ولا هي تترك الماء يخلص إلى الزرع طبقا لتوصيف نبي الله عيسى عليه السلام، وعقوبة هؤلاء موت القلب، وموت القلب هو طلب الدنيا بعمل الآخرة، طبقا لمقولة الحسن بن علي رضي الله عنه.. وتأسيسا على ذلك أهمس إليك بقطعة مشتعلة من تجليات النار في شهر النور... 1- رأيتك على الشاشة في برنامجك (لعلهم يفقهون) وهو عنوان صادم إذ يفكر لنص البرنامج إلى حد كبير، رغم المسحة الاستعلائية إلا قليلا، كنت تتحدث موجها المسلمين في العالم: إن شتم كلمة (إسرائيل) حرام شرعا لأنها في الأصل اسم نبي، ولها مكانة خاصة في الإسلام. إن (على المسلمين في الأساس ألا يشتموا أحدا)، وفي منظورك أن كلمة إسرائيل تعني "في اللغة العربية عبد الله، وقد أطلقت على النبي يعقوب بن إسحق". وتابعت: (النهي عن شتم الكلمة يأتي بمعزل عن الموقف من دولة إسرائيل)، وشددت في الوقت ذاته (على حالة العداء معها حتى تعيد المسجد الأقصى في القدس). 2- الصهاينة يستغلون كلامك يحورونه ويبدلونه ويسوقونه بكل (رذالة الصهيونية المعهودة والمألوفة) وهو ما حدث من قبل وزارة خارجيتهم... فقد استغلت وزارة الخارجية الصهيونية فتوى الجندي واحتفت بها، ووضعت صفحة «إسرائيل بالعربية» التابعة لوزارة الخارجية الإسرائيلية مقطعا مصورا للداعية وهو يشرح فتواه، وكتبت تغريدة عبر صفحتها الرسمية على تويتر: «هل تعلم أن شتم إسرائيل محرم؟ جاء ذلك على لسان الشيخ خالد الجندي الداعية المصري المعروف عبر قناة DMC المصرية في حوار مع اثنين من علماء الأزهر». 3- أنت أيها الشيخ الجليل لم تتطرق إلى هذه الإشكالية طوال عمرك، فلماذا الآن؟ الوقت ليس مناسبا، والأجواء ملتهبة، والهمجية الصهيونية في أرض فلسطين تزداد توحشا، والعداء على أشده في كل مكان، اللهم إلا في مكاتب (بعض الحكام إياهم).. 4- أنا لم أذكر اسم هذا الكيان الصهيوني طوال 50 عاما في شارع الصحافة، لا في وجودي بمصر ولا في وجودي عمرا طويلا خارجها، وفي عشرات الصحف والمجلات عربيا وأجنبيا. وكم شتمني كثير من باحثين في هذا الكيان حين كشفتهم بعد معاهدة السلام كامب ديفيد وفضحت لعبة التهافت على ترجمة روائع كبار المبدعين المصريين (واسأل الدكتور إبراهيم البحراوي الذي كان يشرف على صفحة كيف تفكر إسرائيل عام 1979 بالأخبار)، وقد كشفت ألاعيب أخرى في رسالتي الدكتوراه عن سرديات يوسف إدريس ونزعت القناع من وجه الناقد الصهيوني (ساسون سوميخ)... وهذا حديث يطول... 5- لماذا تعطي فرصة للهجوم عليك أيها العالم؟ أين أنت من (ادرأوا الحدود بالشبهات) أنت في غنى عن ذلك، وحديثك هذا لا يضيف لك جديدا، وإن كان ينتقص منك سياسيا، والدين سياسة كما تعرف.. أليس كذلك؟ 6- هذه الأمور لا تعني الناس في شيء، لدينا ما هو أهم وأخطر، فلا ينبغي أن ينطبق علينا قول الإمام أبي حامد الغزالي قبل ألف عام (ما أشد حماقة من تدخل الأفاعي والعقارب تحت ثيابه وهمت بقتله، وهو يطلب مذبة يدفع بها الذباب عن غيره، ممن لا يغنيه ولا ينجيه، مما يلاقيه من تلك الحيات والعقارب إذا همت به). 7- أيها الشيخ الباحث.. ثمة دراسات علمية حديثة مستنيرة تشير إلى أن (إسرائيل) ليس هو النبي ( يعقوب...) وأن (الأسباط ليسوا أبناء يعقوب...) وأحيلك على عشرات البحوث الأكاديمية النزيهة، وكل ما هو أكاديمي لا بد أنه نزيه نزاهة علمية.. وكل طرح علمي يؤخذ منه ويرد عليه.. ومنها ما خلص إلى أن: انتشار مفهوم أن الأسباط هم أبناء النبي يعقوب، والقرآن ذكر أن الأسباط هم أنبياء، ومن المعلوم أن أبناء يعقوب عليه السلام معظمهم تآمروا في عملية محاولة قتل النبي يوسف عليه السلام، وكذبوا على أبيهم، وجعلوه يدخل في حالة حزن شديد حتى ابيضت عيناه من الحزن، فهل هذا عمل أنبياء؟ بينما يذكر النص القرآني أن الأسباط قد أوحي إليهم ومدحهم الله عز وجل وذكرهم مع أئمة الهدى عليهم السلام. قال تعالى [وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبورا] النساء: 163، [وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى]، البقرة: 136، فالأسباط ليسوا أبناء يعقوب، وإنما هم أنبياء وأئمة للناس. 8- ومن الافتراءات أيضا..أن اليهود افتروا كذبة خطيرة ليجعلوا لهم نسباً إلى أئمة المجتمع الإنساني إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ويوسف عليهم السلام جميعا، فقالوا: إن إسرائيل هو يعقوب، ولصقوا أنفسهم بنسب بني إسرائيل، وبالتالي صاروا من ذرية يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليه السلام جميعا. والصواب هو أن إسرائيل ليس يعقوب، وإنما إسرائيل هو رجل صالح له ذرية كبيرة استمرت في عملية التكاثر وتداخلت مع ذرية يعقوب وذرية نوح عليهم السلام جميعا. قال تعالى: [أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا...] مريم: 58. فقد ذكر النص ذرية إبراهيم وقطعا يعقوب داخل في الخطاب كونه ابن إسحاق بن إبراهيم فهو من ذريته، وعند ما تم عطف إسرائيل على النبي إبراهيم دلَّ ضرورة على أنه ليس من ذريته، وإنما يشترك معه في نسبه إلى آدم المصطفى مثل النبي نوح عليه السلام، فهم أبناء عم مع فارق الزمن بينهم، فإسرائيل رجل صالح ليس نبيا، دلَّ على ذلك قوله تعالى [كل الطعام كان حلاً لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة...] آل عمران: 93. وهذا صريح في نفي النبوة عن إسرائيل، إذ لو كان نبيا لما حرم على نفسه شيئا دون وحي من الله عز وجل، ولو كان نبيا وفعل ذلك لنزل الوحي وصحح ذلك مثل قوله تعالى [يا أيها النبي لما تحرم ما أحل الله لك]. ولم يذكر الله عز وجل إسرائيل أبدا بصفة النبوة، بينما يعقوب قد تم ذكره مع الأنبياء، ولم يحرم يعقوب على نفسه شيئًا أبدًا، رغم أن القرآن قد قصَّ علينا أهم أحداث حياة يعقوب عليه السلام، فبنو إسرائيل مثلهم مثل ذرية يعقوب وذرية نوح عليهما السلام، وكلهم من القبائل العربية التي تداخلت ذرياتها في حياتها الاجتماعية والاقتصادية، والخطاب في القرآن [يا بني إسرائيل] إنما هو للعرب، وكذلك خطاب التفضيل والإنعام عليهم. ودين الجميع هو الإسلام. أما اليهود فلم يذكرهم القرآن إلا بصيغة الذم واللعن، فهم طائفة لصيقة انتحلوا نسب بني إسرائيل ليوجدوا لهم موطئ قدم في التاريخ والمنطقة العربية. 9- تبقى الإشارة إلى أن نتيجة الاعتماد على التوراة اليهودية في دراسة القرآن أدى إلى زحزحة القرآن، وإحلال التوراة محله في بناء كثير من المفاهيم الإسلامية، وصياغة التاريخ، وبذلك يكون اليهود قد نجحوا في تحريف القرآن من حيث الفهم والدراسة، وجعلوا النص القرآني للتلاوة فقط والتوراة للدراسة والتدبر، فنحن أمة نتلو القرآن، ونقرأ التوراة. وبمعنى آخر ننظر إلى القرآن بعيون توراتية يهودية!! (الأسباط ليسوا أبناء يعقوب، ويعقوب ليس إسرائيل، سامر إسلامبولي، 8 أبريل 2007). 10- يا شيخنا الجليل خالد الجندي.. هذه ليست دولة.. هم كصهاينة يتمسحون في أي شيء بحثا عن وهم (التأصيل) فيزعمون أن لديهم (فولكلورا إسرائيليا)، وأى باحث في هذا المجال لا بد أن يسخر سخرية بلا حدود من هذه الأكذوبة، فالفولكلور للشعوب العريقة ذات الحضارة والتاريخ والأصول، وليس للكيانات الهشة المنقرضة أو يفترض ذلك..!