دكتوراه في فلسفة العلوم السياسية وخبيرة في العلاقات الدولية انتهت يوم الخميس الموافق 2 مايو مهلة الأشهر الستة التي منحتها الولاياتالمتحدة لثماني دول التي كانت تشتري النفط الإيراني لإعفائها من العقوبات الأمريكية المفروضة على طهران وهي: الصينوالهند واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وتركيا واليونان وإيطاليا. وكان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أعاد فرض هذه العقوبات في العام الماضي بعد أن أعلن انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي مع إيران، وهو اتفاق يقول إنه يريد إعادة التفاوض بشأنه، وهذا ما يدعو للتساؤل عن تداعيات هذه العقوبات على الداخل وعلى سياسة إيران الخارجية. انتهت يوم الخميس الموافق 2 مايو مهلة الأشهر الستة التي منحتها الولاياتالمتحدة لثماني دول التي كانت تشتري النفط الإيراني لإعفائها من العقوبات الأمريكية المفروضة على طهران وهي: الصينوالهند واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وتركيا واليونان وإيطاليا. وكان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أعاد فرض هذه العقوبات في العام الماضي بعد أن أعلن انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي مع إيران، وهو اتفاق يقول إنه يريد إعادة التفاوض بشأنه، وهذا ما يدعو للتساؤل عن تداعيات هذه العقوبات على الداخل وعلى سياسة إيران الخارجية. أولا: تداعيات العقوبات على الاقتصاد الإيراني: 1- التوجه نحو ركود اقتصادي: عاود الاقتصاد الإيراني النمو وارتفع الناتج المحلي الإجمالي بنحو 12.3% عام 2016، حسب ما يقول المصرف المركزي الإيراني في العام التالي لتنفيذ الاتفاق النووي، وعُزي هذا النمو الاقتصادي إلى قطاع النفط والغاز، بينما لم تتعاف القطاعات أولا: تداعيات العقوبات على الاقتصاد الإيراني: 1- التوجه نحو ركود اقتصادي: عاود الاقتصاد الإيراني النمو وارتفع الناتج المحلي الإجمالي بنحو 12.3% عام 2016، حسب ما يقول المصرف المركزي الإيراني في العام التالي لتنفيذ الاتفاق النووي، وعُزي هذا النمو الاقتصادي إلى قطاع النفط والغاز، بينما لم تتعاف القطاعات الاقتصادية الأخرى ومن ثم لم تف بآمال وتوقعات الإيرانيين. وفي عام 2017، انخفض معدل النمو ثانية إلى 3.7% ما ساعد في إشعال مشاعر الغضب التي أدت بدورها إلى اندلاع أكبر احتجاجات مناوئة للحكومة تشهدها البلاد منذ عقد من الزمن في ديسمبر 2018. بيد أن إعادة فرض العقوبات الأمريكية في عام 2018 التي استهدفت قطاعات الطاقة والنقل البحري والمال على وجه الخصوص، أدت إلى توقف الاستثمارات الأجنبية وأضرت كثيرا بصادرات النفط، نتيجة لذلك، انكمش الناتج المحلي الإيراني بنسبة 3.9% في عام 2018، حسب تقديرات صندوق النقد الدولي. وقال الصندوق أواخر أبريل 2019 إنه يتوقع أن ينكمش الاقتصاد الإيراني بنسبة 6% في عام 2019، ولكن هذه التقديرات سبقت القرار الأمريكي الأخير إنهاء مهلة الشهور الستة الممنوحة لبعض الدول لشراء النفط الإيراني. 2- انخفاض صادرات النفط الإيراني: وصل إنتاج النفط الإيراني في أوائل عام 2018 إلى 3.8 مليون برميل يوميا، حسب منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك). وكانت إيران تصدر آنذاك نحو 2.3 مليون برميل يوميا. وكانت الثماني دول التي منحتها الولاياتالمتحدة استثناءات من العقوبات التي تفرضها على طهران هي الصينوالهند واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وتركيا واليونان وإيطاليا. ونص قرار الاستثناء على أن مصارف هذه الدول سيسمح لها بمواصلة العمل والتعاون مع البنك المركزي الإيراني دون أن تتعرض لعقوبات أمريكية، شريطة أن تقوم بتقليل اعتمادها على مشتريات النفط الإيراني. وبحلول مارس 2019، انخفضت صادرات النفط الإيراني إلى 1.1 مليون برميل يوميا (كمعدل عام)، حسب ما تقول شركة SVB الاستشارية لشؤون الطاقة، حيث أوقفت كل من تايوان واليونان وإيطاليا شراء النفط الإيراني، بينما خفضت كل من الصينوالهند الكميات التي تستوردها بنسبة 39% و47% على التوالي. وقُدّرت حجم الخسارة الإيرانية أكثر من 10 مليارات دولار من الدخل نتيجة لذلك. 3- تدهور قيمة الريال: تمكن الرئيس روحاني وحكومته من المحافظة على استقرار سعر صرف العملة الإيرانية لأربع سنوات تقريبا، ولكن الريال فقد نحو 60% من قيمته مقابل الدولار الأمريكي في السوق غير الرسمية، منذ أعادت الولاياتالمتحدة فرض عقوباتها على طهران. إذ لا يستخدم سعر الصرف الرسمي للريال (42 ألف ريال للدولار) إلا في مجال ضيق من التعاملات، ولذا يلجأ معظم الإيرانيين إلى مكاتب الصرافة. ويقول موقع Bonbast.com إن هذه المكاتب تبيع الدولار لقاء 143 ألف ريال منذ ال30 من أبريل. ويعزى انهيار قيمة الريال إلى المشاكل التي يواجهها الاقتصاد الإيراني والطلب الكبير على العملة الأجنبية من جانب الإيرانيين العاديين الذين يشاهدون مدخراتهم وهي تتلاشى ويقلقون من أن الأوضاع قد تزداد سوءا. كان الريال قد استعاد بعضا من عافيته منذ سبتمبر 2018 عندما ضخ البنك المركزي الإيراني كميات من الدولارات في السوق المحلية، وتصدت السلطات للمضاربين في العملات عندما وصل سعر صرف العملة المحلية إلى 190 ألفا للدولار. وأدى تدهور سعر صرف الريال إلى شح في السلع والمنتجات المستوردة التي تعتمد على مواد أولية تستورد من الخارج، وعلى وجه الخصوص حفاظات الأطفال. 4- ارتفاع تكلفة المعيشة: تمكنت حكومة الرئيس روحاني من خفض مستوى التضخم إلى 9% في عام 2017، ولكن صندوق النقد الدولي يقول إن التضخم ارتفع إلى 31 % في عام 2018، ويتوقع أن يرتفع أكثر -إلى 37% أو أكثر- هذا العام اذا استمر انخفاض صادرات النفط. أثر تدهور قيمة الريال على أسعار السلع المستوردة سلبا وأيضا على المواد الأساسية المنتجة محليا. ففي الشهور ال12 الماضية، ارتفعت أسعار اللحوم الحمراء والدجاج بنسبة 57%، وأسعار الحليب والجبن والبيض ب37%، والخضراوات بنسبة 47%، حسبما يقول مركز الإحصاء الإيراني. وأدى ارتفاع الأسعار إلى ازدحامات كبيرة عند متاجر الأغذية التي تدعمها الحكومة، وخصوصا المتاجر التي تبيع اللحوم المدعومة. وفي محاولة منها لخفض الأسعار، حظرت الحكومة تصدير الماشية واستوردت جوا مئات الآلاف من البقر والخراف من الخارج. ولكن محللين يقولون إن بعض المزارعين الإيرانيين يبيعون اللحوم للدول المجاورة من أجل الحصول على العملات الصعبة. كما أن هناك خطة تهدف إلى استحداث نظام للكوبونات الإلكترونية لمساعدة الشرائح الفقيرة على شراء اللحوم وغيرها من السلع الأساسية. 5- تراجع معدل دخل الأسرة: يوجد نحو 3% من الإيرانيين (2.4 مليون نسمة) لا يتقاضون أكثر من 1.9 دولار في اليوم في عام 2016، كما تلقى الفقراء ضربة أخرى جراء ارتفاع أسعار السكن والخدمات الصحية بنحو 20 % في عام 2018. ثانيا: التداعيات على سياسة إيران الخارجية: 1- مما لاشك فيه أن العقوبات سوف تؤثر بشكل كبير على تحويلاتها لحلفائها في المنطقة، تحديدا حزب الله في لبنان والفصائل الفلسطينية، لكن الأثر الذي كان يبحث عنه ترامب لم يقع وأصبحت الحاجة أكبر لتشديد الخناق وإن كان هذا على حساب بعض حلفاء واشنطن في العالم. ولهذا كان القرار بإلغاء الإعفاءات من شراء النفط الإيراني التي أعطتها واشنطن لثماني دول هي: الصينوالهند وكوريا الجنوبية واليابان وتركيا واليونان وإيطاليا وتايوان. 2- من المتوقع أن يجد هذا القرار الأمريكي بعض المقاومة من كل من الصين وتركيا، لأن الصين تصر على أن تجارتها مع إيران قانونية وإنه ليس للولايات المتحدة الحق في التدخل، بينما قالت تركيا إنها لا تتمكن من قطع علاقاتها ببلد جار لها. وبينما أطلقت أنقرةوطهران آلية لتأكيد استمرار عمليات الاستيراد والتصدير لم يتضح بعد ما إذا كانت الصين ستكتفي بالاعتراض أم أنها قد تطوّر اعتراضها إلى زيادة الاستيراد، مع وجود آلية جاهزة للدفع بالعملات المحلية. وفي حين تعوّل واشنطن على تجاوب تدريجي من بكين مع الإجراءات الأمريكية لما يمكن أن تتركه من تأثيرات كبيرة عليها، لا تبدو الصين حتى اللحظة معنية بالحسم سلبا أم إيجابا بشكل عملي، لكن ما جرى لمسه خلال الأشهر الماضية كان تفاوتاً في كميات النفط الإيراني المستوردة. وقد يكون لهذا الأمر علاقة برغبة الصين في الحصول على ثمن أفضل من إيران، ليس فقط على مستوى النفط بل في صورة فرص اقتصادية أخرى داخل إيران قد تكون بكين مهتمة بها. وفي هذا الإطار، لا يمكن تجاهل الهواجس المتبادلة بين البلدين، إذ إن شركة النفط الوطنية الصينية كانت فازت بعدة عقود لإصلاح وإدامة حقول نفطية في إيران بينها ازادغان الجنوبي غربي محافظة خوزستان في العام 2009، لكن طهران ألغت العقد في العام 2014 بسبب ما وصفته بعدم التزام الطرف الصيني بتعهداته. وقد تعزز استثمارات المؤسسات الصينية في الولاياتالمتحدة التردد الصيني في زيادة كمية النفط المستوردة من إيران التي تراجعت بعد العقوبات الأمريكية بنسبة الربع، وما يرسم مسافة واضحة بين الموقف السياسي والسياسة العملية في العلاقة بين بكينوطهران. ورفعت الهند بدورها مستوى وارداتها النفطية من إيران قبل الإعلان الأمريكي لتصل إلى 7 ملايين برميل في الشهر، بزيادة 35% عن المعتاد لتعويض النقص اللاحق، وهي وإن وضعت مع إيران آلية خاصة فإنها تسعى لتحييد نفسها عن لائحة الدول المستفزة لترامب مع ملاحظة مصالحها التي تبدو حتى اللحظة مرتبطة بالنفط الإيراني. فطهران تعطي نيودلهي مهلة 60 يوما للتسديد وتأمينا مجانيا على الشحن كما أن تعرفة الشحن منخفضة، ولا يمكن أن نتجاهل مشروع ميناء تشابهار جنوبي إيران على المحيط الهندي الذي يشترك البلدان في بنائه، وهو بالمناسبة معفي من العقوبات. ثالثاً: ملاحظات على العقوبات الأمريكية: 1- بداية يمكن القول إن الولاياتالمتحدةالأمريكية تريد إخضاع إيران وفق رؤيتها ومصالحها في المنطقة، ومن ثم فهي لا ترغب في وجود قوى نووية أخرى في المنطقة غير إسرائيل، ليبقى التوازن العسكري لصالح الأخيرة لتحقيق أمنها والحفاظ على وجودها، فضلا عن رغبة أمريكا في أن تحافظ على درجة التوافق في الرؤية بينها وبين إيران تجاه الدول العربية والتي تقوم على إضعافها وتفتيتها، وقد حدث ذلك ونجحت في تنفيذه إيران على الأرض في كل من العراقوسوريا التي عملت جاهدة من خلال تشكيل جماعات مسلحة، فضلا عن دور أجهزتها الأمنية والعسكرية وأدواتها الأخرى وعلى رأسها حزب الله اللبناني في العراق على تقسيم الدولة إلى ثلاث دويلات، وهو السيناريو الذي كررته في سوريا وبالفعل قسمت الدولة إلى دويلات صغيرة. 2- كان للوجود الإيراني العسكري المكثف في سوريا وبناء قواعد عسكرية لها بالقرب من هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967، أن جعل من إيران دولة جوار مباشر ومصدر تهديد للأمن الإسرائيلي، وهو الأمر المرفوض إسرائيليا وأمريكيا، مما صعد بين أمريكاوإيران والتي استخدمت كل أدواتها للضغط على إيران للخروج نهائيا من سوريا، ولذا صدر قرار ترامب بالاعتراف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان، وذلك لتأمين حدودها من ناحية وللاستهلاك الداخلي لإرضاء اللوبي اليهودي بالداخل الأمريكي للوقوف مع ترامب في الانتخابات الرئاسية القادمة في 2020، فضلا عن القرار السابق لذلك بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس. 3- تستخدم أمريكا العقوبات الاقتصادية للضغط على النظام الإيراني بتهديده بعدم البقاء في السلطة، من خلال تضييق الخناق على الشعب الإيراني اقتصاديا للثورة على النظام من وقت لآخر لإخضاع النظام للمثول للمطالب الأمريكية. كما تهدف إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من فرض العقوبات إلى تجفيف منابع العملات الصعبة التي تحصل عليها إيران، فتذهب بشكل مباشر نحو النفط، النبع الرئيس الذي يغذي خزينة طهران بما تحتاجه لتصنع تأثيرا ممتدا ومثيرا للجدل في منطقة الشرق الأوسط، بالتالي تصبح إيران غير قادرة على تأمين ما يكفي من دولار ويورو، لن يكون بإمكانها تسديد فواتير حلفائها ودفع رواتبهم وصناعة دعاية موالية لها تسهم في تثبيت أجندتها الإقليمية المناهضة لواشنطن وحلفائها في المنطقة. ويتقاطع هذا مع جزء كبير من المطالب ال12 التي كان وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، قد رفعها في مايو 2018 حين خرجت بلاده من الاتفاق النووي، والتي ينصب معظمها حول الدور الإقليمي لإيران والممتد من العراق إلى اليمن وفلسطين ولبنانوسوريا. 4- أن الهدف الأكبر لأمريكا من وراء إضعاف إيران اقتصاديا هو النيل من القوى الإقليمية الموالية لكل من الصينوروسيا في المنطقة، وبالتالي فإن إضعافها اقتصاديا سيضعفهم اقتصاديا أيضا، وسيقلل من نفوذهم في منطقة الشرق الأوسط، وسينال من المكاسب التي حققتها روسيا من جراء تدخلها في سوريا، وتقليل نفوذ روسياوالصين الدولي. 5- ترغب أمريكا في توجيه السياسة الخارجية الإيرانية نحو الشرق في آسيا الذي تتجه نحوها المصالح الأمريكية، خاصة أن إيران لديها أتباع من الشيعة منتشرون في العديد من الدول الآسيوية الذين يمكن استخدامهم لإضعاف هذه الدول ووقف تقدمها الاقتصادي، كما فعلت إيران في كل من العراقوسوريا. 6- يصعب القول بأن إيران يمكن أن تقلل من مكاسبها التي حققتها في الدول العربية، والتي أنفقت عليها الكثير وكان لها تأثيرها بالفعل على الاقتصاد الإيراني، وذلك لتحقيق الأمن القومي الإيراني -من وجهة النظر الإيرانية- فإضعاف العراق والإنفاق على ذلك من الميزانية الإيرانية أمر ضروري لتحقيق الأمن القومي الإيراني، ومد نفوذ إيران إلى دولة لبنان من خلال حزب الله الذي أصبح له دور سياسي مؤثر على القرار السياسي اللبناني والاقتصادي والأمني، فضلا عن دعم جماعة الحوثيين في اليمن ليكون لهم دور في التسوية السياسية القادمة بالإضافة إلى الدور المعروف لها في سوريا، الذي جعل لها القرار الأعلى في العديد من الأمور، خاصة أن كثيرا من الانتصارات التي حققها النظام السوري تعود إلى مشاركة الجيش الإيراني في هذه العمليات، وبالتالي ينتظر النظام الإيراني أن يجني ثمار سياساته من خلال المشاركة في قرارات الدول العربية، مما يصب في مضاعفة الدور الإقليمي الذي ترغب في أن تلعبه إيران في المنطقة لتحقيق أمنها القومي. وأخيرا، ومما سبق يصعب القول إن الهدف الأمريكي المعلن وهو تصفير مبيعات النفط الإيراني، ولكن الضغط على إيران في سياستها الخارجية ولفك ارتباطها مع كل من روسياوالصين، والنيل من نفوذهما في المنطقة ومكاسبهما الاقتصادية والسياسية وإجبار إيران للتوجه شرقا. ولذا تحاول إيران أن تخفف من اعتمادها على النفط مقابل صادرات أخرى، في ميزانية 2019 /2020 كانت نسبة الواردات النفطية من مجمل الواردات أقل من 30% لكنها لا تزال بعيدة بنسبة 12% عن معدل 15% الذي يجب أن تصل إليه، حسب توصيات خطة التنمية الوطنية السادسة. وكانت النسبة قد تراجعت تدريجيا خلال السنوات الماضية بناء على ما يعرف في إيران بنظرية الاقتصاد المقاوم، التي أطلقها المرشد آية الله علي خامنئي، وهي بجزء منها تقوم على إنهاء الاعتماد على النفط وتعزيز الاكتفاء الذاتي وصناعة نموذج اقتصادي يمكنه الاستمرار تحت الضغوطات الخارجية، من الاتفاق النووي الإيراني. لكن تطبيق نظرية الاقتصاد المقاوم بالكامل كما ينظّر لها خامنئي، وهو ما ستؤدي إليه ضغوطات ترامب تدريجيا، سيعني أن إيران ستصبح أكثر انفصالا عن دائرة الاقتصاد العالمي، إلا ضمن استثناءات وستطوّر مع الوقت قدرة ذاتية على مواجهة إجراءات خارجية مشابهة. بالتالي، ومع افتراض تمكّن إيران من الصمود لعام ونصف آخر تحت العقوبات ومواءمة ظروفها معها، فهي ستتكيف بالحد الأدنى كما فعلت مع عقوبات سابقة، لكن الخبر السيئ عندها سيكون أن ظروف الاتفاق النووي في العام 2015 قد لا تعود ملائمة لها في المستقبل، تحديدا مع تحول الاتفاق في الظروف الحالية إلى عبء ثقيل على الداعمين لمساره بسبب العجز عن دعم مساره والانعكاسات السلبية للعقوبات. ويسير الصراع بين طهرانوالولاياتالمتحدة على الاتفاق النووي بموازاة اشتباك داخلي إيراني حول جدوى التفاوض مع الغرب بشكل عام وعقد اتفاقيات معه. وسيتجلى هذا الاشتباك بشكل أكبر في عناوين الانتخابات العامة الإيرانية، التي ستجري بداية عام 2020، وبدون شك في نتائجها التي ستحدد من سيفوز بأغلبية البرلمان قبل الانتخابات الرئاسية التي ستجري في صيف 2021.